العرب بين القمة والغمة!

نشر في 30-07-2016
آخر تحديث 30-07-2016 | 00:05
 محمد صالح السبتي انتهت الأسبوع الماضي أعمال القمة العربية التي اعتذر المغرب عن عدم استضافتها بحجة سوء الأوضاع العربية واستضافتها موريتانيا كأول قمة عربية تعقد في نواكشوط، وقد اعتاد عدد كبير من مثقفي العرب وشعرائهم أن يجلدوا أوضاع القمم العربية منذ كانت، ولعلنا جميعا نفعل نفس فعل مثقفينا باستهجان أوضاع هذه القمم التي لا نحتاج إلى معرفة بياناتها الختامية لأننا نعرفها سلفا! وما هذه القمم إلا نوع من المناسبات العامة البروتوكولية، وهي إلى الروتين أقرب منها للإنجاز!

لكن دعونا من حفلات الجلد التي يمارسها المثقفون ضد الأنظمة بكاءً على حال الأمة العربية ولنتفحص حال هذه الأمة بعيدا عن أنظمتها وقادتها، ولنرَ حال أحزابها السياسية وشعوبها التي يرتفع صوت ضحكها على حال القمم... كيف هو حالهم؟ وهل هو أحسن من حال تلك القمم؟

الحقيقة أن حال الشعوب، بما في ذلك الأحزاب السياسية وقادة الفكر والذين يضحكون على حال القمم ويوهموننا بأنهم سبيل الخلاص، لا تختلف عن حال قممنا... دعونا نسرد بعض حكاياتنا المخزية بعيداً عن جلد حال القمم... أهم ما نتندر به على حال الأنظمة العربية هو ما آل إليه وضع القضية الفلسطينية... أليس كذلك؟ يعلم الجميع أن الصراع ليس عربياً- إسرائيلياً أبداً، بل هو صراع عربي- غربي، فالغرب كل الغرب يناصر إسرائيل ويحميها، ولو قامت حرب ضد إسرائيل فلن تتوانى دولة غربية عن دخول هذه الحرب في صفها، إذاً هل المطلوب من قادة الدول العربية إعلان الحرب على الغرب كله! وإذا افترضنا أن هؤلاء المثقفين أو قادة هذه الأحزاب المتندرين على ما آل إليه حال القضية الفلسطينية في محل اتخاذ القرار فماذا كانوا سيفعلون؟ دعونا من الغرب وإسرائيل وحال القمم العربية... لننظر إلى حال أصحاب القضية الفلسطينية أنفسهم، كيف قامت حرب بين "فتح" و"حماس" حتى استأثر كل منهما بقطعة صغيرة من الأرض ليحكمها، وظلت حالة الحرب هذه إلى يومنا هذا! ماذا نريد من الغرب أو من القمم العربية أن تفعل للقضية الفلسطينية وأصحابها مشغولون بالحرب بينهم؟

وفي العراق سقط النظام القمعي لكن حرباً نشبت بين الشعب لم تنته منذ 13 سنة... فما مسؤولية الأنظمة أو القمم إزاء هذا الحال المتردي للعراق! أليست هذه مسؤولية الأحزاب والشعوب؟ في ليبيا كذلك سقط النظام الدكتاتوري لكن الأحزاب والشعب هناك تمارس قمعاً وعنفاً وقتلاً أبشع مما كان... اليمن ليس ببعيد عن هاتين الحالتين! وفي لبنان يعجز الشعب وأحزابه عن اختيار رئيس منذ أكثر من سنتين، كل هذا يمثل حقيقة حالنا بعيداً عن قممنا وقادة الأنظمة، فضلاً عن حرب طائفية ضروس تدور رحاها في كثير من الدولة العربية ولا نعلم ماذا يمكن أن يكون بعدها!

في وطننا العربي لا تستطيع أن تشتري صندوق طماطم دون أن تتفحصه لأنه يمكن أن يكون فاسداً بسبب عمليات الغش التي نمارسها يومياً في جميع المجالات، وفي أطهر بقعة من الأرض عند المسلمين في مكة المكرمة وفي أعظم المساجد عند المسلمين، المسجد الحرام، المسلمون هناك لا يأمنون على نعالهم من السرقة! فترى كل مصلٍّ يتأبط نعليه داخل المسجد الحرام خشية السرقة! هذه الموبقات مسؤوليتنا قبل أن تكون مسؤولية الأنظمة... إنها حالنا المتردية!

أوضاع الأمة العربية وجامعتها وقممها مأساوية بما يغني عن الشرح، لكن أوضاع الشعوب وأحزابها ومفكريها لا يختلف أبداً عن أحوال هذه الجامعة، نحن نستسهل الضحك على أحوال القمم العربية، لكننا نهرب من مواجهة حقيقة حالنا وحال أخلاقنا وأمانتنا وصدقنا وحسن تصرفنا، نمارس ما يسمى بعلم النفس عملية "الإسقاط". يعني باختصار... مشاكلنا مركبة!

back to top