High Light: الوعي السياسي أنقذ إردوغان

نشر في 30-07-2016
آخر تحديث 30-07-2016 | 00:10
 د. حمود حطاب العنزي الشعب التركي ونخبه السياسية، من أحزاب وإعلام حر، متسلحاً بمبادئ الديمقراطية، هزم الانقلاب العسكري بكل عتاده وجنوده، ليضرب مثالاً في المحافظة على الشرعية الدستورية ودولة القانون؛ ذلك أن الشعب التركي سئم الانقلابات على مدار خمسة قرون، كان المواطن التركي أثناءها يعاني، وأثرت على كل جوانب حياته، وحكم حكماً علمانياً صارماً تحولت معه المساجد التاريخية إلى مزارات سياحية للتأثير على الهوية الإسلامية التي يفتخر بها كل تركي، بوصفه وريث حضارة إسلامية إبان الخلافة العثمانية، وأهم ما يميز فترة تلك الانقلابات الظلم والقمع والدموية، ولاسيما في انقلاب أول ثمانينيات القرن الماضي. استمر ذلك إلى عام 2002، وبفضل 15 عاماً من الحياة الديمقراطية المتصلة، هي حكم حزب العدالة والتنمية، لمس المواطن التركي التطور المطرد في الصحة والتعليم والأمن، إضافة إلى كل جوانب حياته؛ فتحققت العدالة والمساواة والمشاركة في الحكم، وتمتع المواطن التركي بنصيب عادل من ثروة بلاده على أساس من إطار حاكم هو الكفاءة دون النظر إلى الخلفية الفكرية أو الدينية أو المناطقية... إلى غير ذلك من تقسيمات.

وهذه الحالة الفريدة كونت لدى المواطن التركي وعياً سياسياً منقطع النظير - إذا ما قورن بوعي المواطن العربي - دفتعه إلى رفض العودة إلى زمن الحكم الفردي والتفريط في مسيرة الديمقراطية الناجحة، لذا وقف الشعب التركي بهذا الوعي الراقي مع إردوغان القائد الذكي صاحب الإنجازات الذي كافح الفساد أينما وجد ومهما كان مصدره أو قوة صاحبه؛ لا تبعية لأيدلوجية حزب العدالة والتنمية، لكن لأن النتائج الاقتصادية هي المحك الأول والأخير؛ حيث قفزت تركيا في التصنيف الاقتصادي العالمي من المرتبة الـ111 إلى المرتبة 17 كأقوى اقتصاد على مستوى العالم، لتقدم على مدار الـ15 سنة الماضية نموذج حكم ناجح يحتذي؛ يجمع بين رفاهية المواطن والمحافظة على قيمه وهويته الإسلامية.

لهذا كله هب الشعب التركي الحر بمجرد سماع كلمة الرئيس إردوغان التي ظهر فيها واثقاً بنفسه يستنجد للمحافظة على النظام الدستوري والشرعية ليخرج بالملايين في جميع المدن التركية بالميادين والشوارع لتصبح تلك المكالمة عبر برنامج "فيس تايم" مع مذيعة تلفزيونية اللحظة الحاسمة التي أفشلت الانقلاب.

ختاماً: أصبح الشعب التركي بفضل هذا الطراز الفريد من الحكم أقوى، وضرب مثالاً حياً في أن الشعب هو مصدر السلطات جميعاً، وأنه لا قوة تقف بوجه الشعب المتماسك صاحب الوعي السياسي المؤمن أن له نصيباً في الثروة والحكم... ودمتم بخير.

back to top