فرط استعمال الأدوية... تداعيات كثيرة

مثبطات مضخة البروتون أحد أكثر الأدوية التي يصفها الأطباء، لكن هل يكون استعمالها على المدى الطويل آمناً؟

نشر في 30-07-2016
آخر تحديث 30-07-2016 | 00:01
No Image Caption
تبقى مثبطات مضخة البروتون التي تُستعمَل لمعالجة مجموعة متنوعة من المشاكل الهضمية أحد أكثر الأدوية الشائعة. لكن تشير دراسات جديدة إلى أن استعمالها يومياً لفترة طويلة قد يرتبط بزيادة مخاطر أمراض القلب والكسور والخرف. تسلّط هذه النتائج الضوء على المخاطر المحتملة لاستعمال الأدوية لفترة طويلة، لا سيما تلك التي تساعد الناس على التحكم بمشكلة مستمرة مثل مثبطات مضخة البروتون.

يقول الدكتور هومان جافيدان، مدير عيادي لقسم طب الشيخوخة في مستشفى بريغهام للنساء التابع لجامعة هارفارد: «يأخذ الراشدون الأكبر سناً كمية متزايدة من الأدوية مع التقدم في السن ويتابعون أخذها غالباً لفترة تفوق حاجتهم. ربما يعتادون على أخذها، أو لا يفكرون باستشارة الطبيب والاستفسار عن احتمال وقفها، أو يخشون تداعيات وقفها».

المخاطر

تخفّف مثبطات مضخة البروتون كمية الحمض التي تصنّعها الغدد في بطانة المعدة، فتقلّص حرقة المعدة وأعراض الارتداد الحمضي أو مرض الجزر المعدي المريئي (تعود المأكولات أو السوائل من المعدة إلى المريء). قد يصفها الأطباء لكن يمكن شراء عدد كبير منها من دون وصفة طبية. تشمل الماركات المحتملة: نيكسيوم، بريلوسيك، بروتونيكس، بريفاسيد.

لا تزال مثبطات مضخة البروتون شائعة، لكن يشير بحث جديد إلى أن استعمالها على المدى الطويل قد يحمل مخاطر صحية معينة.

أثبتت دراسة جذبت اهتماماً واسعاً ونشرتها مجلة «غاما» لعلم الأعصاب وجود رابط بين مثبطات مضخة البروتون وارتفاع خطر الإصابة بالخرف. تابعت الدراسة أكثر من 70 ألف شخص راشد، في عمر الخامسة والسبعين وما فوق، طوال ثماني سنوات. في النهاية، تبيّن أن كل من أخذ نوعاً من مثبطات مضخة البروتون لثمانية عشر شهراً على الأقل كان أكثر عرضة بنسبة 44% للإصابة بالخرف. كان الخطر أعلى مستوى لدى الرجال (52%).

ربط بحث آخر بين مثبطات مضخة البروتون وزيادة حالات النوبات القلبية والكسور. نُشرت دراسة في 10 يونيو 2015 على موقع «بلوس ون» وحلّلت وضع مليونَي مريض تقريباً. حلل الباحثون قاعدة بيانات خاصة بمرضى تلقوا مثبطات مضخة البروتون. فاكتشفوا أن الأشخاص الذين أخذوا الدواء بانتظام كانوا أكثر ميلاً للتعرّض لنوبة قلبية بنسبة تتراوح بين 16 و21% مقارنةً بمن امتنعوا عن أخذه باستمرار. ويمكن أن يؤدي تراجع مستويات حمض المعدة بسبب مثبطات مضخة البروتون إلى تقليص القدرة على امتصاص الكالسيوم، ما يعني التعرّض لهشاشة العظام وضعفها وزيادة احتمال الكسور.

ارتبط استعمال مثبطات مضخة البروتون على المدى الطويل أيضاً بتراجع مستويات الفيتامين B12 ومعدن المغنيسيوم، لكن لا تزال المخاطر الصحية لهذه التغيّرات البسيطة مجهولة.

كيف تتفاعل الأدوية؟

قد لا تتعلق المشكلة التي تطرحها مثبطات مضخة البروتون بالأدوية نفسها بل بطريقة أخذها أو فرط استعمالها. يأخذ عدد كبير من الراشدين الأكبر سناً أدوية عدة في الوقت نفسه، وتُعرَف هذه الظاهرة باسم «تعدد الأدوية». يتلقى 44% من الرجال فوق عمر الخامسة والستين خمسة أدوية على الأقل ويأخذ 12% منهم عشرة أدوية وما فوق.

يقول جافيدان: «يتابع العلماء استكشاف مدى اختلاف تفاعل الأدوية في ما بينها، لا سيما عند أخذ عدد منها لفترات طويلة كما يحصل عموماً مع مثبطات مضخة البروتون». لم يتّضح مثلاً كيف تجعل مثبطات مضخة البروتون الناس أكثر عرضة للخرف. سارع الباحثون في مجال الخرف إلى التشديد على أنّ الدراسة تكتفي بطرح رابط إحصائي، ولا يعني أخذ الأدوية أنك ستصاب بالخرف تلقائياً. (تتماشى هذه الرسالة مع دراسات أخرى أثبتت وجود رابط بين بعض المشاكل الصحية ومثبطات مضخة البروتون، لكن لم يتوصّل أي منها إلى علاقة سببية بين الظاهرتَين).

خطر الاستعمال المفرط
ربما يكمن خطر مثبطات مضخة البروتون في استعمالها المفرط. تشير الأدلة إلى أنّ أجزاء من الأدوية قد تعبر الحاجز القائم بين الدم والدماغ، فيصبح أكثر مسامية مع التقدم في السن ويتفاعل مع أنزيمات الدماغ. كلما زادت كمية الدواء في الجسم، يرتفع احتمال أن تَعْبر ذلك الحاجز.

في الدراسات الأولية التي جرت على الحيوانات، زادت مثبطات مضخة البروتون مستويات البيتا أميلويد في أدمغة الفئران ورُبطت تلك الزيادة بالخرف ومرض الزهايمر.

قد تنجم زيادة مخاطر النوبات القلبية عن ارتفاع نسبة مثبطات مضخة البروتون التي تُضعِف البطانة الغشائية للأوعية الدموية بحسب نتائج الباحثين.

يقول جافيدان: «ربما تنشط آليات أخرى لا تزال مجهولة».

هل تدعو هذه المعطيات كلها إلى التخلي عن مثبطات مضخة البروتون؟ ليس بالضرورة! لكن إذا كنت تأخذ راهناً تلك المثبطات بشكل منتظم أو سبق وأخذتَها لأكثر من 18 شهراً، يجب أن تستشير طبيبك حول صحة متابعة جرعتك الراهنة. لكن لا توقف مثبطات مضخة البروتون فجأةً كي لا تتجدد الأعراض: «قد تحتاج إلى تلك المثبطات عند تفاقم الأعراض حصراً بدل أخذها إلى ما لانهاية».

back to top