دور الإعلام التلفزيوني والإنترنت في الثورات العربية

تأثير المنجزات العصرية على تكوين مفاهيم وطنية جديدة

نشر في 29-07-2016
آخر تحديث 29-07-2016 | 00:05
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتابان يتناولان اثر الإعلام والإنترنت ومواقع التواصل في الحياة المعاصرة وفي الثورات التي تشهدها بعض المناطق العربية والإرهاب الممتد في أنحاء العالم، هما:  «الجماليات في الإعلام التلفزيوني» للكاتب عبد الله محمود عدوي، و{الافتراضي والثورة – مكانة الإنترنت في نشأة مجتمع مدني عربي» للباحث التونسي جوهر الجمّوسي.
 يشكل «الجماليات في الإعلام التلفزيوني» دراسة في جماليات الإعلام التلفزيوني وإمكاناتها في تزيين الرسائل الإعلامية، كي تصل إلى المتلقي بأكبر قدر من الجاذبية البصرية، من خلال تجميع عناصر الجماليات في إطار نظري ليتيح للعاملين في البرامج التلفزيونية الاستناد إلى مادة علمية وإلى منظومة إرشادية، كي يتمكّنوا من توجيه الأداء الإعلامي نحو تقنيات الجمال والاستفادة منها في مجال صنع البرامج.

يهدف هذا الكتاب إلى معرفة أحد جوانب التأثير التي ترفد البرامج الإعلامية بما تحتاج إليه للاستفادة من المنجزات العصرية ومناقشته. ذلك أنّ للجانب الجمالي في طرح البرامج الإعلامية التلفزيونية أبعادًا فاعلة في نقل الرسائل الإعلامية وتزيينها، بما يتلاءم وحاجات الجمهور من مواد إعلامية تُقدَّم بصبغة عصرية.

يضم ثلاثة فصول: يتناول الفصل الأول مفاهيم الجمال والفن والإعلام، وعلاقة الجمال بوسائل الاتصال. ويلقي الفصل الثاني الضوء على الإعلام التلفزيوني الفضائي وموضوع دخوله عصرًا جديدًا تشكّل فيه الصورة طفرة في بسط سيطرتها وقوة تعبيرها وحضورها في المشهد الإعلامي. ويعرّج هذا الفصل أيضًا على الإعلام الفضائي العربي واستخدام الجماليات في الفضائيات العربية. أمّا الفصل الثالث، فيبحث في مضامين البرامج التلفزيونية والطبيعة البرامجية التي تعددت وتنوعت بين برامج ثقافية واجتماعية وعلمية ودينية وفنية، وغيرها من الأشكال البرامجية، كما يناقش أهمية العناصر الجمالية وكيفية استخدامها والاستفادة منها في البرامج الإعلامية، ومدى فاعلية هذه البرامج مع استخدام التقنيات الجمالية فيها، إضافة إلى بحثه في ما يتعلق باستخدام التقنيات الجمالية وملاءمتها للطبيعة البرامجية التلفزيونية.

ولد المؤلّف عبد الله محمود عدوي في فلسطين عام 1983، وحاز دكتوراه في الدراما التلفزيونية التاريخية في جامعة العلوم الإسلامية في ماليزيا. عمل مراسلًا لجريدة فلسطين من 2007 إلى 2011، ثمّ مدرسًا للغة العربية الاتصالية في جامعة العلوم الإسلامية منذ 2013.

الافتراضي والثورة

يرسم الباحث التونسي جوهر الجمّوسي في كتابه {الافتراضي والثورة – مكانة الإنترنت في نشأة مجتمع مدني عربي}، أبعادًا جديدة للدور الذي يؤديه «الافتراضي» في الثورات العربية، وينطلق من أنّ وسائل الاتصال الافتراضية كانت من بين أسباب نجاح بعض الثورات العربية.

يتعمّق في مُتطلبات هذا الافتراضي وتداعياته وارتباطه الوثيق بممارسات اجتماعية متصلة بما هو سياسي وما هو مدني في اليوميات العربية، خصوصًا في بلدان شهدت تغيّرات جذريّة، من إطاحة أنظمة إلى صوغ دساتير جديدة. إذ قضت الإنترنت «الشابكة» كما يسمّيها الكاتب، بمفهومها اللغوي والبنيوي الاتصالي المبتعد عن المادة والزمان والمكان، في رأيه، على مفهوم الزعامة في السياسة والمجتمع العربيين، أي زعامة القوة، وموالاة شرائح المجتمع للزعيم القوي الذي يستند إلى حضوره وصورته، وإلى المرئي وأثره في الآخر. وحوّلت هذه «الشابكة» المجتمع العربي في زمن قصير إلى مجتمع شبكي، أركانه الإنترنت والحواسيب والهواتف الجوالة الذكية المزوّدة بأجهزة تصوير عالية الدقة، وربطته بما هو مدني غير مادي وغير مكاني، كأنه يطوف في الفكر ويُشاهد بعين العقل الرزين حينًا وبعين المشاعر الجياشة أحيانًا. وبحسب الجمّوسي، ينفي هذا الأمر بصفة آلية مفهوم الزعيم الجذاب القائد مُلْهِم الجماهير، ويُلغي ما هو مرئي لاستناده إلى ما هو غير مرئي، أي متخفًّ في طيات الإنترنت، على الرغم من حضوره وفاعليته.

اعادت وسائل الاتصال الحديثة، المسماة ذكية، توزيع علاقات القوة بين المجتمع ودولته، فنقلت هذه القوة من الدولة - السلطة إلى كيانات اجتماعية جديدة تأتلف لتشكّل مجتمعًا مدنيًا يتمتّع بسلطة التعبير، والافتراضي تحديدًا، خصوصًا في بلدان لم تغزها المعرفة بعد، أي لم تؤلّف بين قلوب مواطنيها هويّة واحدة، فتمسكوا بهويّاتهم الفردية – العقائدية أو الدينية – التي تقودهم إلى الاحتماء بجماعاتهم الخاصة التي يتيح لها العالم الافتراضي المصادر المفتوحة ذاتها حيّزًا من الحرية في التعبير وفي الثورة.

يرى الكاتب أنّ الأنظمة الممسكة بخيوط اللعبة الدولية للافتراضي مستنفرة لإبقاء هذا الافتراضي «تكنولوجيا السلطة»، فلا يتحوّل إلى «سلطة التكنولوجيا» المُنتجة لقوة ونفوذ وسلطة وديمقراطية تشَارُكِية بديلة بيد القوى المدنية في المجتمع، تستطيع بسلاحها الافتراضي هذا إحداث أنماط مجتمعية ترجّ بها أركان العلاقات الأُسريّة والاجتماعيّة، ما يمثّل تحديًا هو الأخطر: كيفية التعامل مع الظاهرة الاتصالية الجديدة عالية التدفق، والمؤثّرة في العلاقات الاجتماعية كلّها.

ولد جوهر الجمّوسي في تونس عام 1963، ونال دكتوراه في علم الاجتماع. عمل أستاذًا محاضرًا في المعهد العالي لفنون الملتيميديا في جامعة منوبة التونسية. وهو رئيس الجمعية التونسية لقانون الإنترنت، وعضو في المجلس العلمي لمخبر البحث في «الثقافات والتكنولوجيا والمقاربات الفلسفية» في جامعة تونس، أصدر كتباً عدة من بينها: الثقافة الافتراضية (2006)، المجتمع الافتراضي(2007)، مدخل إلى قانون الإنترنت والملتيميديا (2010).

back to top