الأغلبية الصامتة: إرهاب المايكرويف

نشر في 28-07-2016
آخر تحديث 28-07-2016 | 00:04
فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية الغربية تعيش النموذج الأحدث من الإرهاب، وهو العض المفاجئ من أطراف "مايكرويفية" في أماكن رخوة وبأدوات متاحة، ذلك النموذج يعجز أي نظام أمني عن تأمين المستقبل من شروره، لأن قرار التنفيذ يصدر من رأس المنفذ الذي قد يكون جالسا في قطار أو أمام مقود شاحنة!!
 إبراهيم المليفي أين الموت هذا المساء؟ يتكرر هذا السؤال القلق بصيغ مختلفة على مدار اليوم منذ أن بدأت الذئاب المنفردة بحصد الأرواح الغافلة في متواليات دموية عشوائية انتثرت فوق الأراضي الأوروبية.

لقد دخلت المدن الأوروبية والفرنسية على وجه التحديد في كابوس السؤال الدامي: أين الموت هذا المساء؟ وأجبرت الرئيس الفرنسي على كشف إمكاناته المتواضعة في قيادة فرنسا ليس من الناحية الأمنية، ولكن من زاوية استيعابه لنوع الخطر الإرهابي، وكيفية صياغة الخطاب الإعلامي المناسب للتعامل معه.

فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية الغربية تعيش النموذج الأحدث من الإرهاب، وهو العض المفاجئ من أطراف "مايكرويفية" في أماكن رخوة وبأدوات متاحة، ذلك النموذج يعجز أي نظام أمني عن تأمين المستقبل من شروره، لأن قرار التنفيذ يصدر من رأس المنفذ الذي قد يكون جالسا في قطار أو أمام مقود شاحنة!! هذا الوضع يثير الجنون لأن المطلوب هو الشك في كل شيء يتحرك، ولأن جميع معايير التحرز والنمطية سقطت بالضربة القاضية.

السؤال المغمس بالعته الذي يطرحه البعض هو: لماذا نحن الآن؟ لقد فتحنا أراضينا للمهاجرين، وقدمنا المساعدات، وفعلنا أشياء لم يفعلها المسلمون للمسلمين، الإجابة لن تكون واحدة بالتأكيد وأبعدها نظرا هو الإهمال واللؤم عندما تم التعامل مع الإرهاب كشأن داخلي في بداياته الإسلامية، وتجاهل النداءات التي حذرت من تطلعاته إلى خارج حدوده ومخاطر احتضان بعض رموزه الذين وجدوا في بعض العواصم الأوروبية ملاذات آمنة لهم.

الإجابة الآنية لما يحصل الآن هو نقل المعركة إلى أرض العدو الذي يشارك في الحرب العلنية ضد "داعش" في سورية والعراق لتخفيف الضغط ورفع المعنويات وتعزيز حجج الأحزاب المتطرفة لطرد المهاجرين، ومحاصرة المواطنين المتحدرين من الدول العربية والإسلامية.

إن الحرب ضد الإرهاب لن تكون بعد كل ما حصل جهدا فرديا أو من القلة، بل هي جهود أممية مشتركة ضد طرف يموت لينبت مكانه نبت أشر منه، تلك الحرب لن تنتهي إذا استمر دعم الأنظمة الاستبدادية التي تصنع الإرهابيين ثم تشتكي منهم، تلك الحرب لن تنتهي إذا استمرت خطابات التعميم والربط والجهل المحرم على قادة الدول، تلك الحرب على الإرهاب لن يكتب لها الانحسار في أضيق الحدود مع استمرار تزايد الفجوة بين عالم أول وعالم ثالث، بين شعوب تعيش الحياة الحلوة مرة، وبين شعوب تموت في اليوم ألف مرة.

في الختام إرهاب المايكرويف لمن سيسأل هو حالة التسخين الإيماني المتسارع التي تصيب المتفلت من كل عيب وحرام، والتي بموجبها يرغب بمسح كل ذنوبه بضربة واحدة، وطبعا الكفار على "قفا مين يشيل"، سؤال أخير: من شغل المايكرويف؟

back to top