مهاجما «كنيسة روان» متطرفان معروفان للشرطة

• إدارة هولاند «الاشتراكية» تنشر 10 آلاف جندي إضافي وترفض اقتراحات «اليمين»
• البابا: العالم في حالة حرب

نشر في 28-07-2016
آخر تحديث 28-07-2016 | 00:04
بعد هجوم تنظيم "داعش" على كنيسة بلدة سانت اتيان دو روفريه في ضواحي مدينة روان شمال غرب فرنسا، وقام به مسلحان، وأسفر عن مقتل كاهن مسن ذبحا، في أول هجوم "داعش" على كنيسة كاثوليكية في دولة غربية، تمسكت الحكومة الفرنسية الاشتراكية بسياساتها الداخلية رافضة تطبيق الإجراءات التي يقترحها اليمين لمواجهة تصاعد الاعتداءات الإرهابية، وأكدت أنها ستضاعف مشاركتها في الحرب على "داعش" خارج البلاد في العراق وسورية.

وفي خطوة ستضاعف الضغوط على الحكومة، تبين أن الإرهابيين الذين هاجما الكنيسة معروفان لدى السلطات، وأن أحدهما كان مراقبا بسوار إلكتروني، كما ذكرت "الجريدة" نقلا عن وسائل إعلانم فرنسية أمس الأول.

وأعلن الادعاء أن أحد منفذي العملية يدعى عادل كرميش، (19 عاما)، من مواليد فرنسا وتتحدر أصوله من الجزائر، وهو معروف لدى أجهزة الأمن، حيث حاول مرتين التوجه الى سورية، وكان يخضع للمراقبة بسوار الكتروني حين نفذ الاعتداء. وقالت صحيفة لو بوان أن السلطات تعرفت على المهاجم الثاني (20 عاماً)، والذي عرف بالأحرف الأولى من اسمه أ. م. ب. وأضافت الصحيفة أن المنفذ الثاني كان أيضا معروفا من الشرطة انه متطرف.

قرارات أمنية

وعقد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أمس، اجتماعا لمجلس الدفاع والأمن، تقرر خلاله مشاركة الجيش وقوات الأمن في تأمين المناسبات العامة وضرورة إلغاء المناسبات في حال تعذر تأمينها.

وقال وزير الداخلية برنار كازانوف عقب الاجتماع إن هناك "56 مناسبة لتأمينها في الفترة القادمة والأمن والجيش سيتقاسمان المهمة"، وأعلن زيادة أعداد الجيش ورجال الأمن المنتشرين في أنحاء البلاد ومدهم بـ 10 آلاف رجل إضافي، مشيرا إلى أن هناك 70 قوة من الجيش والأمن لتأمين المناسبات، وأكد أنه "إذا لم يكن باستطاعتنا تأمين المناسبات العامة يجب إلغاؤها، وعلى البلديات إعلامنا مسبقا إذا أرادوا إلغاء مناسبات عامة".

وأكد كازنوف أنه "علينا تركيز قدراتنا على الحرب ضد الإرهاب"، لافتاً إلى "اننا قمنا بكل ما يمكن القيام به أمنيا ضمن إطار القانون، فلا يمكن الخروج عن إطار القانون في حماية بلدنا"، رافضاً "الانتقادات حول عدم جاهزية الأمن لمواجهة التهديدات".

وأكد الوزير الفرنسي أن بلاده ستضاعف الضربات الجوية ضد تنظيم "داعش"، في العراق وسورية. بدوره، أشار وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان إلى أنه "سيتم إرسال حاملة الطائرات شارل ديغول الى الشرق الأوسط بداية شهر سبتمبر، كما أننا سنزيد من ضرباتنا ضد تنظيم داعش في سورية والعراق".

وقال فرانسوا مولينز، المدعي العام في فرنسا، إن المهاجمين هتفا "الله أكبر" قبل أن يقتلا على أيدي رجال الشرطة، مشيرا إلى أنهما كانا يرتديان حزامين ناسفين وهميين وبحوزتهما 3 سكاكين.

وتتصاعد الدعوات إلى تشديد الإجراءات الأمنية، وشاركت الصحف في الضغط على الحكومة، الى جانب ضغوط المعارضة اليمينية. وكان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، زعيم اليمين الوسطي، قال أمس الأول: "علينا أن نغير حجم تعاملنا (مع الإرهاب) واستراتيجيتنا"، مندداً بـ "عملية ناقصة في مواجهة الإرهاب". وتابع: "يجب أن نكون بلا رحمة. الخفايا القانونية، الحذر في التدابير المتخذة، الحجج لعدم القيام بعملية كاملة، أمور غير مقبولة".

وطلب من الحكومة "تطبيق كل اقتراحات اليمين" و"من دون تأخير"، وبينها مثلا انشاء مراكز احتجاز للمشتبه بأنهم يشجعون على التطرف.

ونددت زعيمة "الجبهة الوطنية" (يمين متطرف) مارين لوبن على حسابها بموقع "تويتر" بـ "كل الذين يحكموننا منذ 30 عاما"، بينما كانت النائبة عن "الجبهة الوطنية" ماريون ماريشال لوبن تدعو الفرنسيين الى "الاستيقاظ".

لكن الوزير كازنوف دافع عن قراراته، رافضا دعوة اليمين الى احتجاز الأشخاص المعروفين بنزوعهم الى التطرف باعتباره "مخالفا للدستور"، وبأنه "لن يكون فعالا على الإطلاق".

وقال هولاند نفسه أمس الأول إن "التضييق على حرياتنا والانتقاص من قوانينا الدستورية لن يزيدا فعالية مكافحة الارهاب، وسيضعفان التماسك اللازم لأمتنا"، منددا بـ"المزايدات، والجدالات، والمهاترات، والشكوك".

إجراءات لدور العبادة

وخلال اجتماعهم في قصر الإليزيه أمس، طلب ممثلو مختلف الديانات من الرئيس فرانسوا هولاند تشديد الإجراءات الأمنية في أماكن العبادة، مؤكدين وحدتهم.

وقال عميد مسجد باريس دليل بوبكر "باسم مسلمي فرنسا عن الحزن العميق الذي يشعرون به والصدمة النفسية التي يشعرون بها أمام هذا الانتهاك التجديفي للحرمات المخالف لكل تعاليم ديانتنا".

بدوره، اعتبر رئيس أساقفة باريس، المونسنيور فان تروا، أن على المؤمنين في فرنسا "ألا يتورطوا في اللعبة السياسية لتنظيم الدولة الإسلامية الذي يريد تحريض الواحد ضد الآخر، أطفال العائلة نفسها".

وكان رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس اعتبر أمس الأول أنه "عبر مهاجمة كاهن في الكنيسة الكاثوليكية، نرى جيدا ما هو الهدف: تأليب الفرنسيين ضد بعضهم البعض ومهاجمة ديانة من أجل التسبب بحرب أديان".

رواية الراهبة

وروت الراهبة الفرنسية دانييل تفاصيل الهجوم الذي شنه مسلحان بالسكاكين على الكنيسة. وقالت: "ما إن رأيتهما قد دخلا، حتى قلت لنفسي إنها النهاية لا محالة"، وأضافت أن "المسلحين صاحا بانتمائهما لتنظيم داعش الإرهابي، ثم أجبرا القس على أن يجثو على قدميه، لكنه أبدى مقاومة ولم يذعن لما طلباه".

وأشارت إلى أن عدم خضوعه لأمر المسلحين كان بداية لـ"المأساة"، وقالت: "لم أحضر مقتل القس، هربت بسرعة، ولأن أحد المسلحين كان مشغولا بتقديم السكين للآخر، لم ينتبها إلى خروجي من الكنيسة".

ووفق الناجية، فإن المهاجمين تحدثا بـ "العربية"، ولم يعيرا اهتماما لدعوات من كانوا في الكنيسة إلى عدم إيذاء القس.

البابا

من ناحيته، قال البابا فرنسيس، أمس، ان "العالم في حالة حرب"، لكنها ليست حربا دينية. وصرح البابا للصحافيين في الطائرة التي أقلته من روما الى كاراكوفا: "يجب ألا نخاف من قول الحقيقة، العالم في حالة حرب لأنه فقد السلام". وأضاف: "حين أتحدث عن الحرب فإنني اتحدث عن حروب من أجل المصالح والمال والموارد وليس (عن حرب) أديان. كافة الاديان تريد السلام، الآخرون هم الذين يسعون للحرب".

وقال البابا: "هذا الكاهن الجليل الذي قتل أثناء صلاته في الكنيسة هو ضحية واحدة. ولكن كم عدد المسيحيين والأبرياء والأطفال (الضحايا)؟"

وأضاف: "الكلمة التي نسمعها كثيرا هي انعدام الأمن، ولكن الكلمة الحقيقية هي الحرب. هذا العالم يشهد منذ فترة حروبا مسببة للانقسام. وقعت حرب في 1914 وحرب من 1939 الى 1945، والآن هذه الحرب".

عادل كرميش إرهابي مهووس بحرب سورية
فور بلوغه سن الرشد حاول الفرنسي عادل كرميش، أحد منفذي هجوم كنيسة سانت اتيان دو روفريه الإرهابي، مرتين التوجه إلى سورية. وتشير عدة شهادات الى أن كرميش الذي تتحدر أصوله من الجزائر يعاني اضطرابات في السلوك والمهووس بسورية كان "قنبلة موقوتة".

ولد كرميش في 25 مارس 1997 في منطقة النورماندي شمال غرب فرنسا حيث شن الاعتداء، وهو يتحدر من أسرة كبيرة لا مشاكل لها، بحسب الجيران والأقارب.

وبحسب ممثل للمسلمين في المدينة، فإن والدة كرميش كشفت تطرفه، وأبدت قلقها من المستوى الذي انحدر اليه ابنها. ولم تخلُ مسيرة كرميش من العثرات. وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية فقد كان خضع لمتابعة نفسية منذ سن السادسة وأدخل المستشفى مرات عدة خلال فترة المراهقة من بينها مرة بقي فيها 15 يوما في عنبر الاضطرابات العقلية.

وذكرت صحيفة "لو باريزيان" أن كرميش الذي كان "مفرط النشاط" في طفولته، طرد من المدرسة في سن 12 عاما بسبب "اضطرابات في السلوك". ووصفه أحد شبان حيه بأنه "قنبلة موقوتة".

وقال الشاب، الذي يقيم في الحي نفسه لاذاعة "ار تي ال"، إنه "كان يتحدث عن الإسلام، وانه سيقوم بأشياء من هذا القبيل. وقال لي قبل شهرين سأهاجم كنيسة، ولم أصدقه، إذ كان يقول الكثير من الأشياء".

وكان كرميش يقيم عند والديه في منزل صغير يقع على بعد أقل من كيلومترين من الكنيسة التي هاجمها.

وكان الفرنسي كرميش عند وقوع الجريمة يحمل سوارا إلكترونيا يتيح للقضاء تحديد مكانه باستمرار. ورغم أن أي حكم لم يصدر بحق كرميش فإنه كان معروفا لدى اجهزة مكافحة الارهاب منذ 2015 ووجه اليه الاتهام في مارس ومايو 2016 لمحاولته مرتين التوجه الى سورية للقتال الى جانب "داعش".

وقال الشاب نفسه لصحيفة "لو باريزان" "لم نعد نطيقه. لم يكن على لسانه سوى سورية وحلمه بقتل جنود (الرئيس السوري) بشار الأسد، في إشارة إلى كرميش.

back to top