ترجَّل الفارس!

نشر في 28-07-2016
آخر تحديث 28-07-2016 | 00:00
 مسفر الدوسري آن الأوان لهذا الفارس أن يترجّل عن حصانه، وأن يُرجع سيفه إلى غمده، وأن يتفيأ شجرته (أهله، أصدقاؤه، المقربون منه)، متأملا نموها وحارسا لخضرتها بلا ملل!

آن لخيله أن ترِد الماء دون أن تعد الوقت الكافي لفعل ذلك، وآن لساقيه أن يمتدا قدر ما شاءا من اختصار الطريق، ولفكره أن يكفّ عن التمترس خلف الحذر من شر الخطوة ، فمنذ أن كان يافعاً وهو يعلم علم اليقين وجهته، عارف أين تقوده خطواته وماذا ينتظرها، منذ أن كنا معاً خلال سنوات الدراسة الجامعية، اختار بوابة الكلمة المقروءة مدخلا لذلك الطريق، الكلمة هي مربط الثقة لهذا الفارس، الكلمة هي مفتاح الشيفرة الشخصية في حياته كلها، ولكن ليست أي كلمة، إنما الواضحة الملزمة الملتزمة، لا يكره شيئا قدر كرهه للكلمة التي تنسج من خلف الكواليس، ولهذا أظنه اختار الإعلام بوابة لطريقه، لأن الكلمة فيها واضحة موثقة، وراهن على ألاّ يدان من فمه، علّمه والده، رحمه الله، مبكرا ألا يدان من فمه، لم يكن يشير إلى الكلمة فقط، إنما عمّا يُطعمه لينتقص من ذاته أيضا! كان والده حريصا على معرفة جميع أولاده ذلك الدرس، لم تكن والدتهم، رحمها الله، أقل تساهلاً في تلقينهم ذلك الدرس، لذا حرّموا فتح أفواههم!

آن لفارسنا أن يفتح فمه... ليتنفس، وأفتح قلبي لأبوحه، كتبت عن أصدقاء أحبهم، امتلأت بهم مع من قرأهم، إلا هو، وهو أكثر من يستحق بالنسبة لي كصديق وليس كشخصية عامة سياسية، انقسم حولها صفان على طرفي النقيض، ولي من الصفين أصدقاء، فآثرت ألا أكتب عن نايف إلا بعد أن يترك حياته العملية، لا لشيء، ولكن حتى لا يستخدم ما سأكتبه لإيذائه، فبحكم قربي منه ومن عائلته أعرف كم أذاه أعداؤه بأصدقائه، كان ذلك موجعا، أقرأه بصمته حتى لو بدا متماسكاً كعمود خيمة، لم يكن يعنيني حينها ما إذا عدوه على صواب أم خطأ، إنما كان يوجعني أن يصاب أي من أصدقائي بذلك، لذا حرصت على ألا أكتب ما أود دون الخوف من ألاّ أصبح رمحاً أو حتى شوكة في يد من يريد به سوءا، وأعرف أنهم كُثر، فحياته السياسية كانت من أكثر المراحل السياسية التي مرّت بها الكويت سخونة، وكان أكثر اللاعبين تأثيراً في بعض مراحلها، والصندوق الأسود الحافظ لكل أسرارها، وأظن الأقلام كتبت وستظل عن كثير من تلك المرحلة وما لحقها، وسيقال الكثير سلباً وإيجاباً، ليس عنها فقط، بل وعن أركانها الأساسيين، وسيكون حتماً أحدهم. وبحكم زياراتي المتكررة للكويت، والتي أحد أهم أركانها زيارته وأهله، عايشت بعض سخونة تلك الأحداث عن قرب، ولا أدّعي معرفة كثير من تفاصيلها، لكني عرفت أمراً هو أكثر ما أحب في صديقي هذا، بخلاف أشياء أخرى جميلة فيه: أنه وكما يقال: "رفيق رفيقه" في كل الأحوال ومهما طال الزمن، ولا يحترم أشباه الرجال الذين ينسجون كلماتهم بجدائل الليل، ويعشق أخلاق الفرسان، لا تنقص شعرة من أي منها في ميزان حياته الشخصية والعملية، إذا سقطت احداها من أي رواية تُنقل عنه جزمت ألاّ علاقة له بها، هذا بعض المستشار نايف عبدالله الركيبي كما عرفته عن قرب، آن له أن يترجل، وآن لي أن أبوحه كما أحب.

back to top