كنيسة ومسجد... نهدم ونحتفل

نشر في 24-07-2016
آخر تحديث 24-07-2016 | 00:09
واقعة الهدم تحدث في كل مدن العالم، فالعمران الحديث ضرورة مقابل أمانة الحفاظ على التراث، إلا أن نوعية الاستجابة تختلف من بلد لآخر بحسب معطيات مختلفة أهمها الإيمان بالتراث، إضافة إلى أسباب زوال الأثر إن كان بشريا كالعمران والحروب أو طبيعيا كالزلازل والحرائق، وعواصم عربية وأوروبية تشهد على ذلك.
 مظفّر عبدالله

أول العمود :

قرار استعانة الجهات الأمنية بغير الكويتيين بحجة أن الوظائف حرفية غير مقنع مع وجود كليات تعليم تطبيقي.

***

عاصفة قادها مواطنون في وسائل التواصل الاجتماعي ضد هدم مسجد شملان الرومي بمنطقة المطبة ولحقتها عريضة أساتذة التاريخ بجامعة الكويت وجهود نواب في الأمة والبلدي وهو شيء طيب وينمّ عن وعي.

شيد المسجد عام ١٨٩٣، وعمره ١٢٣ سنة هي ثلث عمر الكويت تقريبا، بسيط في بنيانه ودلالاته المعمارية، لكن قيمته التاريخية تكمن في عمره الزمني، يبدو أن المسجد في طريقه للهدم وهو ما لا نتمناه، وذلك كحال المباني والآثار التي أزيلت سابقا كأجزاء من سوق السلاح والجزء الجنوبي من كشك مبارك، وما أثير مؤخرا حول بيت لوذان وغيرها الكثير، لكن تبقى فرصة مناشدة وجهت إلى سمو رئيس الوزراء.

هذه الواقعة تحدث في كل مدن العالم، فالعمران الحديث ضرورة مقابل أمانة الحفاظ على التراث، إلا أن نوعية الاستجابة تختلف من بلد لآخر بحسب معطيات مختلفة أهمها الإيمان بالتراث، إضافة إلى أسباب زوال الأثر إن كان بشريا كالعمران والحروب أو طبيعيا كالزلازل والحرائق، وعواصم عربية وأوروبية تشهد على ذلك.

وفي حالة مسجد الشملان الذي تعرض للتوسعة عام ١٩٤٧ وللتجديد عام ١٩٦٥ وتصادف قرار هدمه ونحن نحتفل بالكويت عاصمة للثقافة الإسلامية لعام ٢٠١٦! فإن مقترح إعادة بنائه في مكان آخر لن يجدي نفعا من ناحية تراثية لأنه سيكون مزيفاً! هكذا وبكل بساطة. وحتى القول بنقل بعض أجزائه للموقع الجديد ووضع نصب يدل على مكانه الأصلي فيه نوع من تهدئة الخواطر لأن أهمية المبني تنبع من سببين: مكانه الأصلي وعمره الزمني.

في الكويت نحتاج أن نراكم من المباني التاريخية المختلفه لا أن نزيلها لأننا بلد حديث في القياس الزمني، وهنا يجب التعامل بحرفية مع ثنائية المادة (جشع أصحاب المصالح) وقيمة المباني التاريخية عموما، وهي مسؤولية الدولة. وتعد جهود المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كبيرة في هذا المجال، إذ استطاع مسلحا بمرسوم الآثار رقم ١١ لسنة ١٩٦٠ بسط إشرافه على أكثر من ١٠٠ مبنى أثري صنفت وفق محددات معمارية مختلفة. وفي حالة مسجد الرومي ساهم مع وزارة الأوقاف في بقائه كعمران مستدام.

مسألة التوسع العمراني واجبة لكن يجب أيضا بذل أقصى الاهتمام بما يقع في إطار هذا التوسع من مبان لا بد من المحافظة عليها، وللعلم فإن مشروع الدائري الأول كان قد قضم مبنى كنيسة مار مرقس القبطية الأرثوذكسية المشيدة عام ١٩٦٠ كأول كنيسة مرقسية خارج مصر، وذلك بدعم من الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، وعوضتها الحكومة بأرض في منطقة حولي بعد هدمها عام ٢٠٠٨، وبذلك نكون قد خسرنا مبنى من طراز معماري خاص بالكنائس الأرثوذكسية، وميزة التنوع الديني والحضاري الذي تحتاجه الدولة.

يبقى أن نقول إن موضوع المسجد له خلفية ترجع إلى عام ٢٠٠٩، وكل ما أثير اليوم موثق بمخاطبات بين وزارتي الأوقاف والأشغال والبلدية إلا أن سخونته الآن تأتي بعد نضوج قرار الهدم.

back to top