تركيا دروس وملاحظات

نشر في 23-07-2016
آخر تحديث 23-07-2016 | 00:04
 محمد خلف الجنفاوي أعتقد أن المحاولة الفاشلة للانقلاب على الديمقراطية التركية لن تكون الأخيرة في ظل صراع عدة أجنحة داخل العملية السياسية، فلم تكوّن شخصية إردوغان كفكر جديد في إطار الدولة العلمانية التي أسسها أتاتورك في أوئل القرن الماضي إطاراً مهيمناً على الحياة الاجتماعية والسياسية فقط، بل حتى على عقيدة المؤسسة العسكرية، الحارس لهذا الإطار العلماني.

فنجاح الرئيس إردوغان على صعيد العمل الميداني كمدير لبلدية إسطنبول، وتحقيقه النجاحات على مستوى رفع الدخل العام كوّنا له شخصية شعبية عملية، بغض النظر عن خلفيته الدينية، فقد صوّت له في دورتين من رأى فيه المصلحة في تطور البلد، وتحسين الناتج المحلي، واستقطاب الاستثمارات.

ولعل ما حدث من صراع مع جماعة فتح الله غولن الموجود في أميركا الآن، والذي لديه نفوذ مالي وشعبية أيضا، قد نبه إردوغان إلى الانحراف للداخل، ولعل الغريب أن كل هذا حدث، أقصد الانقلاب، بعد أن تصالح إردوغان مع روسيا، وأعاد العلاقات مع إسرائيل، ناهيك عن تخليه عن تنحي الأسد، بل التفكير في إعادة العلاقات مع سورية.

وبنظرة سريعة نعرف أن الرابح الأكيد من التجربة هو الشعب التركي ومؤسساته الدستورية، ولعل خروج الناس حتى المختلفين مع أفكار إردوغان وسياساته يُبين مدى وعي الشعب التركي، ففي النهاية ورقة انتخابية تحقق رغبتهم بتغيير رئيس الوزراء أو الحكومة كل أربع سنوات، وتبقى الديمقراطية، فالأشخاص ذاهبون، أما بوجود العسكر والأحكام العرفية فما الضامن؟

تحية للشعب التركي على وعيه الراقي، بغض النظر عمن هو على كرسي الحكم، فهل نعي الدرس بأن العملية ليست فرداً بل هي وطن يعيش فيه الجميع تحت ظل دستور وقانون ومواطنة.

"حينما يكون الحاكم أكبر من الكرسي، فاعرف أن الوطن بخير".

back to top