الكويت... شاخت

نشر في 23-07-2016
آخر تحديث 23-07-2016 | 00:07
 محمد صالح السبتي نعم كبرت الكويت، وشاخت وأصبحت هرمة، حين تنظر إلى الوطن من خلال أناسه وحديثهم وصحافته ومنتدياته وما يدور في مجلسه وحكومته وأحزابه... ترى الكويت كأنها امرأة عجوز شمطاء، على وجهها تجاعيد من آثار الزمن، وترى في تعرجات جلد يديها ما يغنيك عن معرفة ما فعلت بها الأيام... عجوزنا مقعدة لا تتحرك، تعاني ضغطاً في الدم وسكراً، وخشونة في العظام، ومشاكل في القلب والكلى، وما تبقى لها من أعضاء جسدها! تجلس على أريكتها كما تجلس الجمادات وبجوارها كمٌّ من علب الدواء التي لا تغني عن المرض شيئاً سوى ما يدخله هذا الدواء من وهمٍ في نفس «العجوز».

«عجوزنا» لها أولاد وأحفاد... أكثرهم براً بها من يقضي معها بضع ساعات، لا ليقوم بواجبها، بل ليتسلى هو حين لا يجد من يسليه من أصدقائه! يجتمع عندها هؤلاء ليضيعوا ما بقي من وقتهم! وتبقى هي تتجرع مرارة الوحدة والنكران حتى وهم بين يديها جالسون! يحبونها بالعاطفة، لكن حبهم لا يتعدى عادات تقبيل رأسها ويديها... وإذا ما قاموا بواجبها قاموا مكرهين وكأنهم يحملون الجبال.

الكويت اليوم أنهكها الفساد... فساد الإدارة وفساد السياسة ومدعي الإصلاح، أعملت فيها سنون «الحرام» ما يفعله الزمن في وجه العجوز، شلّت حركة أعضاء جسمها بما يمارسه «مراهقو السياسة» من حماقات وأكاذيب... وكما تغذى أولاد وأحفاد العجوز على صحتها وعافيتها تغذى كثير من دكاكين الإعلام على صحة وعافية الوطن، ومثلما قد يتنكر الأولاد للأم تنكّر كثير من أولاد الوطن له، حتى أصبح بالنسبة إليهم مكاناً لإضاعة ما تبقى من وقتٍ وجهد.

حين ترى وطنك في صورة عجوز هرمة وأنت تعلم أن الوطن ما زال في سن الشباب بثرواته وما يملك من إبداعات رجاله ونسائه وشبابه تعلم يقينا أنه لا يستأهل هذه التجاعيد التي على وجهه ويديه... وأن أمراضه لم تكن لتصيبه لولا «فيروسات» خبيثة اقتحمت عليه «صحته» حين لم يحمه أبناؤه!

ليس هذا هو الوطن الذي نعرفه ورضعنا حب ترابه! تغيرت الملامح... والوجوه والخطابات والسلوكيات والعلاقات، كلها تغيرت وكأن الوطن لم يعد ذاك الوطن.

كم هو مؤلم أن ترى وطنك "يشيخ" وهو في عز شبابه وأنت تُصلب على جدار الصمت لا تملك من الحول والقوة إلا مداد القلم... صعبٌ على الأبرار منظر وطنهم وهو يُغتال بيد أبنائه ويدهم مغلولة عن الذود والكف عنه.

شاخت الكويت... كلمه نقولها بغصة ونكتبها بدموع عيوننا.

back to top