ساعات تركيا الفاصلة

نشر في 22-07-2016
آخر تحديث 22-07-2016 | 00:03
اللافت في الانقلاب التركي سرعة السيطرة عليه في وقت قياسي بعد أن نجا رأس السلطة من الاغتيال، ورغم سيطرة الانقلابيين على وسائل الإعلام الرئيسة فإن تصريحاً لا يتعدى بضع ثوان في برنامج «السكايب» قلب الموازين، وأنقذ الشعب التركي من حكم العسكر، وأنقذ معه إردوغان وحزبه.
 أ. د. فيصل الشريفي ساعات فاصلة بين حكم العسكر وبين بقاء دولة الدستور، تركت انطباعات كثيرة حول مستقبل الدولة التركية التي رفض شعبها محاولة الانقلاب، رغم وجود معارضة واسعة لنظام إردوغان وإنجازاته الاقتصادية الكبيرة التي وضعت تركيا في مصاف الدول المتقدمة.

لا أريد مناقشة فكرة المؤامرة، وأن هذا الانقلاب من تدبير إردوغان نفسه للانفراد بالسلطة بهدف تصفية أعدائه تحت غطاء شعبي، لصعوبة التنبؤ بعواقب مثل هذه الخطوة وتبعاتها السياسية، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، جازماً بعدم صحة هذه الفرضية التي إن صحت فستدخل عموم تركيا في نفق مظلم وفوضى كبيرة.

اللافت في هذا الانقلاب سرعة السيطرة عليه بوقت قياسي بعد أن نجا رأس السلطة من الاغتيال، ورغم سيطرة الانقلابيين على وسائل الإعلام الرئيسة فإن تصريحاً لا يتعدى بضع ثوان في برنامج "السكايب" قلب الموازين، وأنقذ الشعب التركي من حكم العسكر، وأنقذ معه إردوغان وحزبه.

صور الاعتقالات التي لم نشاهد منها إلا بعض اللقطات المسربة ستكبر بعد أيام وسترمي بظلالها على الواقع التركي، خصوصا فيما يتعلق بالطريقة المهينة في القبض على الجنود والقادة العسكريين، وكذلك إعفاء واعتقال أكثر من ألفي قاض ومدع عام، وأيضاً إعفاء جميع قيادات الجامعات من مناصبهم كرسالة للانفراد بالسلطة، ناهيك عن خبر إعادة عقوبة الإعدام المرفوضة دولياً، والتي، إن أقرت، فإنها ستفتح الباب على مصراعيه لكل الاحتمالات، ومنها ثورة شعبية مضادة لن يتمكن إردوغان معها الصمود داخلياً، ولن يجد أي تعاطف أو غطاء دولي.

على ما يبدو أن رئيس وزراء تركيا بن علي يلدرم أدرك خطورة تصريحات رئيسه المتهور معلناً احترام تركيا لسيادة القانون، وأن الخطأ لن يعالج بخطأ، وسيحاسب المخطئ وفقاً للنظام القضائي التركي.

نرجع إلى الكويت والطريقة التي تفاعل مؤيدو حزب إردوغان مع الانقلاب، لأنهم قلة ولم يستطيعوا تبرير مشروع انقلاب العسكر، كما لا بد من الإشارة إلى الفرق بين رافضي الانقلاب كونه انقلابا على الشرعية والدستور، وبين من رفض الانقلاب لعيون إردوغان وحزبه.

رافضو الانقلاب بسبب وجود إردوغان ذهب بعضهم إلى الغلو من خلال تشبيهه بخليفة المؤمنين، رغم كل الشواهد التي لا تدع مجالاً للشك بأن تركيا دولة علمانية، وأنها أقرب إلى أوروبا من عالمها الإسلامي، وكيف لا وهي من الدول الإسلامية القليلة التي تجمع البار والمسجد في شارع واحد؟!

أخيراً لا بد من الإشادة بالشعب التركي الذي رفض فكرة حكم العسكر، وألا نخلط بين رفض فكرة الانقلاب العسكري وبين التمجيد بحزب العدالة والتنمية، ففي النهاية حتى الإخوان المسلمون يقولون إن الحزب ليس منا ولكنه قريب من مبادئنا.

ودمتم سالمين.

back to top