ماذا حصل في «الوثيقة الاقتصادية»؟

نشر في 18-07-2016
آخر تحديث 18-07-2016 | 00:08
 د. بدر الديحاني بعد أن لاقت وثيقة الحكومة المُسمّاة "الوثيقة الاقتصادية" رفضاً شعبياً كبيراً خفت فجأة الحديث الرسمي والإعلامي عن عجز الميزانية العامة للدولة، بعد أن كان يتصدر الصفحات الأولى في الصحف اليومية، فأين ذهبت "الوثيقة"؟ هل انتهى العجز المالي؟! أم أن الحكومة لم تعد بحاجة إلى إصلاح اقتصادي ومالي؟ الجواب هو النفي، إذ يبدو أن الحكومة قد قررت إعداد العدة، والمضي قدماً في تنفيذ مضامين وثيقتها الاقتصادية وذلك بعيداً عن متابعة الرأي العام ووسائل الإعلام، بل حتى قبل تعديل القوانين السارية مثل قانون الخصخصة الذي يحظر خصخصة النفط والتعليم والصحة.

وفي هذا السياق أكد وكيل وزارة المالية مؤخراً، ثم تبعه بعد ذلك تأكيد وزير المالية، أن الحكومة عاقدة العزم على خصخصة قطاعات نفطية وذلك بطرح 4 شركات نفطية تابعة لمؤسسة البترول الكويتية للاكتتاب العام الذي تساهم به كبرى الشركات العالمية والمواطنون. والشركات المراد خصخصتها على غرار سياسة السعودية في بيع جزء من ملكية شركة "أرامكو" النفطية هي: البترول الكويتية العالمية، وناقلات النفط، والكويت للاستكشافات الخارجية، وشركة الصناعات البتروكيماوية. هذا ناهيك عما ذكرناها من قبل حول خصخصة ثماني محطات جديدة للتزود بالوقود "البنزين" سيستثمرها القطاع الخاص المحلي والأجنبي، بالإضافة إلى خصخصة تسع مدارس كمرحلة أولى في محافظات الأحمدي والعاصمة وحولي ومبارك الكبير، وذلك عن طريق بنائها وتشغليها من قبل مستثمرين خاصين محليين وأجانب لمدة 99 عاماً!

ومع أن الوثيقة الاقتصادية للحكومة تتضمن كثيرا من السياسات الاقتصادية والمالية التي تؤثر مباشرة في مستوى معيشة الناس مثل خصخصة القطاعات الحكومية الحيوية آنفة الذكر الخاصة بالثروة النفطية والتعليم، فإن الحكومة تقوم بتنفيذها في ظل غياب الشفافية، وبعيداً عن رقابة الرأي العام الشعبي الذي تشغله معظم ما يُسمى "قوى سياسية" في أمور هامشية وجانبية أو طائفية بعيدة كل البعد عن قضايا الناس المعيشية والمستقبلية.

ومن أسف أن معظم منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية تغط في سبات عميق بعد أن ابتعدت عن الاهتمام بقضايا الشأن العام، وتحولت إلى مجرد أشكال صورية لا تأثير لها البتة في رسم السياسات العامة ومراقبتها وتقييمها، بل إن بعضها أصبح مجرد عتبة وتلميع إعلامي لبعض الأعضاء من أجل تحقيق مصالح خاصة مثل الترشح للمجلس، فهل تنبهت القوى الحيّة الديمقراطية والتقدمية وتنبّه الناس إلى السياسات الاقتصادية الجديدة الواردة في "الوثيقة" مثل "الخصخصة، والرسوم، والضريبة غير المباشرة على الدخل، وتخفيض الدعم الاجتماعي الضروري أو إلغائه" والتي تمضي الحكومة قدماً في تنفيذها بعيداً عن أعينهم، وذلك على الرغم من تأثيرها المباشر في حياتهم ومستوى معيشتهم؟!

back to top