سؤال

نشر في 22-12-2015
آخر تحديث 22-12-2015 | 00:00
 بدر سلطان العيسى يتكرر هذا السؤال في ذهني وخاطري بصورة ملحة تصل إلى حد الإزعاج الذي يمنعني من العيش والتفكير الهادئ مع نفسي ومع المجتمع الذي أعيش فيه، قد يكون السؤال متشائماً وقد يكون مفرطاً في التشاؤم إلا أنه في آخر الأمر لا يمنع من أن يكون واقعياً من خلال تجربتي خلال ربع القرن الفائت، ومن تاريخ الأحداث في الكويت، وتطور تلك الأحداث، أما السؤال الملح فهو: هل هناك ما يمنع من تكرار ما حدث يوم 2 أغسطس 1990؟

حين عاد الشيخ سعد العبدالله- رحمه الله- من اجتماع الرياض مع المقبور عزت إبراهيم الدوري، وصرح بعدها وزير الخارجية الكويتي أنه متفائل، وأن ما دار في الرياض في ذلك الاجتماع لا يتعدى كونه خلافاً يحدث بين الأشقاء والجيران أو كما قيل وقتها "حلم ليلة صيف".

ما حدث بعد ذلك وبعد مرور 48 ساعة، يعرفه كل كويتي، أما الذي لا يعرفه الكويتيون أن وجود الكويت كدولة ووجود الكويتيين كشعب كان في مهب الريح، وفي مهب التطورات السياسية في ذلك الوقت. هذا هو السبب والدافع وراء هذا السؤال وهو السبب الدائم للتساؤل.

في الأسبوع الأول من الاحتلال العراقي للكويت هرب ما يقدر بـ450 ألف كويتي إلى خارج الكويت، وتشردوا بصورة لا يضاهيها إلا تشرد الشعب السوري في الوقت الحاضر، وانقسم الكويتيون إلى كويتي خرج بما عليه من ملابس وبما لديه من أموال قد لا تكفيه عيش الكفاف، وإلى كويتي كان قد حسب حسابه لمثل ما حدث في ذلك اليوم، فكان أن أخذ ما استطاع أن يأخذه واستولى على ما استطاع الاستيلاء عليه، وعلى ما وصلت إليه يده إما حقا أو باطلا.

كانت الدول المضيفة التي لجأ إليها الكويتيون كريمة معهم، واحتضنتهم تلك الدول في فترة التشرد وكان كرم الإخوة العرب وموقفهم يدل على الأصالة والنخوة العربية.

أما من بقي في الكويت فقد عانوا خلال سبعة أشهر عيش الكفاف والتشرد، ولأول مرة في حياة الكويتيين نراهم يقفون في طوابير انتظارا للحصول على الخبز، وبالرغم من تكاتف الكويتيين في الداخل فإن ذلك لم يمنع مجموعة منهم ومن الذين ضاقت بهم الحال من بيع ممتلكاتهم لكي يدفعوا بأثمانها عنهم وعن أولادهم فاقة التشرد والجوع.

إلى هنا، هذا ما حدث أثناء الغزو العراقي وأثناء فترة الاحتلال التي استمرت 7 أشهر عاشها كويتيو الداخل تحت ذل الاحتلال الصدامي وتحت الفاقة والعوز.

لقد أصبح هذا الواقع من تاريخ الكويت الذي آمل ألا يتكرر وألا يحدث للكويت مرة أخرى، إلا أنه وحسب تقديري ومشاهدتي وما رأيته خلال ستة عقود من عمري عشت فيها الأحداث في الكويت رأيت فيها الأوضاع السياسية والاقتصادية تتحول تدريجيا إلى الأسوأ ورأيت فيها الديمقراطية والحرية الفردية تتحول إلى أي شيء عدا كونها ديمقراطية وعدا كونها حرية.

أخيراً، حفظ الله الكويت وشعبها من كل من يريد بها سوءاً، وأبعد عنها تلك المجموعة المرتزقة من المنتفعين ومن الطامعين، ومن الذين يحاولون باستمرار اقتسام خيرات الوطن لكل ما ليس لهم به حق، دون النظر إلى المصلحة العامة ومصلحة الشعب الكويتي.

back to top