80 عاماً من الدم والغدر 4 الطريق إلى «المنشية»

نشر في 06-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 06-07-2015 | 00:01
تعد حادثة المنشية، التي حاول فيها بعض عناصر جماعة «الإخوان المسلمين» اغتيال الزعيم جمال عبدالناصر، أكتوبر 1954، من أهم فصول الإرهاب الذي تعرضت له مصر ولاتزال، وفي هذه الحلقة والحلقات التالية نستعرض تفاصيل الصراع الذي دار في الظل بين فرقاء المشهد المصري، ورسم الطريق إلى حادثة المنشية الإرهابية، فما دار في الظل كان أكثر إثارة وحسما مما دار في العلن.في نهار صامت تترقب فيه شوارع القاهرة ما ستسفر عنه أحداث ميدان «التحرير»، حيث أيقونة ثورة 25 يناير 2011، ممتلئ على آخره، والقيادي الإخواني محمد مرسي يفتح أزرار بدلته محتفيا بانتصاره في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2012، وغير بعيد عن مشهد الاحتفال بوصول أول «إخواني» إلى رئاسة مصر.

وفي أستوديو إحدى الفضائيات خرج ابن القيادي في الجماعة عبدالقادر عودة، د. خالد عودة، معلنا قبول العزاء في والده الذي أعدمه نظام الضباط الأحرار سنة 1954، نافيا مشاركة والده في محاولة اغتيال الزعيم جمال عبدالناصر، إلا أن أحد المشاركين في عملية الاغتيال المدعو، خليفة عطوة، يدخل على الخط معلنا صحة الواقعة قائلا: «مش هنكدب على ربنا تاني، كفاية كدب، الواقعة صحيحة».

يختلط الماضي بالحاضر، ليعيد تشكيل المستقبل، فجماعة «الإخوان» لم يغادرها العنف طويلا، ولم تقلع عن الإرهاب وأساليب الدم إلا على سبيل «التُقية»، تركت العنف لفترة لأنها أوكلت لجماعات خرجت من عباءتها مهمة القتل باسم الإسلام، لكن الأقنعة لا تنجح في إخفاء النوايا إلا لبعض الوقت، عنف الإخوان عاد إلى الواجهة وسقطت كل أحاديث المعايشة والمشاركة، اكتشف الجميع أنها كانت محض سراب.

وظل «الإخوان» ينكرون محاولتهم اغتيال الزعيم جمال عبدالناصر لعقود، حتى تم الاعتراف بصحة الواقعة عقب وصول محمد مرسي في يونيو 2012، وقتها شعر الإخوان بالتمكين، لاعبهم حلم أستاذية العالم، لم يدركوا طبيعة الشعب المصري، مد لهم الأخير الحبل لكي يسقطوا في مصيدة أفعالهم، تم إطاحة الإخوان من السلطة سريعا، فسقطت مقولات الجماعة عن المشاركة وعادت إلى العنف، في وقائع مسجلة بالصوت والصورة.

محاولة اغتيال عبدالناصر ظلت الجريمة الوحيدة التي بذل الإخوان جل جهدهم في نفيها عنهم، لا تعرف لماذا، الأمر الذي يطرح عدة أسئلة عن طبيعة العلاقة الملتبسة بين الإخوان والزعيم العربي، يلح علم النفس على المرء لتحليل هذه العلاقة، فهل وقع الإخوان في عشق جلادهم، ألم يكن عبدالناصر صورة البطل الذي انتظروه ليعيد إحياء أمجاد الأمة؟ هل وقع الإخوان في فخ العلاقات غير السوية في نظرتهم لعبدالناصر، فلم ينسوا يوما ما فعله في التنظيم، لكنهم يتذكرون له أنه كاد يحقق أحلام حسن البنا يوما؟ هل حكمت عقدة أوديب نظرة الإخوان، الأب الذي عبدوه وحاولوا قتله؟ أسئلة متروكة لتحليلات علماء النفس.

ما جرى في 7:55 ليل 26 أكتوبر 1954 لم يكن إلا قمة الجبل الجليدي الغاطس في سنوات مضطربة سبقت هذا التاريخ، ولولا ما جرى في سنوات نهاية الأربعينيات حتى مطلع الخمسينيات، ما كان يمكن أن تصل الأمور إلى قمة مأساتها بالصدام بين نظام يوليو وجماعة «الإخوان»، والذي فلت من عقاله في منتصف الخمسينيات وامتد إلى منتصف الستينيات، في مواجهة تكسير عظام كانت الأعنف بين الدولة المصرية وتنظيم الإخوان، حتى تاريخه.

علاقات قديمة

تبدو خيوط القصة مفككة، وجمعها يلقي بعض الضوء على ما جرى، في الأربعينيات كانت هناك مجموعة من ضباط الجيش الصغار، الذين ساءهم ما وقعت فيه البلاد من تراجع وضياع لاستقلالها في حادثة 4 فبراير 1942، عندما أجبر الاحتلال الإنكليزي الملك فاروق على تغيير الحكومة بعد حصار قصر عابدين.

ثم جاءت حرب تحرير فلسطين 1948 لتعمق الجروح، هزيمة موجعة للجيوش العربية أمام العصابات الصهيونية، أثبتت أن التغيير في القيادة مطلوب، من رحم تلك المعاناة خرج إلى الوجود تنظيم الضباط الأحرار داخل صفوف الجيش المصري.

وبينما سنوات الأربعينيات تغلي بالتغيرات الاجتماعية والسياسية، كان طبيعيا أن يتنقل الشباب بين مختلف التيارات بحثا عن حل لأزمة بدت مستحكمة، في تلك الأجواء اطلع بعض ضباط الجيش على فكر «الإخوان»، كان بينهم جمال عبدالناصر، بينما كان أنور السادات على علاقة وثيقة بالمرشد العام لجماعة الإخوان حسن البنا، وبدا البعض منحازا للفكر اليساري مثل خالد محيي الدين.

ورغم التباين في تقييم مدى عمق علاقة عبدالناصر بتنظيم الإخوان في الفترة الأولى من حياته، فإن شهادة خالد محيي الدين في مذكراته «والآن أتكلم» حسمت الأمر بتأكيد وجود صلة بين الضباط الأحرار و»الإخوان»، في إطار سعي الضباط في مقتبل الأيام للبحث عن القوى القادرة على الاصطفاف لمواجهة الاستعمار الإنكليزي، لكن الأمر لم يتعد مرحلة جس النبض والتقارب في مواجهة نفس الخطر الذي يتهدد الجميع، فظل ما يفرق بين الضباط الأحرار وجماعة «الإخوان» أكبر من أي محاولة لتقريب وجهات النظر.

ويرصد محيي الدين أول لقاء جمعهم بالبنا قائلا: «... كان حسن البنا يمتلك مقدرة فذة على الإقناع وعلى التسلل إلى نفوس مستمعيه، وكان قوي الحجة واسع الاطلاع، وفي اللقاء الأول معه بدأنا نحن بالحديث، وطرحنا –أنا وعبدالناصر- آراءنا، وعندما تكلم البنا أفهمنا بهدوء وذكاء أن الجماعة تعاملنا معاملة خاصة، ولا تتطلب منا نفس الولاء الكامل الذي تتطلبه من العضو العادي... تناقشنا معه، كان رحب الصدر، ألححت في ضرورة إعلان برنامج (للإخوان)... وأجاب (أي البنا): لو وضعت برنامجا لأرضيت البعض وأغضبت البعض، سأكسب ناسا وأخسر آخرين، وأنا لا أريد ذلك».

ويتابع محيي الدين: «وتتالت مقابلاتنا مع حسن البنا، وقد كان يمتلك حججا كثيرة لكنها لم تكن كافية ولا مقنعة بالنسبة لأكثرنا، وظل عبدالناصر مستريبا في أن الجماعة تريد أن تستخدمنا كمجموعة ضباط لتحقيق أهدافها الخاصة»، مؤكدا أن علاقة مع الإخوان سرعان ما أصابها الفتور قائلا: «... لا يمكن أن نقول إننا في يوم كذا انسحبنا من الجماعة، فقط أصبحت الشكوك تملؤنا وأصبحنا على غير وفاق، وغير متحمسين، وبدأنا نتباعد أنا وجمال، وربما بدأت الجماعة هي أيضا تستشعر أننا لا نمتلك الولاء الكافي فبدأت تتباعد عنا، وتدريجيا يأتي عام 1947 ليجد علاقتنا –جمال وأنا- وقد أصبحت باهتة تماما مع جماعة الإخوان».

وبغض النظر عن مدى دقة هذه الشهادة التي كتبت بعد رحيل عبدالناصر بسنوات، وبعد الوقائع نفسها بعقود، فإن المؤكد أن علاقة ما جمعت الإخوان بتنظيم الضباط الأحرار، وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952، كان الإخوان على معرفة بأبرز قادة الثورة الجديدة، بل إن بعض الإخوان تمادوا واعتقدوا أن الثورة التي أطاحت الملك فاروق هي ثورة إخوانية، ونظروا إلى قادة التنظيم نظرة تقدير وعرفان، وانتظروا منهم البدء في إقامة دولة إخوانية، فيما لم يكن الضباط الأحرار -وخاصة عبدالناصر- يدينون لأحد بما حققوه من نجاح إلا لأنفسهم فقط.

إعادة بناء

كانت الأمور مهيأة داخل جماعة «الإخوان» للقبول بتحالف غير معلن مع تنظيم الضباط، فقبل ثورة 23 يوليو وفي مطلع الخمسينيات كان تنظيم «الإخوان المسلمين» يعيد ترتيب صفوفه بعد الضربة الساحقة التي تعرض لها على يد الملك فاروق ورجال قصره، بحل التنظيم وتصفية حسن البنا، وإلقاء معظم قيادات الجماعة في السجون في أحداث 1948-49، وهي الأحداث التي خلفت انقسامات حادة داخل التنظيم، إذ بدأ الصراع بين الجناح المتطرف بقيادة صالح عشماوي، وآخر أكثر اعتدالا، وتأجيلا للصراعات تم اختيار المستشار حسن إسماعيل الهضيبي لشغل منصب المرشد العام للجماعة، رغم انه لم يكن من قيادات التنظيم.

ولم يمر اختيار الهضيبي مرشدا عاما مرور الكرام، بل أدى إلى أزمة داخل التنظيم، في ظل رفض العديد من قيادات الجماعة له، فهذا مراقب المركز العام للإخوان، فتحي العسال، يعتبر في شهادته التي أصدرها في كتاب «الإخوان المسلمون بين عهدين»، وصول الهضيبي إلى منصب المرشد «بداية النهاية في تاريخ الإخوان»، قائلا: «واختير الهضيبي الذي لا يعرفه أحد من الإخوان مرشدا عاما، واعترف الإخوان بزلتهم بعد اختياره، وعرفوه قريبا ونسيبا وصهرا لأربعة من رجال السراي الملكية... وكانت هذه القرابات بمثابة نعش لجماعة الإخوان، لأنها حكمت باختياره مرشدا»، معتبرا إياه مرشدا (أي مخبرا) للسراي لا للجماعة، ودلل العسال على ما اعتبره ثمنا لصفقة تعيين الهضيبي، أن الأخير تسلم من الدولة المركز العام للجماعة في حي الحلمية بالقاهرة، والذي كانت الدولة صادرته في أزمة 1948.

أما عن السياق العام للأحداث فيؤكد أن الجماعة التي بدأت عملية لملمة أوراقها، كانت تريد أن تنتهز الفرصة السانحة لإجراء عملية غسل، فاستكانت الجماعة تتحين الفرصة المناسبة للانقضاض على كرسي الحكم، منتظرة ما تسفر عنه الأيام من صراعات بين مختلف القوى السياسية، فالقوى الليبرالية نجحت في إقصاء حكومة السعديين التابعة للقصر، وأجريت الانتخابات التي فاز بها حزب الوفد باكتساح، وشكل مصطفى النحاس الحكومة في يناير 1950، وكان من أول قراراته الإفراج عن المعتقلين السياسيين بمن فيهم كوادر الإخوان، نكاية في القصر.

لكن جماعة «الإخوان» رفضت التحالف مع حزب الوفد، بل إن صالح عشماوي استصدر قرارا من مكتب الإرشاد لطرد مصطفى مؤمن من الجماعة، وهو الشخص المسؤول عن ملف الاتصال بين الجماعة والوفد، وكان هدف الجماعة استخدام ورقة العداء مع الوفد من أجل أن تستعيد علاقتها بالقصر، بل إن عملية اختيار المرشد الجديد كانت محاولة واضحة للتزلف للملك فاروق، فالهضيبي كان صهرا لناظر الخاصة الملكية نجيب باشا سالم.

ونجحت خطة الإخوان في التقرب من الملك فاروق الذي لم يبغض في حياته أكثر من حزب الوفد، وكان يرغب في الإطاحة بحكومة النحاس بأي شكل، ولم يجد أفضل من الإخوان والقوى السياسية الهامشية لتنفيذ رغباته، لذلك لم يكن غريبا أن يستقبل الملك -الذي رفض لقاء حسن البنا دوما- المرشد العام الجديد حسن الهضيبي في القصر الملكي نوفمبر 1951، ووفقا لشهادة الأخير المنشورة في مجلة روز اليوسف، فإن الملك طلب من الجماعة التخلص من العناصر الثورية داخل صفوف الجماعة، والالتزام بمهادنة الإنكليز والعمل على مواجهة الخطر الشيوعي.

لكن الهضيبي، وإن التزم بشكل واضح وصريح بكل ما اتفق عليه مع الملك، إلا أنه عمل على فتح خطوط اتصال مع تنظيم الضباط الأحرار، وكان المسؤول عن هذا الملف داخل الجماعة هو حسن العشماوي، يعاونه صالح أبو رقيق، في وقت كان الصراع على أشده داخل الجماعة بين التيار المتشدد بقيادة عبدالرحمن السندي وصالح عشماوي، والتيار الأقل تشددا بقيادة الهضيبي ومعظم أعضاء مكتب الإرشاد، ووجود تيار ثالث مهادن أقل شأنا.

كان الهضيبي اعتمد نهج التهدئة مع القصر تجنبا لأي صدام قد يكلف الجماعة البقية الباقية من قوتها من ناحية، والعمل على كسب ثقة الملك فاروق من أجل الحصول على وضع أفضل للجماعة في خريطة السياسة المصرية، لذلك نراه يستغل أي فرصة لإعلان ولائه الكامل للقصر، فمرة يزور الملك في أوج التظاهرات الرافضة لسياسات الملك وفساده في 1951، ليخرج بعدها مطالبا شباب الإخوان بالعكوف على قراءة القرآن والبعد عن التظاهرات، ومرة ثانية يزور القصر في 16 يناير 1952، مهنئا بمولد ولي العهد الأمير أحمد فؤاد.

سياسة الموالاة التي اتبعها الهضيبي كانت سببا في اشتعال الصراع داخل تنظيم الإخوان، وبلغ الصراع مستوى التصفية الجسدية، فالقيادي الإخواني محمد عبدالحليم، الذي يعد أحد أهم مؤرخي الإخوان، رصد في كتابه «الإخوان المسلمين أحداث صنعت التاريخ» كيف أن عبدالرحمن السندي دبر جريمة اغتيال القيادي الإخواني سيد فايز، الذي أوكلت له مهمة تحرير التنظيم الخاص من سيطرة السندي، يقول عبدالحليم: «لقد تخلص (أي السندي) منه (أي فايز) بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله»، شارحا كيفية تنفيذ الجريمة بالقول: «انتهز السندي فرصة ذكرى المولد النبوي الشريف، وأرسل إليه في منزله هدية علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه... فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته».

كانت الرغبة الإخوانية عارمة في التخلص من السمعة السيئة للتنظيم الخاص بتحميل السندي جميع الأخطاء والجرائم، وكان الأخير عنيفا في طرحه فثبتت عليه التهمة سريعا، خاصة عندما حاول احتلال المركز العام للجماعة هو وأنصاره، بل توجهوا إلى بيت الهضيبي وأساءوا إليه، وكان الهدف اقتحام المنزل وإجبار الهضيبي على الاستقالة، وتعيين أحد كبار رجال التنظيم الخاص مرشدا للجماعة، إلا أن المخطط فشل لأن الهضيبي تمسك بمقعده.

كما أن القطاع الأكبر من قيادات الإخوان رفضوا تحركات السندي، على الفور اجتمع مكتب الإرشاد في 22 نوفمبر 1953، وتقرر تشكيل لجنة من الهيئة التأسيسية للتحقيق في جرائم السندي، انتهت إلى إدانته، فصدر القرار بفصل السندي وصالح عشماوي ومجموعة من أبرز معاونيه.

اتصالات جديدة

في تلك الأجواء، بدأت الجماعة تعيد التواصل مع تنظيم الضباط الأحرار الذي بدأ يكتسب شعبية واسعة داخل صفوف الجيش المصري، خاصة بعد الهزيمة في حرب 1948، والتي انتهت بميلاد الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية، وكان عبدالناصر واضحا في البداية بعدم تبعية الضباط الأحرار لأي تنظيم آخر بما فيها جماعة «الإخوان»، ما أدى إلى انسحاب عبدالمنعم عبدالرؤوف من تنظيم الضباط الأحرار لرغبته الواضحة في إعلان تبعية الضباط الأحرار للإخوان، الأمر الذي رفضه عبدالناصر، مكتفيا بصلة التعاون المشترك.

وعلمت قيادات الإخوان أن شباب الضباط داخل الجيش يريدون القيام بعمل حاسم ضد الملك فاروق، ويقول حسن العشماوي: «بعض الزملاء –الذين لم نسمع لهم يومئذ- رفضوا إلى آخر لحظة قيام الجيش بحركة عسكرية كخطوة نحو الثورة العامة، لأنهم لا يثقون بحركات الجيوش، أما المتحمسون منا ومن غيرنا، المؤملون كثيرا في مستقبل الحرية، فلم يستمعوا إلى الزملاء الذين أشرت إليهم، ورأوا مخاطر مشاركة العسكريين في الثورة أهون من بقاء النظام القائم في مصر».

ووفقا للمؤرخ المصري د. عبدالعظيم رمضان، في كتابه «الإخوان المسلمون والتنظيم السري»، فإن صالح أبو رقيق كان أول من علم بميعاد الثورة قبل وقوعها، فوفقا لشهادة عضو مجلس قيادة الثورة، ففي صباح اليوم السابق على الثورة مباشرة، ذهب عبدالناصر وكمال الدين حسين إلى صالح أبو رقيق، وكان من قادة الإخوان، وأخطراه حسب الاتفاق المسبق بموعد الثورة، بهدف كسب تأييد الإخوان للثورة، كما تم الاتفاق على أن تقوم قوات من متطوعي «الإخوان» بالمعاونة مع وحدات الجيش للسيطرة على طريق السويس، لصد أي هجوم إنكليزي محتمل أن يتحرك نحو القاهرة لقمع تحركات الضباط وإعادة فاروق إلى عرشه.

كان الأمر أكبر من قدرة أبورقيق على الفصل فيه منفردا، اتصل بمرشد الإخوان، الهضيبي، الذي كان متواجدا في الإسكندرية وقتها، أخبره بالأمر الجلل، حصل سريعا على الرد، وافق الهضيبي على مساندة التنظيم للضباط الأحرار في مسعاهم، هنا توقف التاريخ لحظات، فمصر كانت مقبلة على صفحة جديدة في تاريخها، التحالفات القديمة كانت على وشك السقوط، وتحالفات جديدة على وشك أن تُعقد، لكن الحقيقة التي ظلت راسخة أن ما جرى في يوم 23 يوليو 1952 غير تاريخ مصر للأبد.

back to top