المعلومات لا تجعلك ذكياً

نشر في 12-08-2015
آخر تحديث 12-08-2015 | 00:01
No Image Caption
يتمتع بول فرامبتون بذكاء غير اعتيادي. لا شك في أن هذا البروفسور الدائم (السابق) المتخصص في الفيزياء من جامعة كارولاينا الشمالية، الذي يملك أكثر من 450 علماً يحمل اسمه، يتمتع بمعدل ذكاء عالٍ، فضلاً عن قدرات عالية في مجالات {التفكير المنطقي المجرد والفهم والوعي الذاتي والتواصل والتعلم والمعرفة العاطفية والذاكرة والتخطيط والابتكار، وحل المشاكل}. لكن بول فرامبتون ليس ذكياً. فما من رجل مسنّ ذكي في الثامنة والستين من عمره يمكن أن يصدق أن نقل كوكايين بقيمة 400 ألف دولار من بوليفيا إلى بروكسل قد يمنحه حب عارضة ملابس البحر المشهورة دنيز ميلاني. فمن يقع في شرك معسول مماثل يفتقر بالتأكيد إلى تحليل مشكك وقدرة على التوصل إلى أحكام سليمة وتفكير ناقد. تشكل حالة فرامبتون مثالاً يُظهر النقطة الأهم بشأن الذكاء: قد يكون الأذكياء أحياناً بالغي الغباء.

قدرة وتحكّم

يوضح الفيلسوف المعروف والمشكك الأزلي راي هيمان سبب ذلك في مقابلة شارك فيها أخيراً في برنامج The Skeptics› Guide to the Universe.

يقول: «الذكاء قدرة. لا تحدد لنا اختبارات الذكاء ما قد يقوم به الناس، بل القدرات التي يملكونها وما يحتمل أن يقوموا به. يكمن السر في الطريقة التي يستخدم بها الناس هذه القدرات».

تناولت بربارا دريشر، بروفسورة سابقة متخصصة في علم النفس في جامعة ولاية كاليفورنيا- نورثبريدج، هذا الموضوع بشكل أوسع في عمل من ثلاثة أجزاء نُشر في موقع جمعية Skeptics Society  على شبكة الإنترنت.

في عملها هذا، تصف دريشر الانضمام إلى «منسا»، الجمعية الدولية لمعدل الذكاء المرتفع المفتوحة أمام كل من يسجلون في اختبارات الذكاء معدلات بين الاثنين في المئة الأعلى. بعد الانضمام إليها، فوجئت حين اكتشفت أن هذه المنظمة تقدم اهتمامات خاصة تتمحور حول معلومات شبه علمية مثل الإدراك خارج الحسي، علم التنجيم، وعلم النفس الماورائي. فتساءلت: «لمَ تضم منسا، منظمة تشمل أكثر الناس ذكاء في العالم، مجموعات عن مواضيع مماثلة غير مثبتة علمياً؟». فدفعتها هذه الفكرة إلى التعمق في علم الذكاء، وخصوصاً ما يجعل أناساً يُفترض أنهم أذكياء غير منطقيين إلى هذا الحد.

اكتشفت دريشر الجواب بفضل تجارب مخبرية أجراها الباحثان كيث ستانوفيتش وريتشارد ويست. طرح ستانوفيتش وويست مجموعة من الأوضاع والمشاكل على المشاركين وتأملا في طرق التفكير التي اعتمدها هؤلاء لتحليلها وحلّها.

وقد ركّز هذا الثنائي بالتحديد على إجابات المشاركين الخاطئة وأسبابها. فاكتشفا أن الناس يخطئون لأنهم يميلون إلى التصرف بكبرياء، عجرفة، كسل معرفي، أو ضعف تفكير.

يستطيع الإنسان التحكم بكل هذه الصفات. فيمكننا تعمّد التحلي بالفضول والبحث عن المعلومات. ويمكننا الإقرار أننا قد نخطئ. ويمكننا أن نقرر التفكير ببطء وحذر. ويمكننا أن نقرر التحلي بعقل منفتح.

إذاً، نستطيع اختيار التحلي بالذكاء أو الغباء. أيهما تختار؟

back to top