فرسان تترجل

نشر في 02-01-2016
آخر تحديث 02-01-2016 | 00:01
 عبداللطيف مال الله اليوسف سقط الجندي الشجاع عقيد ركن سلطان محمد بن هويدن الكتبي ورفيقه في السلاح عقيد ركن عبدالله محمد السهيان، فهما فارسان عربيان خليجيان امتطيا صهوة المجد والخلود ينحدران من بيئتين عربيتين شيمة كل منهما الإباء والشمم، ففي الثالث عشر من شهر ديسمبر 2015 انطلق القائدان الإماراتي والسعودي يتقدمان رتلا عسكريا لتفقد بعض المواقع الأمامية المكلفة بحماية ميناء الحديدة اليمني، فتعرضت مقدمة الرتل لنيران معادية أدت إلى استشهادهما.

حقا علينا، وقد اتسع الخرق على الراقع اليمني، أن نبصق على ذواتنا نحن الخليجيين العرب لو لم نهب لنجدة اليمن، الذي استجار بنا، واكتفينا بدلا من ذلك بتعييره بحوثييه الذين أدخلوا الإيرانيين في منطقة شبه الجزيرة العربية مثلما عير العرب الفلسطينيين في غزة بسبب إدخالها الإيرانيين في غزة لضرب الخاصرة المصرية (على حد تعبير بعض كتابنا)، ولم ندرك أن اضطهاد العرب وازدراءهم الفلسطينيين هما سببا دفع الفلسطينيين للسقوط في أحضان الإيرانيين الذين يتربصون بنا كل هفوة؛ ليعملوا على شق الصف العربي، نعم لم نحذُ، نحن عرب الخليج، تجاه اليمن حذو العرب تجاه فلسطينيي غزة، ولم نستخدم التعيير سلاحا ندرأ به عجزنا عن نصرة قضايانا الوطنية والقومية مثلما فعلت اللجنة العسكرية لجامعة الدول العربية في عام 1948 إزاء توسلات قائد النضال الفلسطيني آنذاك الشهيد عبدالقادر الحسيني عندما استعان بهم لتزويد الفلسطينيين بالمدافع لتحرير القسطل الذي احتلته العصابات الصهيونية، فتهكموا عليه بقولهم: بعد أن فرطتم بهذا الموقع جئتم تطلبون المدافع، اذهبوا لاستعادته وليس لدينا مدافع، هذا ما صرخ به إسماعيل صفوت ورفاقه في هذه اللجنة المتخاذلة التي نضحت تخاذلا، ودفعت بهذا القائد الشجاع ليعود حيث ساحة القسطل ليستشهد أمام عدو متفوق في العدة والعدد شريفا أبي النفس عن ذل السؤال.

لم تزل فينا بقية من رمقٍ قوميٍّ فاجأنا به أعداءنا الذين اعتقدوا أننا أصبحنا جثثا هامدة عندما تحطمت أعتى ركائز قواتنا، فالعراق وسورية ومصر تهيمن عليها أوضاع كارثية كان من أبنائها من ضاعف هذه الأوضاع وصنعها، ولذلك فقد تراقصوا من حولنا تراقص من يجهل سر هذه الأمة التي لا تموت، فكلما خبت لها جذوة توهجت لها أخرى، فلا غرابة وحال أمة كالأمة العربية أن تنطلق من أرض مملكة التوحيد كوكبة من صفوة القوم تدعو إلى توحيد المواقف والرؤى، فتتداعى لها الأفئدة من مصر والسودان والمغرب والأردن ومن كل حدب وصوب لتشكل عاصفة حازمة محكمة الحبكة والنسيج.

في مقالنا الذي نشرته جريدة القبس في 19/ 12/ 2009، والذي اعترضه مقص الرقيب فأفقده مضمونه ومحتواه، تعرضنا إلى محاولة الحوثيين احتلال جبل الدخان الواقع داخل أرض المملكة العربية السعودية، وأوردنا حينذاك العبارة التالية «إن التحرش الحوثي باحتلال جزء من دولة منيعة يُخشَى جانبها»، فكان أن اتصل أحد الإخوة اليمنيين مستفسرا: من الذي يخشى؟ فأوضحنا له أن هذه الكلمة يجب أن توضع الضمة على حرف الياء فيها والفتحة على حرف الشين حتى يبنى الفعل للمجهول ويكون الفاعل الذي يخاف مستتراً غير محدد بفرد أو جماعة، فإذا كنت من الحوثيين فعليك أن تبلغ بأن الغيّ وركوب الرأس عاقبتهما وخيمة، فاستمر غاضباً: وهل تستطيع معرفة قوة المملكة حتى تقول ما قلت، فأوضحت له أنه لا أنا ولا أنت نستطيع تحديد مدى هذه القوة، ولكن الذي أنا متأكد منه هو أن قواتها تفوق ما لدى الحوثي من قوة وما لدى أي دولة من دول شبه الجزيرة، كما أن قوة الدول لا تقاس بالقوة العسكرية المجردة، بل أيضا بالقوة الاقتصادية والسياسية التي تتدخل فيها مساحة الدول وموقعها الجغرافي وعدد سكانها، وهذا ما يطلق عليه الجيوسياسي. كل هذه العوامل ترجح كفة دولة على أخرى، والآن لا يهمنا إن كان المتصل حوثيا أم لم يكن كذلك بعد أن بددت هذه القيادة الحكيمة الشكوك التي ساقها الأعداء حول ضعفنا وتخاذلنا.

back to top