شخصية الفرفور بيريث الإسبانية وملوك الشرق

نشر في 12-09-2015
آخر تحديث 12-09-2015 | 00:01
 د. أفراح ملا علي هناك العديد من شخصيات الفانتازيا، التي انتقلت من ثقافة إلى أخرى، وتغلغلت بعاداتها وتقاليدها، حتى اندرجت تحت الشخصيات الأسطورية والخرافية العالمية، وفي هذا الصدد تتفرد إسبانيا بشخصيات قد تكون موجودة تاريخياً مع إضافات خيالية، إلى جانب شخصيات أخرى أسطورية تماماً.

ومن أهم تلك الشخصيات، التي لها بدون شك حضور تاريخي، ملوك الشرق الذين تنبأوا بولادة المسيح عليه السلام، من خلال النجوم وأحضروا الهدايا إلى السيدة مريم العذراء بمناسبة ولادة سيدنا عيسى، كانت الهدايا عبارة عن بخور وذهب.

الكنيسة ذكرت بين مخطوطاتها أنهم روحانيون متنبئون بهذه الولادة المباركة، ولكنها لم تذكر أسماءهم، كما لم تذكر أيضاً أنهم ملوك! في وقت لقبتهم بعض المخطوطات بالحكماء، ولكن مع مرور الوقت ومن خلال تناقل هذه القصة أصبحوا ملوكاً، وأصبحت لهم أسماء، إذ ترجح بعض كتب التاريخ أن يكون ميلشور وغاسبار وبلتاسار من أصل فارسي، ولكن ما أهمية هذا اليوم بالنسبة للإسبان؟ وهل هناك تقليد؟

تحديداً في 5 يناير، تحتفل إسبانيا بملوك الشرق، فيطلب الأطفال هدايا يكتبونها في رسائلهم، وتصل هذه الهدية من ملوك الشرق كما هو الحال مع بابا نويل، الشخصية العالمية المعروفة! وكلنا يعرف من الملوك الحقيقيون الجالبون للهدية، غير أن الطفل الذي يعيش في عالمه الخاص لن يدرك هذا الشيء حتى يكبر، ويصبح أباً أو أماً يوماً ما. بعد موعد الغداء من هذا اليوم تمر عربة عملاقة تجرها أحصنة أصيلة مليئة بالحلويات وثلاث شخصيات يصورون على أنهم ملوك الشرق! فيبدأ الملوك بنثر الحلويات المغلفة والأطفال يهمون بالتقاطها وتجميعها. وهذا واحد من أجمل الاحتفالات الموجودة في إسبانيا. وهناك مصادفة جميلة جداً، ألا وهي تاريخ ولادة الملك خوان كارلوس ملك إسبانيا السابق في 5 يناير، والتي تصادف هذا الاحتفال الجميل، وأيضاً تصدف تاريخ ولادة كاتبة هذا المقال الشيق والمحبة لنشر الثقافة الاسبانية بينكم بكل تواضع وكل مودة.

ولكن إذا سألنا عن أصغر تمثال موجود في العاصمة الإسبانية مدريد، فقد يكون أصغر تمثال في العالم بلا منازع، وهو للشخصية الخرافية الفرفور بيريث. وهو عبارة عن فأر يترك تحت الوسادة بعض النقود المعدنية للأطفال عند سقوط سنهم اللبنية. الفرفور بيريث شخصية مشهورة جداً في إسبانيا وأميركا اللاتينية. تختلف الثقافات بلا شك وتتعدد الأسماء، ولكن تلك الشخصية تبقى كما هي، فعلى سبيل المثال، تعرف في المكسيك بفأر الأسنان، وفي شيلي والأرجنتين، وفنزويلا، والأوروغواي، وكولومبيا تسمى بالفأر بيريث أو بيريس.

وفي أوروبا وتحديداً في إيطاليا يسمي توبولينو أو فاتينا! وفي فرنسا يلقب بـ"لا بيتيت سوغية"، وفي الدول الأنجلوسكسونية تشتهر بشخصية عفريتة الأسنان، ولكن في شمال إسبانيا وتحديداً في إقليم الباسك يؤخذ الضرس ليرمى فوق السطح! وأعتقد أن ذلك هو الأقرب إلى الثقافة الكويتية، فالطفل الكويتي عندما يفقد ضرساً لبنياً يرميه إلى الأعلى، حيث الشمس، صارخاً: "يا شمس خذي ضرس الحمار وعطني ضرس الغزال"!... ودمتم بفانتازيا إسبانية.

back to top