التقارير عن السرطان... مبالغة بلا أمل

نشر في 09-01-2016 | 00:00
آخر تحديث 09-01-2016 | 00:00
No Image Caption
تُنشر كل سنة مئات المقالات عن علاجات {ثورية} جديدة لمرض السرطان. ولكن رغم كل هذه الأخبار الإيجابية، ما زال السرطان يقتل أكثر من نصف مليون شخص في الولايات المتحدة كل سنة. فإما هذه العلاجات غير فاعلة، أو أن هذه التغطية غير دقيقة.

تشير دراسة أعدت أخيراً إلى أن الاحتمال الثاني هو الأرجح.

خلال الصيف الماضي، بحث طالب الطب ماثيو أبولا من جامعة Case Western Reserve والبروفسور المساعد فيناي براساد من جامعة أوريغون للصحة والعلوم على Google News عن مقالات عن علاجات السرطان نُشرت خلال أربعة  أيام (من 21 إلى 25 يونيو) عقب مؤتمر الجمعية الأميركية للأورام السريرية. أراد الباحثان التحقق تحديداً من مقالات لجأت إلى مصطلحات مبالغ فيها، مثل {إنجاز}، {معجزة}، {علاج شافٍ}، {ثوري}، {مذهل}، و}الأول من نوعه}.

اكتشف الثنائي 94 مقالاً في 66 وسيلة إعلامية مختلفة استخدمت مصطلحات مبالغاً فيها لوصف علاجات السرطان. صحيح أن الصحافيين أنفسهم قرروا في غالبية الحالات (55 %) استخدام هذه الصيغ، لكن الأطباء وقعوا في خطأ استعمال لغة مبالغ فيها في أكثر من ربع هذه المقالات.

بالإضافة إلى ذلك، اكتشف براساد وأبولا أن 18 إلى 36 دواء وصفت بهذه الطريقة المبالغة فيها لم تحظَ بعد بموافقة إدارة الأغذية والأدوية الأميركية. وما يثير القلق حقاً أن خمسة من هذه الأدوية الستة والثلاثين لا تحظى بأي بيانات سريرية من تجارب بشرية بغية دعم فاعليتها.

من ضمن العلاجات الأبرز التي نالت ضجة كبيرة في أكثر من 20 مقالاً تركيبة من الإيبيليموماب والنيفولوماب. في تجربة سريرية شملت أكثر من مئة مريض يعانون الميلانوما (ورم ميلانيني)، حسّن هذا العلاج الاستمرار على قيد الحياة لنحو 4.2 أشهر كمعدل، مقارنة بمجموعة الضبط. ولا شك في أن هذه خطوة تستحق الثناء، إلا أنه لا يشكل تقدماً ثورياً، خصوصاً أن 43 % من المرضى توقفوا عن مواصلة العلاج بسبب {ردود فعله القوية الخطيرة}.

لكن هذه الهوة المستمرة بين الواقع والتقارير المقدمة تحوّلت إلى مشكلة.

أخبر براساد Washington Post: {يُعتبر بعض هذه الأدوية ممتازاً. ومن الطبيعي أن تتحدث بحماسة عنه. ولكن عليك الموازنة بين الحماسة والتوقعات المنطقية. من المؤكد أننا نريد أملاً، إنما أملاً منطقياً. هذا ما نصبو إليه كلنا}.

لا شك في أن التفاؤل مبرر. فبين الاكتشاف المبكر، تدابير الوقاية، وتحسن العلاجات، تراجعت وفيات السرطان من 215 وفاة في كل 100 ألف عام 1991 إلى 172 وفاة في كل 100 ألف عام 2010. وعلى غرار السلحفاة في قصة أيسوب، التي تفوقت على الأرنب بمواصلتها السير بخطى صغيرة إنما حثيثة، سنحقق النصر الأكيد في معركتنا ضد مرض السرطان.

ربما يتوصل العلماء ذات يوم إلى علاج {معجزة} حقيقي. ولكن إلى أن يحل هذا اليوم، تقع على عاتق كل مَن يعد تقريراً عن علاجات السرطان مسؤولية تجاه مرضى السرطان، فضلاً عن أصدقائهم وأفراد عائلاتهم: الالتزام بالأدلة ونشر الأمل الحقيقي لا الكاذب. في عام 2014، تناول أوليفر تشايلدز مفهوم علاجات السرطان {العجيبة} في جمعية Cancer Research UK: {لا نسمع إلا قصص النجاح. ولكن ماذا عمن حاولوا إلا أنهم لم ينجحوا؟ لا يستطيع الموتى الكلام. ويعمد مَن يطلقون مزاعم وقحة عن علاجات {عجيبة} إلى اختيار أفضل حالاتهم من دون تقديم الصورة الكاملة}.

أضاف: {يشدد هذا الأمر على أهمية نشر بيانات من أبحاث مخبرية وتجارب سريرية معدة بإتقان علمي وخاضعة لمراجعة علماء آخرين. ويعود ذلك أولاً إلى أن إجراء التجارب السريرية الملائمة يتيح للباحثين إثبات أن علاج السرطان المحتمل آمن وفاعل، وثانياً إلى أن نشر هذه البيانات يتيح للأطباء حول العالم تقييم العلاج بأنفسهم واستخدامه لفائدة مرضاهم. هذا هو المعيار الذي يجب أن نقيم على أساسه كل علاجات السرطان}.

إذاً، على كل مَن يعد تقريراً عن علاجات السرطان أن يبقي هذه النصيحة في ذهنه، متفادياً المبالغة.

back to top