فتاوى عصرية: اشتراط موافقة القضاء على تعدد الزوجات أو الطلاق يخالف الشرع

نشر في 01-07-2016
آخر تحديث 01-07-2016 | 00:00
No Image Caption

السؤال:

ما حكم منع تعدد الزوجات أو الطلاق إلا بعد موافقة القاضي؟

المفتي:

مفتي الديار المصرية، الدكتور شوقي علام.

الفتوى:

تعدد الزوجات والطلاق أمران جعلهما الشرع الشريف للرجال أصالة، وأناط بهم الأخذ في ذلك بما يرونه محققا للمصلحة التي يقدرونها بأنفسهم، واشتراط موافقة القضاء عليهما أو على واحد منهما هو على خلاف الأصل، لأن فيه نقلا للتكاليف الدينية المتعلقة بين العبد وربه إلى مجال التطبيق القضائي، والعقود إنما يرجع إلى القضاء فيها عند حصول النزاع في الآثار المترتبة عليها، لا عند عقدها ابتداء.

ومن المقرر شرعا أن الإسلام أباح للمسلم التزوج بأكثر من واحدة، وجعل الحد الأقصى للجمع بين الزوجات أربعاً، وهذا كله محل إجماع، وقد قيد الإسلام هذه الإباحة بالقدرة على الإنفاق والعدل بينهن فيما يستطيع الإنسان العدل فيه حسب طاقته البشرية، وذلك في المأكل والملبس والمشرب والمسكن والمبيت والنفقة، فمن علم من نفسه عدم القدرة على أداء هذه الحقوق بالعدل والسوية فإنه يكون آثما ومرتكبا لذنب إذا تزوج بأخرى، ودليل ذلك قوله تعالى: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" (النساء:3) وقوله (ص): "إذا كانت عند الرجل امرأتان، فلم يعدل بينهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل أو ساقط".

وأما تدخل القضاء بمنع تعدد الزوجات والطلاق من غير موافقة الزوج فهو على خلاف الأصل الذي جرى عليه عمل المسلمين، من أن حل عقدة النكاح بيد الرجل كما هي الحال في إبرامها، لأن التعدد مباح للرجال بإباحة الشرع لقوله تعالى: "فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاع" (النساء : 3)، كما أن الطلاق في الأصل هو حق الزوج، لقوله (ص): "يا أيها الناس، ما بال أحدكم يزوج عبده أمته، ثم يريد أن يفرق بينهما، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق" أخرجه ابن ماجه في سننه، والبيهقي في السنن الكبرى عن ابن عباس (رضي الله عنهما)، ولفظ البيهقي: "ألا إنما يملك الطلاق من يأخذ بالساق"، فالتعدد والطلاق راجعان إلى تقدير الرجل ونظره ولا سلطة عليه في ذلك إلا من الشرع والوازع الديني، والأصل عدم جواز سلبه ذلك.

ومن الأسباب التي ترخص للزوجة شرعاً وقانوناً طلب تطليقها من زوجها أمام القاضي إذا رفض الزوج طلاقها اقترانه بغيرها إذا ترتب عليه ضرر تستحيل معه العشرة بين أمثالها، وعليه فإنه يجوز تطليق المرأة من زوجها الذي تزوج عليها إذا وقع ضرر بسبب هذا الزواج، وعليها أن تثبت الضرر الواقع عليها بكافة طرق الإثبات.

back to top