عميد «الدعوة الإسلامية» في جامعة الأزهر د. جمال فاروق لـ الجريدة.: الخطاب الديني المتشدد ساهم في ظهور الإلحاد

«بعض التيارات تتاجر بالدين... ولا يرفض التجديد إلا الجاهل»

نشر في 01-07-2016
آخر تحديث 01-07-2016 | 00:01
د. جمال فاروق
د. جمال فاروق
قال عميد كلية الدعوة الإسلامية في جامعة الأزهر، د. جمال فاروق، إن الإسلام لم يحدد نظاما معينا للحكم، مؤكدا في مقابلة مع "الجريدة" أن المتشددين ساهموا بشكل كبير في تنفير بعض الشباب من دينهم، بل وصل الأمر إلى حد الإلحاد بسبب الخطاب المنفر.. وإلى نص المقابلة.

● هل الإسلام حدد نظاماً للحكم؟

- الإسلام ترك السياسة لمستجدات كل دولة سواء كانت خلافة أو إمارة أو جمهورية، ولكل دولة أحكامها وظروفها الخاصة التي تناسبها، إلا أنه وضع لنا الضوابط الأساسية للحكم والتي تركز على العدالة والمساواة والشورى والتشاور وهي بمثابة ضوابط العلاقة بين الحاكم وشعبه.

● هل التيارات المتشددة سبب في ظهور الملحدين؟

- نعم المتشددون ساهموا بشكل كبير في تنفير بعض الشباب من دينهم، والملحد لم يعد يخجل من إعلان الإلحاد، وهذا بسبب الخطاب الديني الخشن المنفر المتشدد البعيد عن الدين، فالنفس البشرية توجد منها النفس المطمئنة، والنفس الشريرة، وعندما نعنف الناس ستخرج شخصيتهم المتمردة، فضلاً عن ممارسات التيارات المتطرفة التي نسبت زورا وبهتانا إلى الدين.

● هناك دعاة يرفضون التجديد، كيف ترى هؤلاء؟

- هؤلاء جهلة، يفتقرون للأدوات فهذه هي المأساة، هم لا يملكون أدوات ولا علماً، فالعلوم الدينية لا تأتي بالفهلوة، فالله سبحانه وتعالى ترك الباب مفتوحا ليوم القيامة للاجتهاد والتجديد، مصداقاً لقول الرسول (ص): "يبعث الله على رأس كل مئة سنة من يجدد دين هذه الأمة".

● ما رأيك في الدعوات المطالبة بالتخلص من كتب التراث؟

- الدعوات بإحراق كتب التراث أو التخلص منها بحجة أنها تحوي شوائب، أمر غير صحيح، ونحن لدينا من يأخذ من التراث ما لا يصلح للعصر، لكنني مع النقد البناء بعيدا عن الإسفاف والسباب، فأرفض مثلا من يلعن ابن تيمية فهو رجل أفنى حياته في العلم وأصاب وأخطأ، وعلينا أن نأخذ ما يناسب عصرنا.

● ماذا عن دور المؤسسات الدينية؟

- صراحة، المؤسسات الدينية يقع عليها دور كبير، وعلى العلماء والأساتذة في تلك المؤسسات وضع آليات جديدة للتدريس، وأعترض على أسلوب الحفظ والتلقين، فنحن في أمس الحاجة إلى التفنيد والتصحيح وليس مجرد الحفظ لكتب التراث.

● زاد مؤخراً الهجوم والطعن في "صحيح البخاري"، فما ردك؟

- الهجوم على البخاري ليس بجديد ودورنا متقاعس، وللأسف معظم المختصين يتعاملون مع ما درسوه على أنه مقدس، وبالتالي يرفضون المساس به، وليس لديهم المنهج المنطقي في التقييم والرد وهم رافضون لتفعيل العقل، والبخاري عمل بشري يصيب ويخطئ، والإمام البخاري جاء بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام بقرنين من الزمان.

● من وجهة نظرك ما المفاهيم المغلوطة التي تتطلب تصحيحاً؟

- بعض المفاهيم المغلوطة عن الإسلام مثل الجهاد والجزية والحاكمية وغيرها، لابد من التركيز عليها لتصحيح ما لحق بها، فبعض التيارات استغلت تلك المفاهيم وأساءت استخدامها بشكل خاطئ، ولابد من مخاطبة الآخرين بلغاتهم وثقافتهم، والإسلام دين يكفل حرية الاعتقاد ولا إكراه في الدين، وأنه يساوي بين الناس في المواطنة والحقوق والواجبات على اختلاف معتقداتهم، وأن هدفه العدل والرحمة والارتقاء بالبشر.

● هل يتم استغلال الدين من قبل البعض؟

- نعم، بعض التيارات تستغل النصوص الدينية من أجل تحقيق مصالح سياسية ومصالح خاصة وهو نوع من المتاجرة بالدين، فالإسلام بريء مما يرتكبه بعض المنتسبين إليه من التكفير، وترتيب بعض الأفعال الإجرامية من ذبح وحرق وتمثيل وتدمير وتخريب، ولا يصح أن يحتج على الإسلام بأخطاء بعض المنتسبين إليه، ولا بسوء فهمهم له، أو انحرافهم عن منهجه.

● هل من حق أي تيار ديني إعلان الحرب والجهاد باسم الدين؟

- الجهاد ليس لعبة ولا يمكن استخدامه أداة في يد بعض التيارات لتحقيق مآربها، فالإسلام يحرم الاعتداء على الدماء والأعراض والأموال إلا ردا لعدوان ظاهر على الدولة، ووفق ما يقرره رئيسها والجهات المختصة بذلك فيها، فإعلان الحرب دفاعاً عن الأوطان حق للدولة، وفق ما يقرره دستورها ورئيسها وليس حقا للأفراد.

● كيف ترى المناهج الإسلامية في المدارس والجامعات؟

- يجب إعادة النظر في مناهج الدراسة الدينية والثقافية في المؤسسات التعليمية في العالم العربي والإسلامي، وتنقيتها من المسائل المرتبطة بظروف تاريخية وزمانية ومكانية معينة، مما يتطلب إعادة النظر فيها، وفق ظروفنا وزماننا ومكاننا وأحوالنا بما يؤدي إلى نشر ثقافة التسامح، وتكوين العقل بما يجعله قادرا على التفكير وإنزال الأحكام الشرعية على المستجدات والنوازل من غير مجافاة للواقع أو التضارب معه، كما أننا بحاجة للتطوير والتعديل لمسايرة المستجدات والمتغيرات العصرية، والإمام الشافعي (رحمه الله) حينما قدم إلى مصر غيَّر معظم المسائل الفقهية التي تناولها في العراق حتى تناسب عصرها ومكانها، فلابد من مراجعة المناهج كل عامين على الأقل لمسايرة الواقع، وللأسف هذا ما يحدث أيضا على مستوى الأئمة فهناك من يعتلون المنابر ويخطبون بلغة قديمة ومعلومات ضعيفة، ومغيبين عن الواقع والمستجدات، وهؤلاء أشد خطورة من المضللين.

● ما مواصفات الداعية؟

- لابد أن يجمع بين العلم وفن الدعوة، ولا يصح له التعرض للفتوى، فإن لها ضوابط، وليس كل داعية يصلح مفتيا، وهناك فارق بين الداعية والعالم، وهناك عالم بمعنى الكلمة لكنه لا يستطيع توصيل المعلومة ولا يتمتع بملكة الخطابة، بينما يوجد داعية محدود الثقافة ولديه رصيد جماهيري كبير.

يجب إعادة النظر في المناهج الدينية بالمؤسسات التعليمية
back to top