تعديل «الانتخاب»... سُبّة في جبين «الأمة»

نشر في 24-06-2016
آخر تحديث 24-06-2016 | 00:15
No Image Caption
لا تكفي كلمة "عيب" لوصف ما أقره مجلس الأمة في جلسة الأربعاء الماضي، وحتى مقولة "عار عليه" ليست كافية... فما ارتكبه مجلسنا الموقر ليس خطأً عادياً، بل خطيئة لا تغتفر، وسُّبّة ستظل عالقة في جبينه.

فهل يعقل أن يقر المجلس في يوم واحد تعديلاً مجحفاً على قانون الانتخاب عبر تقديمه الاقتراح، وعرضه على اللجنتين "التشريعية" و"الداخلية"، ثم إدراجه على جدول الأعمال قبل نهاية الجلسة بساعتين، ليتم التصويت عليه في مداولتين، ليُقر ويحال إلى الحكومة في نفس الوقت؟!.

هذا لا يحدث في أي من برلمانات العالم، بل لا يحدث حتى في ظل الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ.

فما الحكمة من تغليظ عقوبة الإساءة إلى الذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية، رغم ما لها من عقوبة في الأساس، حتى يأتي المجلس ليشرع حرمان مرتكبها من حق الترشح والتصويت؟!، التفسير المنطقي الوحيد هو أنه يأتي بغرض الاستهداف والإقصاء.

هذا يذكرنا بذلك القانون الذي اقتُرِح في فبراير 2012 لإيقاع عقوبة الإعدام بالمسيء للذات الإلهية والأنبياء، والذي صوّت عليه الأعضاء، حكومة ونواباً، لكن حكمة سمو الأمير وبُعد رؤاه دفعاه إلى رفضه وإعادته إلى المجلس.

مجلسنا الحالي يريد إعادة الكَرّة ويسعى للوصول إلى الإعدام السياسي والاجتماعي للمسيء للذات الإلهية أو الأميرية غير مكتفٍ بالعقوبات التي نص عليها القانون، فأضاف مادة جديدة إلى قانون الانتخاب يحرِم بموجبها المسيء من الترشح والتصويت، بل هناك في الحكومة والمجلس من يريد إقرارها بأثر رجعي لتصفية حسابات ليس إلا.

ليس هناك أخطر من أن تبنى العملية التشريعية على بواعث الرغبات والنزوات وأن تدار بنظام "السلق"... فحين أقر المشرع نظام التصويت بمداولتين، حدد ذلك كي يمنح العضو الفرصة للتروي وإعادة التفكير فيما يصوت عليه، فهل يعقل أن تكون المداولتان في دقائق قليلة لا تلائم على الإطلاق خطورة التعديل وتداعياته؟!

تشريع الأربعاء الشائن في هذا المجلس فيه من المثالب الدستورية والإنسانية والقانونية الكثير والكثير... وهو ما سنعرضه من خلال آراء الخبراء الدستوريين والقانونيين.

وحتى الآن لا نعرف ما المبرر الذي دفع المجلس إلى تجاوز سرعة البرق في إنجاز هذه الإضافة على قانون الانتخاب؟! وكيف أدرك وزراء الحكومة الأفاضل أن قانون حرمان "المسيئين" يهدف إلى استقرار الكويت ولا يستهدف أشخاصاً، فمتى قرأوه ومتى قيّموه... مع أن كل حفلة "الزار" لم تستغرق ساعتين؟!

إن كان المجلس يريد مصلحة البلد، فهي لا تدار بهذه الطريقة، ومصالح الأمة تتطلب التريث والتروي في التشريع لها، ومجلس "الأربعاء الأسود" أقر أربعة قوانين وعدداً من الميزانيات في جلسة واحدة... هذا ليس إنجازاً بل عجز عن فهم العملية التشريعية، وتسويف لمبدأ التشريع مثلما هو تسطيح لمبدأ الرقابة والمراقبة.

إننا عاجزون عن الكلام من هول ما تمارسه المؤسسة التشريعية، وأملنا بل "عشمنا" يبقى في حكمة صاحب السمو الأمير وبُعد نظره، ولنا في حكمته مثلٌ بإعادته قانون إعدام "المسيء للنبوة"، فهذا القانون المعني بالإعدام السياسي لـ"المسيء للذات"... ليس بعيداً عن ذاك، وآمالنا معقودة على سموه.

الجريدة

back to top