جلست... والخوف بعينيها!

نشر في 11-06-2016
آخر تحديث 11-06-2016 | 00:08
 يوسف عوض العازمي استجلاب الأسباب لبحث بعض قضايا السياسة هو ذاته استقصاء للآراء حول ظروف وأحوال هذه السياسة، يتخللها استطلاع شخصي لأصوات الواقع وضوضائه، عندما نكتشف أن كتلاً سياسية قد أثرت بها عوامل التعرية الزمنية، إلى أن انسلخت عن مبادئها، وآثرت التراجع لحاجة في نفس يعقوب، لتجد نفسها خارج متناول الحقيقة.

السياسة تتحدث بلغة الدبلوماسية، التي تتفرع منها لهجات متعددة، أشهرها لهجة "الغاية تبرر الوسيلة"!، وعندما ترى أحوال متحدثي هذه اللهجة تجد التنافر الحاد بين حروف الجر، التي وضعت بشكل يعجز حتى سيبويه عن إعرابها، فكل حركاتها الإعرابية تختلف من جملة إلى أخرى، وإن كان الملاحظ هو البناء على الكسر! وإن كان "البناء على السكون"، ضمن تلك القائمة، وبالأرقام المتقدمة!

استنباط الأقوال المدرجة على جدول أعمال الساحة قد لايكون دقيقاً دقة الساعة السويسرية، ولا أنيقاً أناقة فرنسي يلبس من ماركة "لويس فيتون"!، فالأقوال المدرجة في ناحية، وأفعالها تتحدث في أحد مقاهي الجادة الخامسة بناحية أخرى!

ثم ندلف إلى هناك، بعيداً في أوروبا، لنتابع الأحاديث أيام زوارق الموت، وتصدح حشرجات النزع الأخير وسط بحار الأبيض المتوسط المترامية، حيث تستعر الجنبات، وتستنفر الجثث واحدة تلو الأخرى، طافية فوق سطح العباب، أو ممددة في عمق اليم كوجبة مجانية للأسماك، أما من حسن حظه ووصل إلى الشاطئ، فسيدخل في حسبة ومعادلة يعجز عن حلها علماء الجبر والرياضيات، بعدما ركب المجهول في عمق المجهول متوجهاً إلى مجهول!

ومن نهارات دولة بني عثمان، وليالي من كانت ذات يوم "القسطنطينية"، إلى تنافس لمقابلة سماسرة التهريب إلى الجنة الموعودة، في ساكسونيا وبلاد الجرمان، ليلحقوا بركب أيام ليست كالأيام، أيام تحمل الفرح والحزن والطمأنينة والخوف، في بوتقة واحدة، يقدمها غثاء الأحلام وكوابيسها!

السطور تنجذب إلى سطوة الإحساس بالألم في ليلة يسهرها لاجئ في دجى ليل بارد كئيب في إحدى حارات "غازي عنتاب" العتيقة، ويناجي ضوءاً خافتاً، مستمعاً لمذياع قديم يبث أغنية قديمة من شعر نزار قباني، حيث يحكي له عن امرأة قد "جلست والخوف بعينيها... تتأمل فنجاني المقلوب"، وأمام إحدى العرافات التي تصارحه بأنه سيحب كثيرا وكثيرا، لكنه سيرجع مكسور الوجدان، وفي آخر الفنجان تصارحه بحزن بأنه يطارد خيط دخان!

تتحدث معه الأغنية عن أمنية عمره و هي: الأمان! لكن أين ذلك الأمان، وهو يطارد خيط دخان!

back to top