هل ينجح خلف أوباما في إصلاح إخفاقاته في الشرق الأوسط؟

نشر في 05-06-2016
آخر تحديث 05-06-2016 | 00:00
 فيسكال تايمز أياً كان الواصل إلى البيت الأبيض في شهر نوفمبر المقبل، فإنه سيواجه تحدياً يطغى على غيره من التحديات في السياسة الخارجية: كيفية توجيه عملية الانتقال بين اثنين من تحالفات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، علماً أن التطورات اليومية جعلت عملية الانتقال هذه خطوة لا مفر منها.

في هذه المسألة، نرى من جهة إيران ومن الجهة الأخرى المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وفي مطلق الأحوال، سيتبين أن من المستحيل عكس تبدل العلاقات الذي أُطلق خلال عهد أوباما.

تحوّلت إيران، منذ توقيع الاتفاق معها، إلى قوة حاسمة في التصدي لـ"داعش" في الجانب العراقي من الحدود السورية-العراقية، فترأس إيران راهناً قوة مستعدة لاستعادة مدينة الفلوجة، التي دفع الأميركيون قبل نحو عقد الكثير من أرواحهم للسيطرة عليها لتسقط بعد ذلك في يد "داعش".

إذاً، على الإدارة التالية الموازنة بين مصالح إيران المزدوجة في المنطقة وواقع أن الإيرانيين يؤيدون الأميركيين في التزامهم بإنزال الهزيمة بـ"داعش"، لن تكون هذه عملية سهلة، إلا أن من المستحيل تجنبها أيضاً.

تبنّى الملك سلمان وولي ولي عهده محمد بن سلمان سياسات إقليمية وخارجية أكثر حزماً منذ اعتلاء الملك سلمان العرش السنة الماضية. وفي مقال مميز نُشر في صحيفة فاينانشال تايمز الشهر الماضي، حدد الصحافي ديفيد غاردنر العلاقات "العملية والقوية" التي تطورها الرياض مع روسيا.

يؤكّد غاردنر: "لا شك أن علاقات المملكة العربية السعودية مع روسيا التي تزداد دفئاً تعكس بوضوح تراجع نفوذ الولايات المتحدة الإقليمي"، ويعتبر كثيرون، على غرار غاردنر، أن تراجع التأثير الأميركي في الشرق الأوسط سيشكّل إرث أوباما الرئيس، إلا أن هذا الطرح ساذج أيضاً.

أوباما سعى وراء الاتفاق الإيراني، كما أنه لاحظ أن المملكة العربية السعودية تسير في اتجاه خاص بها، وأدرك أن العلاقات في مختلف أرجاء المنطقة باتت غير مستقرة، إلا أن نفوذ الولايات المتحدة ما زال وسط كل هذه التطورات من دون أي منازع.

يكمن إخفاق إدارة أوباما في تعاطيها غير المتقن مع هذه المرحلة الكثيرة التطورات والبالغة الصعوبة، حتى إنها أطلقت بتفاوضها مع إيران سلسلة من الأحداث تعجز عن التحكم في مسارها.

يدّعي عدد من خبراء المنطقة أن الولايات المتحدة تغرق تدريجياً بسبب صفقتها الخاصة مع طهران، فلم تحرك ساكناً أخيراً حين وضعت المحكمة العليا يدها على أصول إيرانية مجمّدة، وتسعى اليوم لعرقلة المسار الذي يجب اتباعه في قضية تورط المملكة العربية السعودية المزعوم في أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

إذاً، يترك أوباما لخلفه مهمتين رئيستين عليه معالجتهما خلال فترة "المئة يوم الأولى" السحرية.

أولاً، على الرئيس الجديد أن يدرك أن عكس الانتقال الكامل في علاقاتنا في الشرق الأوسط بات مستحيلاً، فينبغي لكل مَن يدعو في البيت الأبيض إلى عودة للوضع الذي كان قائماً أن يوضح: العودة إلى ماذا؟ فلا نستطيع أن نستعيد اليوم علاقات استغرق بناؤها عقوداً وبددتها الأحداث الأخيرة بالكامل.

ثانياً، على الرئيس الجديد أن يحدد مَن هم حلفاء الولايات المتحدة ومَن هم أعداؤها في الشرق الأوسط، فلن تكون هذه المسألة في 8 نوفمبر أكثر وضوحاً مما هي عليه اليوم.

سيتيح النظر إلى الأمام لا الخلف للرئيس الجديد الانطلاق في بداية ممتازة، وستكون مهمته الرئيسة خلال السنوات الأربع أو الثماني المقبلة رسم صورة واضحة ومنطقية عن التحالفات في منطقة باتت مختلفة كثيراً عما كانت عليه، ولن تعود إلى سابق عهدها.

* باتريك سميث

back to top