6/6: محاورة في الزمن الأغبر

نشر في 27-05-2016
آخر تحديث 27-05-2016 | 00:00
 يوسف الجاسم لم يُرث لحالنا كعرب كمثل رثائنا اليوم لأنفسنا، فحد البؤس الذي بلغناه في ذبح بَعضنا بعضاً بالنحر والتفجير والسحل والحرق والتقاذف بالأسلحة الثقيلة والصواريخ والطائرات والبراميل الحارقة، قد أعلن توحشنا، وافتتاننا برغبة إفناء بعضنا بعضاً، فقط لأن منا طرفاً سنياً وآخر شيعياً، والداهية أن المذهبين من دين واحد مشتق اسمه من السلام!

تتوّج البؤس الذي نعيشه في ثأر والد الشاب "محمد حميه الشيعي اللبناني"، الذي خطفته "النصرة" وقتلته، بأن خطف وقتل الشاب "محمد الحجيري السنّي اللبناني" وعمه مختار بلدة عرسال البقاعية،

والكل ينتظر ماذا عسى أن تكون التداعيات الجاهلية على لبنان الجريح وشعبه الصابر بسبب "القتل الجاهلي" للمحمّدين الشابين المسلمين، بشظايا حرب "داحس والغبراء" الجديدة في سورية المنكوبة!

الشاعر الدكتور مازن الشريف في محاورته مع ابنه المعنونة "تحت السيطرة" يقول:

يا أَبِي حُزْنٌ ببوحِ الحُنْجُرَةْ وَجَعٌ بهَذَا الصَدْرِ يغمِدُ خنْجَرَهْ

هيَ حيرَةٌ مِثلَ الهَزِيمَةِ مُرةٌ ما لِلْعُرُوبةِ كَالحُطامِ مُبَعـْثَرَةْ؟

إني نَظرْتُ رأَيتُ مَوتًا صَارخًا لكأنمَا وطنُ الْعُرُوبةِ مقبرَةْ

في القُدْسِ ما في القدْسِ أو في غزّةٍ قَد عاثَ صُهْيونٌ وأرسَلَ عَسْكَرهْ

بغْدَادُ أو في الشّامِ جرحٌ واحدٌ... مَنْ فَخخَ الوَطنَ الْجَميلَ وفجّرهْ؟

والشعب بين الرعْبِ أضحى دَمْعةً مُذْ أَظْهَر الإرْهابُ فينَا مظْهرهْ

والدِينُ دِين اللهِ إلا أنهُ لمْ يَرْضَ شيخُ الإِفكِ حتى زوّرهْ

والكاذِبونَ العابثون أوغروا صَدرَ الغَبِي بالشَعْبِ حتىّ كفرهْ

إعلامُ بعضِ الْعرْبِ أضحى فِتنةً أصوات بعض العُرْب أمست ثَرْثَرةْ

فـي كُل شِبر من ثرانا لوعةٌ في كُل رُكنٍ من مدانَا مجزرةْ

أجابه الأب:

يا وَلَدِي هـذَا المدى ما أضيقهْ أنّىٰ نَظَرْتَ رأيتَ نَار المحرقةْ

ماذا يَقول الْحرفُ في خطّ المدى وَطنٌ تَدَلى من حبالِ المشنقة

إن مَر عُصْفُور يغَنّي مُغرما كسَرُوا جناحيهِ أمَاتُوا الزقْزَقَةْ

قد فكَكونا كالطوائفِ وانبرى كُلٌ يَشُدُّالكُلَ حتّى يخْنُقَهْ

فَانظُر شتَاتا في شَتاتٍ كيف لا إذ كلُّ شيءٍ صارَ تحت المطرقةْ

آهٍ بُني اليَوم كـم مِن طعْنةٍ في الصّدر تأتي من أخٍ ما أحْمَقهْ

أمجَادُنا في الدهْرِ صارت نُكتَةً منْ خَجَلة للأرض ترنو مُطرِقةْ

مازَالَ فينا مَوطنٌ كي نحتمي بالحُب إن الحُبّ مثلَ الزنبقَةْ

وغدًا ترى الأوطان ضوءا ساطعا وبرَغم حِقدِ اللّيل شَمسا مُشرِقةْ

ختم الابن:

يا والدي أيقنت، ومنك المعذره

إني سأسقي الحُلمَ دمع المحبره

وغداً يكون الجُرح تحت السيطرة!

انتهت قصيدة الشاعر الدكتور مازن الشريف (مع بعض التصرف)، والتي غناها لطفي بوشناق.

ولكن هل يا عرب، جرحنا سيكون فعلاً تحت السيطرة؟!

back to top