«نقاطع أو نشارك.. ما الذي تغيّر؟!»

نشر في 21-05-2016
آخر تحديث 21-05-2016 | 00:00
 أسامة العبدالرحيم أكثر من ٣ سنوات مضت على أسوأ مجلس أمة في تاريخ الكويت، وبشهادة أعضائه، فبالفعل لم يكن إلا مجلساً ناعماً وخاضعاً للحكومة وتوجهاتها الاقتصادية الرأسمالية النيوليبرالية التي تمس مستوى المعيشة العام، وتستهدف تصفية المكتسبات الاجتماعية الشعبية، ولم ينافس هذا المجلس الحكومة بل تفوق عليها في التحريض وملاحقة المغردين وتغليظ العقوبات المتعلقة بحرية التعبير وإقرار القوانين التي تكمم الأفواه.

رغم محاولات بعض الشخصيات السياسية الإصلاح من داخل مجلس "الصوت الواحد"، لم تستطع فعل شيء، بعضها قدم استقالته مبكراً والبعض الآخر صُدِم وظل عاجزاً وخاضعاً رغم محاولات بعض القنوات الإعلامية تلميع الواقع المزري لهذا المجلس الذي في عهده أصبح المشهد السياسي خارج المجلس أكثر تأثيراً وتسليطاً للضوء من داخله.

ومع اقتراب موعد الانتخابات يزداد الحديث حول جدلية المقاطعة والمشاركة، خصوصاً بعد تلميحات وإعلان مشاركة بعض التيارات التي قاطعت من الإسلام السياسي، على الرغم من عدم تغير العوامل الموضوعية التي أدت إلى المقاطعة. شخصياً لم أستغرب ذلك، فتاريخ وعاظ السلاطين والتيارات الانتهازية المحسوبة على الإسلام مليء بالتناقضات والدجل والفتاوى المعلبة، فقد خانوا شباب الحراك وتضحياتهم من أجل مصالحهم الخاصة، والمكسب الوحيد في ذلك هو إزالة وتنظيف المعارضة الكويتية من بعض الشوائب وتجاوز العراقيل.

مقاطعة الانتخابات ليست محاولة انقلاب وخيانة للوطن كما روّجت لها أدوات السلطة، بل هي موقف سياسي احتجاجي يهدف إلى ممارسة درجة من الضغط على السلطة للتراجع عن عبثها بالنظام الانتخابي، ومع استمرار مرسوم الإرادة الفردية وفي ظل المعطيات "الحالية" وعدم وجود انفراج سياسي أو تغير إيجابي فلا مجال للإصلاح في ظل هذا النهج السلطوي، ولن نكون "كومبارس" في مسرحية دامت أكثر من ٥٠ عاماً، المقاطعة عرّت الحكومة والأصوات التي كانت تبرر تأخر التنمية بوجود مجموعة من النواب السابقين، ليس دفاعاً عن نظام الأربعة أصوات وأغلب مخرجاته السيئة في وجهة نظري، لكن مرسوم "الصوت الواحد" كان أسوأ ولم يحقق أهدافه المزعومة كالوحدة الوطنية ونبذ الطائفية والقبلية، بل زاد حدتهما وقسّم المجتمع الكويتي الذي شهد في عهده تراجعاً كبيراً وملحوظاً، حسب تقارير المنظمات الدولية في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير في ظل ديمقراطية مشوهة.

هذه الحقبة السوداء ستزول وتمضي، وفي النهاية نحن متمسكون بمطلبنا الاستراتيجي المتمثّل في تحقيق الإصلاح الديمقراطي الشامل المؤدي إلى استكمال قيام النظام الديمقراطي البرلماني في ظل إشهار الأحزاب وقانون انتخابات قائم على التمثيل النسبي، وذلك في إطار الدولة المدنية الحديثة التي تحترم كرامة الإنسان وحقوقه وحريته الشخصية وتتيح للمواطن المشاركة الفعالة في بناء وطنه وتقدمه على أسس من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص بعيداً عن التقسيمات الطائفية والقبلية والمناطقية والعائلية.

back to top