الديمقراطية والإسلام

نشر في 16-04-2016
آخر تحديث 16-04-2016 | 00:00
 سعود عبدالرحمن التركي كلما تناولت القلم لأكتب شيئاً يتعلق بالسياسة وأهلها، خفت وتهيبت لأني أحسب حينئذ أن بعض الناس، بل الكثيرين منهم أحياناً، سيطلقون ألسنتهم الحداد بتهمة المجاملة والنفاق، ولا يتوقعون أن كاتباً سيتمسك بالحقيقة أو يستعصم بالصدق، ولذلك يذهبون عامدين متعمدين إلى التماس العيب أو تجسيم النبوة اليسيرة. وهذه علة مورورثة من قديم لطول ما خبَّ أهل النفاق في الباطل ومردوا على الاختلاف.

كلمة الديمقراطية قديمة الاستعمال في دنيا السياسة والحكم، لأنها منقولة معربة عن اللاتينية، ونحن نعبر عنها في لغة العرب والإسلام بكلمة الشورى، أي الاشتراك في إبداء الرأي وصنع القرار، والاشتراك في التنفيذ، والإسهام في الحق والواجب.

وقد فسروا الديمقراطية بأنها حكم الشعب بواسطة الشعب لصالح الشعب، وهو تفسير موروث قديم يراد منه، في أيسر معانيه، أن يشترك الشعب أو نواب عنه في إدارة حكم المجتمع بالاشتراك وتجنبه ويلات الفردية والاستبداد، وتنفيذ هذا على أحسن مستوياته، وهو المراد من الشورى، والشورى هي أساس الحكم في الإسلام في كل عصر وأوان، لأن القرآن الحكيم قد نص عليها، ودعا إليها فقال في سورة الشورى: "وأمرهم شورى بينهم".

ومقتضى الشورى الصادقة أن نستمع إلى الرأي الاَخر للصالح العام والنفع المشترك، لا أن يكون ذلك الرأي الآخر لشهوة الاعتراض أو لحب التظاهر أو لغرض يحرك الهوى، أو يميل بالموقف، وقد عرف المجتمع كيف يستمع إلى الرأي الآخر ويستجيب له.

وينبغي دائماً أن يكون الرأي الحاسم الأخير للشعب أو للأمة، لأن اجتماع الكثرة على رأي يكون دليلاً على أن الخير مع هذا الرأي الجماعي المشترك، ولذلك يقول الله تبارك وتعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، ويقول الرسول: "لا تجتمع أمتى على ضلالة"، ويقول: "يد الله مع الجماعة".

والأمم اليوم لا تعيش بغير حضارة موروثة تعتز بها وتستند إلى مقوماتها، والحضارة الإسلامية العربية التي نؤمن بها ونستقي منها، حضارة إنسانية عالمية لا تعرف الطريق إلى التعصب أو العنصرية أو العصبية، بل من أهم مبادئها عموم الخطاب فيها إلى الناس جميعاً، وقد سجل المجتمع في الدستور وشروحه عبارة "الشريعة الإسلامية مصدر أساسي للتشريع"... هكذا عبروا وقالوا.

ونحن نردد منذ عشرات السنين قولنا: "العروبة وعاء الإسلام، والإسلام روح العروبة"، ومن قبل ذلك تعلمنا من نبينا اعتزاز الإنسان، في غير بغي ولا باطل، بوطنه ولغته وقوميته ودفاعه العادل عن حماه وقومه، وقال فيما يروى عنه، بشأن اللغة: "وليست العروبة من أحدكم بدم ولا جنس وإنما هي العربية، فمن تكلم بالعربية فهو عربي".

back to top