لماذا اختلف هذا الجيل عن سابقه؟

نشر في 05-03-2016
آخر تحديث 05-03-2016 | 00:01
 سناء راشد السليطين الإجابة بهذا السؤال: كيف تربينا؟ وكيف نُربي؟ يجب أن نعترف أن جيل آبائنا كان أشد علينا منا على أبنائنا، وأن جيلنا لم يكن فيه تلك العقد التي طغت على العالم المتحضر اليوم، فكان في السابق يظهر على العلن الشخص الصالح من الطالح، ولم يكن ذلك الطالح يُشكل خطراً كبيراً آنذاك، لأن الأسر تتابع تربية أبنائها بشكل يومي، فكان الكل يُربي (الجد والأب والخال والعم والجار والمعلم)، فإذا غاب الأب فهناك من يقوم محله.

كذلك المعلم كانت له هيبة وتقدير، والأسر تقول له بالعامية: "لك اللحم ولنا العظم"، كناية عن الدور الكبير الذي يقوم به، ولم تكن الأسر آنذاك تشجع أبناءها على إهانة معلميهم، ولا تقف في صفهم إلا ما ندر.

اختلف جيل اليوم بسبب أن بعض الأسر أخذت تتنازل عن بعض قيمها وعاداتها، مما جعلها تفقد أهم شيء وهو التواصل الأسري، وحتى الاجتماع اليومي على الوجبات الثلاث الذي كان شيئاً رئيسياً في السابق للتحاور والتشاور.

الآن كل شخص يعيش على حدة بمعزل عن الآخرين منطوياً على نفسه في همومه ومشاكله وقراراته، ولا يريد أن يتدخل أحد في حياته أو حتى يُنبهه إلى تربية أبنائه، ولن يتقبل ذلك النقد ولن يسمح به، ولم يكن هذا التصرف موجوداً بالسابق.

كما أن جيل آباء اليوم يُفرط في تدليل أبنائه إلى حد المبالغة التي تجعلهم غير قادرين على التصرف الحُر والعفوي لاعتمادهم على الغير، والأم التي تُفرط في تقييد حرية طفلها وتتدخل في اختياراته وشؤونه الخاصة وعلاقاته بأقرانه بحجة حمايته من الأخطار التي تتوهم وقوعها تكون بتصرفها هذا قد بدأت زرع بذور الخوف وعدم الثقة في طفلها وتمهد لجعله عاجزاً في المستقبل عن التصرف المستقل واتخاذ القرار.

كما أن كثرة انشغالات الأسر اليوم عن الأبناء جعلت بعضهم يلجأ لمن يُصغي إليه ويوجهه بعيداً عن عين الأسرة، وربما يتلقى توجيهات خاطئة قد تضره، فتظهر عليه لاحقاً أعراض الانسحاب والعزلة.

 ويرى علماء النفس أن خلف جنوح الأحداث والسلوك العدواني والاضطرابات النفسية غالباً نقصاً في الاهتمام والتحاور الأسري، كما تجد بعض الأسر مذبذبة في تربية الأبناء، لأنها تحاول تقليد غيرها في تربية أبنائها، حتى وإن كانت تربيتها خطأ، عبر اتباع عادات دخيلة على المجتمع تريد أن تفوز بمكرمة الأولية والسبق إليها كالموضة المجنونة مثلاً.

رحم الله أياماً كان فيها الجار بمقام الأب، فقد فقدنا اليوم الثقة بالناس والاحترام السائد من الشباب للكبار... فكيف لا يختلف هذا الجيل عن سابقه؟!

back to top