همسات على ورق: اللغة بين الاغتراب المصطنع والمعرفي

نشر في 27-02-2016
آخر تحديث 27-02-2016 | 00:01
 حمدة فزاع العنزي "كان يا ما كان"... هذه العبارة التي كثيراً ما سمعناها وسمعنا ما بعدها من حكايات، ولكننا لم نكن، أو لعلنا لم نرد أن نكون... لم نكن نستوعبها حتى رأيناها في عصر العجائب وزمن التحولات.

يحكى أن حماراً يوماً كان يسير في الطريق فوجد رفات أسد، فاستعان بهذا الجلد وغطى به جسده وظل يسير بزهو وتبختر ملك الغابة، وكلما مر بحيوان هز له رأسه، حتى أوقفه أحد الحيوانات سائلاً، فأجابه الحمار بالنهيق، ولم يستطع تغيير هويته رغم منظر الأسد الذي يراه عليه الآخرون...

هذا هو حال أقوامي الذين يتسابق الكثير منهم إلى تحصيل الرصيد الأكبر والأعلى من الألفاظ والحصيلة اللغوية من بعض اللغات واللهجات التي يتحدث بها مواطنو الدول الأوروبية وبعض الدول الآسيوية ويطعّم بها لغته العامية التي كانت تزخر بألفاظ عربية أصيلة، ولكن التمدن والتحضر المصطنع هما ما جرّنا إلى فقد الهوية العربية وفقد الهوية الشخصية، فلا نعرف من يتحدث من أي قارة هو أو من أي بلد استحدثته البشرية...

الغزو اللغوي العثماني نجده واضحاً كما وجدنا الغزو الأجنبي للغة العربية من قبل أبنائها، لنرى ألفاظاً ومفردات دُسَّت بين أحشاء لغتنا التي أصابها الوهن من السابق بفضل العمالة المنزلية والمتابعة الطويلة للأفلام الكرتونية من قبل الأطفال، فهذا ما صنعته لنا السياحة و"البرستيج" الذي يبحث عنه بعض أيتام الهوية العربية.

الاغتراب المعرفي بتنا نراه واضحاً بين طلاب وطالبات المدارس والجامعات الذين هم ضحية تعليم مهلهل لا يعرف غير المنهج الذي وضع لمجرد منهج تعليمي، وليس لأمة اللغة العربية التي ألبسها الله ثوباً اختاره تعالى لأمة محمد ولمعجزته.. ضاعت لغة أبنائنا نتيجة اللكنات و"الرطن" الذي يتعلمونه من اختلاط الأنساب بين التعليم والسياسة، والضحية هم لا سواهم، فلماذا تتم المجاملة على حساب لغتنا وهوية الجزيرة العربية التي ظهرت منها اللهجات العربية الأصيلة مثل هذيل والأزدية والحجازية ولهجة قبيلة بهراء؟!

وعذراً لمن أضاع لغته إن كنت تعتقد في ضرورة ركوب عباب القوم حتى تلج في لهجاتهم فقد أضعت القوم وأضعت النهيق!

back to top