الهند لا تحتاج إلى تحفيز اقتصادي

نشر في 05-03-2016
آخر تحديث 05-03-2016 | 00:01
هناك أشياء مفيدة كثيرة تستطيع الحكومة الهندية فعلها لتحسين اقتصاد بلادها، غير أن الحوافز المالية أو النقدية لا تدخل تحت إطار هذه الفئة.
 مجلة فوربس أطلق حزب المؤتمر في الهند انتقاداً غريباً جداً لميزانية البلاد، ومن الواضح أنه حزب سياسي من خارج السلطة، ويتعين عليه ايجاد شيء ليقوله، وأي شيء يصدر يوحي بأنه كان سيفعل الأمور بطريقة مختلفة.

ولكن من وجهة نظر اقتصادية كان الانتقاد الذي طرحه الحزب ينطوي على قدر كبير من الغرابة، ويرجع ذلك الى أنه يجادل في أن الميزانية لا توفر أي حوافز اقتصادية ضخمة، ومثل تلك الحوافز في اقتصاد ينمو بنسبة 7.5 في المئة أو ما يقاربها سنوياً مع معدل تضخم عند حوالي 5 في المئة هي قطعاً آخر شيء يمكن لمعلق اقتصادي رصين أن يقترحه.

وقد يكون هناك الكثير من الأشياء المفيدة، وربما المهمة، التي تستطيع الحكومة القيام بها من أجل تحسين الاقتصاد الهندي ولكن الحوافز المالية أو النقدية ليست حقاً ضمن تلك الفئة.

حزب المؤتمر

انتقد حزب المؤتمر منذ أيام ميزانية الاتحاد قائلاً انها فشلت في خلق تحفيز فوري من أجل معالجة تحديات توفير الوظائف والقطاع الزراعي.

وقال رئيس الحزب كمال ناث: "هذه ميزانية لتوضيحات المستقبل ولا يوجد حافز فوري لخلق دخل للناس أو لتوليد فرص توظيف، ولسوء الحظ فإن ما كان يتعين القيام به لم يتحقق، كما أن التحدي الأكبر الذي نواجهه اليوم يكمن في التنظيف وفي القطاع الزراعي، وليس لدينا أي شيء من ذلك".

وهذا انتقاد غريب للغاية، وقد حمل زعيم آخر في حزب المؤتمر يدعى مانيش تيواري على الميزانية قائلاً انها مملوءة بكلمات بلاغية ومتعثرة في المقارنة وتخلو من أي أفكار، وأضاف أن هذه الميزانية التي تفتقر الى الخيال والخدمات تقيد أيضاً حرية البنك المركزي، مشيراً الى أن "الميزانية سوف تقلص الاقتصاد وقد رفضتها الأسواق".

وهكذا يتعين علينا التفكير قليلاً في ما قد يكون الاقتصاد الهندي في حاجة اليه، ويجب أن تكون نقطة البداية في أننا الاقتصاد الكبير الأسرع نمواً في العالم (أو أن ذلك هو على الأقل ما تشير اليه التوقعات) حيث يصل الى نسبة 7.5 في المئة أو ما يقاربها ولدينا أيضاً معدل تضخم عند حولي 5 في المئة.

ثم يتعين علينا ان نفكر قليلاً حول ما يعنيه التحفيز الاقتصادي الضخم – ويتمحور ذلك حول امكانية كون الاقتصاد إما لا يحقق نمواً أو أنه ينمو بوتيرة أبطأ مما يجب أو يمكن تحقيقها وذلك نتيجة لعدم وجود درجة كافية من الطلب. والنظرية القياسية في هذا الصدد هي أنه من الممكن وجود طاقة احتياطية لدى الاقتصاد التي لم تستخدم ببساطة بسبب الافتقار الى الطلب.

صور التضخم

وعلى أي حال تقول تلك النظرية ذاتها ان الاقتصاد عندما يعمل عند طاقة معينة فإن المزيد من الحوافز سوف تبدو على شكل تضخم، وسوف يرتفع مستوى الأسعار بصورة عامة الى حدود غير جيدة.

وفي وسعنا أيضاً اعادة هذا التحليل نفسه مرة ثانية، واذا شهدنا نمواً اقتصادياً كبيراً اضافة الى معدلات تضخم عالية لا يمكننا عندئذ القول ان الحل الصحيح انما يتمثل في التحفيز. والأمر ليس في حوافز الاقتصاد الضخم ولا في زيادة الطلب، ونظراً لأن تحليلنا يقودنا الى الاستنتاج القائل ان الاقتصاد كان ناجحاً في الأساس ويعمل عند أو على الأقل ما يقارب طاقته ونحن نشهد أثر تدفق المستوى الراهن من الطلب وتحوله الى تضخم.

لكن ذلك لا يعني عدم وجود أشياء مفيدة تستطيع الحكومة القيام بها: فهو يعني ببساطة أن تلك الأشياء سوف تتعلق بالجانب المتمثل بالاقتصاد الضخم، وحول ما ندعوه تغير جانب العرض. وهذا لا يعني معدلات ضريبة هامشية أدنى، بل يعني اصلاح جانب العرض في الاقتصاد.

وهكذا فإن تخفيف التنظيم المتعلق بصناعة شركات الطيران وربما تسريع عمليات الافلاس وجعلها أكثر كفاءة وفعالية أو السماح للأجانب بدخول ميدان التجزئة سوف تفضي بصورة مجتمعة الى اعتبار ذلك كله ضمن اصلاح جانب العرض والامداد، ويتعين علينا ملاحظة أن ذلك لا يعني أن تلك الأشياء هي التي يتعين على الحكومة الهندية القيام بها. وهذه الأفكار مجرد أمثلة.

زيادة النمو الاقتصادي

وإذا كان الاقتصاد يعمل بنجاح عند طاقته الحالية فإن الطريقة الهادفة الى زيادة النمو الاقتصادي بقدر أكبر تتمثل في احداث تغييرات من شأنها رفع طاقة المستقبل، وتلك جدلية جانب العرض، وإذا كان الاقتصاد يعمل عند تلك الطاقة من الترتيبات الحالية فإن حوافز الاقتصاد الضخم ليست ما تدعو الحاجة اليه على الاطلاق. ويرجع ذلك الى أننا نتوقع أن تكون مثل تلك الحوافز تبدو ببساطة على شكل مزيد من التضخم.

من الواضح أن على حزب المؤتمر أن يقول شيئاً ما عن الميزانية الحالية، وأياً كان ما يقوله يجب أن يكون مختلفاً عن أي شيء تقوم به الحكومة. ولكن المطالبة بتحفيز الاقتصاد الكبير الأسرع نمواً في العالم، في الاقتصاد الهندي الذي تصل معدلات التضخم فيه إلى 5 في المئة تمثل حقاً دعوة غريبة للغاية.

back to top