الطفل القائد والطفل المنقاد كلاهما خطر... ولكن!

نشر في 08-11-2014
آخر تحديث 08-11-2014 | 00:01
 نادية سالم جاسم تظهر شخصية الإنسان المستقبلية منذ طفولته أحياناً، وبعض الأطفال تصقله التجارب، فتبدو شخصيته مختلفة، لكنّ هناك شيئاً واحداً أحياناً لا يتغير هو صفة القيادة والانقياد.

يُظهر بعض الأشخاص، منذ صغرهم، قيادتهم لإخوانهم وأصدقائهم، ولا يحبون أن يوجه إليهم أحد الأوامر مهما أحبوه، يحبون أن يوجدوا في دائرة محاطة بالأشخاص الذين يسمعون كلامهم، حتى في اللعب والأكل، وأعتقد أننا جميعاً، إما كنا كذلك أو كان أحد من العائلة أو الأصدقاء كذلك.

هذا النوع من الأطفال سلاح ذو حدين، فإذا أحيط بعائلة متفهمة له، وحازمة في الوقت نفسه، تعلمه أن القيادة مسؤولية قبل أن تكون أوامر ونواهي وسيطرة، فهي بالتأكيد صفة عظيمة لديه، وبالتالي ينشأ لدينا قائد عظيم في عمله، في علاقاته، في أسرته، وفي كل نواحي الحياة، يقود سفينتها كقبطان عظيم.

أما إذا نشأ هذا القائد الصغير في أسرة فاشلة، لا تعني لها التربية الصالحة أكثر من طعام وملبس ومبيت ولا يفهم الوالدان فيها طبيعة هذا القبطان الصغير فإننا نجده يتحول شيئاً فشيئاً إلى قرصان، وعندئذ يميل إلى الوحشية وضرب الأطفال والتصرف بعدائية تجاه أهله والمجتمع، ثم يسحب معه الأطفال الآخرين الذين نطلق عليهم صفة الانقياد، وهؤلاء القراصنة هم أصدقاء السوء، فهم في داخلهم قياديون، لكنهم لم يحظوا أبداً بفرصة أن تكون لهم أرض خصبة لتنمية عقولهم بالطريقة الصحيحة، فأصبح الصدأ يملؤها، وباتت الكراهية والغضب سمتيها الأساسيتين.

أما النوع الآخر، فهو الأطفال ضعيفو الشخصية الخائفون الذين لا يملكون أرضاً صلبة يقفون عليها، هم بالتأكيد الأطفال الذين لا يؤذون أحداً، بل هم الذين يُضرَبون في المدرسة والشارع والجميع (يلطش فيهم)، وينشأ الواحد منهم مزعزع الثقة بنفسه، لا توجد له مبادئ ثابتة، إذ لم يجد في الأساس والدين يتفهمان حالته أو شخصيته، وكان العنف هو اللغة الوحيدة التي يتقنانها... نعم أنا ألقي باللوم دائماً على العائلة والوالدين، لأنهم من يبنون كيان الطفل، فإذا كان البناءون جيدين، خرج لنا البناء قوي الأساس، حتى لو عصفت به الرياح فلن يسقط، إذن المعادلة سهلة جداً، هؤلاء هم من يقعون تحت جناح القراصنة أصدقاء السوء، الذين يتبنونهم ويضعونهم تحت جناحهم ويعلمونهم ما شان وساء من الألفاظ والتصرفات التي يعتقدونها من أساليب القوة والسيطرة، فتبرق عينا هذا الطفل المحروم، مصغياً إلى كل ما يمليه عليه القرصان، من مخدرات وضرب وسرقة وهروب من المنزل وتمرد وقتل... أي شيء، المهم أن يثبت أنه رجل قوي (أو امرأة قوية) مسيطر، مع أنه في الحقيقة ضائع، تمتلئ بأمثاله القبور والسجون والمستشفيات والشوارع.

أما شخصيتا القبطان والقرصان فأبداً لن تلتقيا على خير أو شر، فالحرب بينهما دائمة ولا تصالح.

إنه تحليل بسيط لشخصيتين قياديتين، وشخص بينهما هو المنقاد، إذ يبدأ كل شيء في الطفولة بريئاً، ثم ينتهي النهاية التي ترسم له، إن خيراً فخير وإن شراً فشر... ودمتم بخير.

back to top