المجلس

نشر في 03-02-2015
آخر تحديث 03-02-2015 | 00:01
حولت الحكومة المجلس إلى مجلس أفراد تتعامل معهم كلٌّ لوحده، لا وجود لأي تجمع يشترك في فكرة قد تكون لها علاقة بالديمقراطية، وبعد أن انفردت الحكومة بالأعضاء وارتاحت وارتاح الأعضاء تركت مصالح البلد ومصالح الكويتيين في مهب الريح التي تهب مرة باردة تجمد كل النشاط ومرة ساخنة تحرق كل المكتسبات.
 بدر سلطان العيسى أصدق وصف سمعته عن مجلس الأمة الكويتي الحالي أنه أشبه بتجمع مصالح يضم خمسين عضواً، كل عضو يهتم بمصالحه الخاصة، أو بالأحرى كل عضو من الأعضاء لا شاغل له إلا مصالحه الشخصية التي قد تتعارض مع المصلحة العامة، أما مصالح البلد وبقية المواطنين ومصلحة الفئة أو المجاميع التي انتخبت ذلك العضو والذين لولا أصواتهم لما وصل إلى كرسي المجلس فلهم الله.

ويعمق هذا الضياع أو فقدان الهوية السياسية لهذا التجمع نظرة الحكومة المنفردة التي لا تتعامل مع المجلس كتجمع سياسي إنما كأفراد، وللحكومة طريقتها الخاصة بالتعامل معه، والتي عن طريق فهمهما تستطيع أن تحيد ذلك العضو أو تستطيع إسكاته بطرق ووسائل أثبتت نجاحها حتى اللحظة، كما استطاعت الحكومة عن طريق ذلك السلوك تحويل المجلس إلى ديوانية لشرب الشاي، ومن لا يحب الشاي فالحكومة على استعداد لتقديم القهوة بسكر أو بدونه، وبالرغم من صدور عدد لا بأس به من التشريعات والقوانين التي تتعامل مع الفساد والمفسدين فإن الأمر لم يتعدّ حتى هذه اللحظة طباعة تلك القوانين والتشريعات، ويبقى البلد والوضع السياسي والاقتصادي بعيدين عما يمكن وصفه بالديمقراطية.

إن انعدام وجود أي تجمعات داخل المجلس أعطى الحكومة إمكانية التفرد ومعاملة الأعضاء كلّ على حدة، فقد برعت الحكومة في هذه اللعبة وبقيت الكويت على "طمام المرحوم" وتحول الملجس إلى شكل ديمقراطي بدون محتوى أو كما قال المرحوم "معمر القذافي" إن الديموقراطية ليست نظاما سياسيا إنما هي كلمة مكونة من جزأين: الجزء الأول "ديمو" وهي تعني "الديمومة" والجزء الأخير "قراطية" والتي تعني حسب فهم معمر القذافي "الكلام الفارغ".

 ويقول ذلك السياسي المخضرم إن الحكومات المتعاقبة في العقد الأخير من عمر الديمقراطية لم تترك وسيلة مشروعة أو خارج السلوك والطرح الديمقراطي إلا سلكته لإفراغ النظام البرلماني من أي محتوى وتحويله إلى نظام أو سلوك أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه نظام لا علاقة له بالديمقراطية ولا حتى ديمقراطية المرحوم معمر القذافي.

ويقول ذلك السياسي المخضرم إن الحكومة الحالية استطاعت بذكاء تفتيت التجمعات داخل المجلس وخارجه، وحولت المجلس إلى مجلس أفراد تتعامل معهم كلٌّ لوحده كأفراد منفردين، لا وجود لأي تجمع يشترك في فكرة قد تكون لها علاقة بالديمقراطية، وبعد أن انفردت الحكومة بالأعضاء وارتاحت وارتاح الأعضاء تركت مصالح البلد ومصالح الكويتيين في مهب الريح التي تهب مرة باردة تجمد كل النشاط ومرة ساخنة تحرق كل المكتسبات.

back to top