الحياة رسالة

نشر في 24-01-2015
آخر تحديث 24-01-2015 | 00:01
 د. نجوى الشافعي ليس الموت الحقيقي أن ترحل الروح عن الجسد وتتركه كما هو بلا حراك ولا حياة، الموت الحقيقي هو التوقف عن العطاء والإضافة إلى النفس والآخرين والمجتمع، فكم من الأحياء يعيشون ويتحركون بين الناس أجسادا بلا روح ولا حماسة، وكم من الأموات الذين رحلوا عن الدنيا بأجسادهم يعيشون بيننا أحياء حتى الآن بعطائهم وإبداعهم وما قدموه للبشرية من راحة وصحة وعافية ومتعة وفن وحياة، فالحياة رسالة تتناقلها الأجيال عبر الزمان، رسالة حب وعلم وعطاء؛ رسالة معرفة وتوحد ونماء. "وعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا" في توجيه واضح أن العلم هو سبيل التفوق والتميز والوصول إلى عظمة الخالق وحكمته في نهاية الطريق، فيكون الخضوع والتذلل والتجرد لله عز وجل "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ"، وتزداد قيمة العلم عندما يُسخّر لخدمة البشرية وراحتها ورقيها ورفعة أبنائها، فطلب العلم مطلقا دون تمييز (ديني ودنيوي) فريضة لأنه يرفع قيمة النفس وإدراكها لما حولها واستيعابها للآخرين.

 والعلم يُعلي درجة الإنسانية لدى الفرد ويميزه عمن سواه من البشر وسائر المخلوقات "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"، "وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ"، ثم لا قيمة للعلم إن لم ينفع صاحبه أولاً ومن حوله ثانياً، وإلا كان "كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً"، فبالعلم يرقى الإنسان وبالتبعية يكون سببا لرقي محيطه من الناس والبيئة والمجتمع.

"ما استحق أن يولد من عاش لنفسه"؛ تلك مقولة نتداولها في إشارة واضحة إلى أهمية العطاء والبذل من أجل الآخرين، فبعد تسلح الإنسان بالعلم في أول واجباته نحو نفسه عليه محاولة مساعدة الناس من حوله بدءا بأسرته مرورا بجيرانه، ثم بالمجتمع ككل، فلكل إنسان رسالته الخاصة به وإن كانت صغيرة؛ للأم رسالة وللأب رسالة، للعامل رسالة وللزارع رسالة، للطبيب رسالة وللممرضة رسالة، تتنوع الرسائل بتنوع موقع الأفراد من المجتمع ومكانه.

فلو آمن الكل برسالته وأحسن أداءها لكان الخير والصلاح للمجتمع وللبشرية بأسرها، إذاً هي قضية إيمان تبدأ بالإيمان بالله عز وجل وتنتهى بالذوبان في مجتمع إنساني كبير في رحلة علم وعمل، هكذا أرادها الخالق لعباده على الأرض ولهذا أرسل الأنبياء والرسل.

back to top