بلا سقف : ما أصبرنا عليكم!

نشر في 09-12-2014
آخر تحديث 09-12-2014 | 00:01
 محمد بورسلي يقول الأديب السعودي محمد الرطيان: «في الرياضة وغيرها: ليست المشكلة أن نفشل، المشكلة هي أننا فشلنا في علاج أسباب الفشل، وقبلها كابرنا وأنكرنا وجوده. نحن ننشغل بالنتائج وننسى الأسباب».

هذا ما حدث بالضبط بعد فضيحة منتخبنا في «خليجي 22»، فقد انشغل الرأي العام المحلي بالنتائج المخزية، بينما تم تجاهل الأسباب التي تقف وراء ذلك الفشل البيِّن، وإذا استمرت الأسباب المعرقلة للتقدم، التي دفعنا ثمنها غالياً في الرياض، فمن الطبيعي أن يستمر الأزرق في حصد النتائج السلبية، وهذا ليس ضرباً من التنبؤ أو التنجيم وقراءة الغيب، وإنما هو تشخيص للواقع بالاستناد إلى «علاقة السببية»، ويقصد بها ارتباط الفعل بحدوث النتيجة.

راح جورفان فييرا يسرح ويمرح ويعيث فساداً بالأزرق خلال المرحلة السابقة، وما كان لذلك أن يحدث لولا مباركة رئيس اتحاد كرة القدم ومجلس إدارته، وتأييدهم المطلق لكل ما جرى من تخبيص على يد المدرب السابق، وها قد رحل فييرا، بينما ظلت بقية عناصر الفشل، التي كان لها أثر مباشر في وقوع فضيحة «الخماسية»، تراوح أماكنها، فأي عقل هذا الذي يقبل أن تُختزل مسؤولية السقوط في «خليجي 22» في شخص المدرب وحده دون غيره؟ وإلى متى ونحن نحمِّل المدربين مسؤولية الإخفاقات، في ما يَسلَم غيرهم من المحاسبة؟

من فوائد نكسة الأزرق أنها كشفت للجميع حجم التخبط الإداري المسيطر على الوضع في الاتحاد، كما بيّنت استقالة فييرا وأكدت لنا أنه الشخص الوحيد الذي يتحلى بالشجاعة اللازمة لمواجهة الفشل وتحمّل مسؤولية الأخطاء في منظومتنا الكروية، في الوقت الذي دفن المسؤولون الحقيقيون رؤوسهم في الرمال كالنعام، وانهمك آخرون منهم في بذل محاولات يائسة للتغطية على فشلهم، تنوعت بين التهرب، واجترار الألفاظ المستهلكة المعتادة، وسوْق الأعذار الواهية، التي لا تنطلي إلا على السُذَّج، ولا تستحق الالتفات إليها.

إذا كان سعادة رئيس الاتحاد الشيخ طلال الفهد هو المسؤول الأول عما وصل إليه منتخبنا من مستوى متدن، فإن المسؤول المباشر عن دحرجة عجلة الأزرق إلى الهاوية هو عضو مجلس إدارة الاتحاد رئيس اللجنة الفنية نواف جديد، ويشاطره المسؤولية نائبه مشعل سعيد، الذي كان يتغنى قبل كأس الخليج بـ«النجاح المبهر»، على حد وصفه، لبرنامج إعداد المنتخب ومعسكر تركيا، وقد فوجئنا حينذاك بتصريحه المضلِّل للحقيقة، إلا أننا بلعناه على مضض، ومررناه بصمت، إيماناً منا بأن العبرة بالخواتيم، فكانت خاتمة الأزرق في الرياض: «سواد وجه»، والفضل في ذلك بالطبع يعود لعباقرة اللجنة الفنية، ولمن منحهم فرصة العبث بهذه اللجنة الحساسة، واصفاً إياهم بـ«أهل الاختصاص»، وإلى اليوم وأنا أتساءل عن المعنى الذي عناه رئيس الاتحاد من ذلك الوصف؟

ورغم كل ما حصل من مهازل إدارية وفنية خلال المرحلة السابقة، تم تجديد الثقة في اللجنة الفنية، وتَقرر الإبقاء على الجهاز الإداري للمنتخب، إضافة إلى بعض عناصر الطاقم الفني السابق، وكأن شيئاً لم يكن! وهذا ما يؤكد أن الاتحاد يتعامل مع الشارع الرياضي بمنتهى الاستخفاف، ولو أمعنا النظر قليلاً في ما تم اتخاذه من إجراءات من جانب مسؤولي الاتحاد بعد عودتهم من الرياض بهزيمة شنعاء، لتوصلنا بسهولة إلى حقيقة مفادها أن المسألة برمتها تتعلق ببقاء تلك الوجوه «المغسولة بمرق» على الكراسي لأطول وقت ممكن، وليذهب كل ما عدا ذلك إلى الجحيم، ولكن... حتماً سيأتي ذلك اليوم الذي سينفد فيه صبر الكراسي عليهم، فحتى «الجماد» بإمكانه أن يحس!

أتمنى التوفيق للكابتن نبيل معلول في مهمته الصعبة مع الأزرق، وآمل أن يتمكن من إصلاح ما يمكن إصلاحه خلال المرحلة المقبلة، ولا أخفي تعاطفي معه، فما أصعب العمل وسط أكوام ضخمة من الرُكام والخراب الناتج عن سوء الإدارة في الاتحاد الكويتي لكرة القدم.

قفّال:

إذا لم تكن جزءاً من الحل، فلابد أنك جزء من المشكلة.

back to top