ماذا يخبرنا الموسيقيون عن عسر القراءة والدماغ؟

نشر في 11-02-2014 | 00:01
آخر تحديث 11-02-2014 | 00:01
إذا كانت المشكلة كلها تتعلق بتحليل الأصوات، فكيف نفسر وجود موسيقيين مصابين بعسر القراءة؟ في النهاية، يُفترض أن يبرع الموسيقيون في تحليل الأصوات. لكن تبين أن عدداً صغيراً منهم مصاب بعسر القراءة. يحاول فريق من الباحثين حل هذه المشكلة عبر حشد مجموعة من الموسيقيين المصابين بعسر القراءة للمرة الأولى واختبار قدراتهم اللغوية.
عسر القراءة هو اضطراب مزعج يولّد صعوبة في القراءة، حتى عند الأشخاص الأذكياء. لا أحد يعلم سبب الحالة، لكن تعتبر فرضية شائعة أن أساس المشكلة يتعلق بتراجع قدرة الدماغ على تحليل الأصوات، لا سيما خلال مرحلة الطفولة. الأطفال الذين يجدون صعوبة في تحليل أصوات الكلمات التي يتفوه بها الراشدون يصعب عليهم أيضاً تعلم الروابط بين أصوات الكلام والكلمات المكتوبة على صفحة. وهذا ما يسبّب مشاكل في القراءة أو هكذا تقول الفرضية على الأقل.

اختبر الباحثون بقيادة عالمة النفس ميراف أهيسار 52 موسيقياً على مستوى الإدراك السمعي الأساسي (مثل قدرتهم على تحديد نغمات مماثلة أو مع فارق في الفترة الفاصلة بين الأصوات)، فضلاً عن الإدراك السمعي المرتبط بالموسيقى (التمييز بين إيقاعات أو نغمات مختلفة) أو اللغة (مثل القدرة على التمييز بين الكلمات والأصوات التي يسمعونها ولا تشكّل كلمات مفهومة). كذلك أخضعوا الموسيقيين لاختبار الذاكرة وقاسوا سرعتهم في القراءة ومعدل دقتهم.

تطلب الاختبار سنوات عدة لأن عدد الموسيقيين المصابين بعسر القراءة نادر بحسب قول أهيسار (لكن لا أحد يعرف عددهم الدقيق، وقد أكدت أهيسار على أنها لم تجد أي دراسات تثبت أن الاضطراب هو أكثر أو أقل شيوعاً عند الموسيقيين مقارنةً بالناس العاديين، علماً أن نسبة هذه الفئة الأخيرة تتراوح بين 1 و10%). في النهاية، تمكنت طالبة أهيسار، أتاليا ويس، خريجة أكاديمية الموسيقى، من إشراك 24 شخصاً.

حفظ الصوت

ما الذي اكتشفه الباحثون؟ في معظم اختبارات الإدراك السمعي، سجل الموسيقيون المصابون بعسر القراءة معدلاً بقدر نظرائهم غير المصابين بذلك الاضطراب وكانت نتائجهم أفضل من الناس العاديين. لكنهم قدموا أداء أسوأ في اختبار الذاكرة السمعية الناشطة، أي القدرة على حفظ صوت في العقل لفترة قصيرة (لا تتجاوز الثواني). تبين أن الموسيقيين المصابين بعسر القراءة ولديهم أسوأ ذاكرة ناشطة يميلون إلى تسجيل أدنى دقة في القراءة. أما الذين تمتعوا بمستوى أفضل من الذاكرة الناشطة، فكانوا أكثر دقة.

كتبت أهيسار وفريقها النتائج في عدد شهر فبراير من مجلة {علم النفس العصبي} فاعتبروا أن الذاكرة السمعية الناشطة قد تكون أساسية بالنسبة إلى أداء المصابين بعسر القراءة. في هذه الحالة، قد تتحول أنظار عدد إضافي من الباحثين إلى المناطق الدماغية المرتبطة بالذاكرة فضلاً عن المناطق السمعية التي كانت محور التركيز في الأبحاث عن عسر القراءة.

النتائج منطقية جداً. تقول نينا كروس، عالمة أعصاب تدرس الموسيقى واللغات في جامعة نورث وسترن، إن تعلم اللغات يتطلب إقامة روابط بين الأصوات ومعناها وطريقة تجسيدها في الكتابة، وتشكّل الذاكرة جزءاً أساسياً من هذه العملية: {إذا لم تستطع تذكّر صوت معين، فلا يمكنك أن تربط بين هذه العوامل}.

بعبارة أخرى، تكون الذاكرة مهمة بقدر الإدراك إذا أردت أن تصبح بارعاً في اللغات!

back to top