الوضع الصحي في الكويت... خدمات متواضعة وأمراض متزايدة

نشر في 02-02-2014
آخر تحديث 02-02-2014 | 00:06
No Image Caption
الأمراض المزمنة هي السبب الرئيسي للوفيات... 46% منها للقلب والأوعية الدموية و13% للسرطان
تواصل «الجريدة» نشر تقرير المجلس الأعلى للتخطيط حول التنمية البشرية الذي جاء بعنوان «التماسك الاجتماعي ركيزة وطنية»، فبعد الحلقة الأولى التي تناولت أسباب فشل التعليم يسلط التقرير الضوء في حلقته الثانية على الوضع الصحي، حيث كشف أن القطاع الصحي عانى، كباقي القطاعات الاخرى في الكويت، أزمة المشهد السياسي والاجتماعي المضطرب في البلاد.

 ورغم أن الكثيرين يغبطون الكويت على ما فيها من مجلس أمة منتخب بطريقة ديمقراطية صحيحة وشفافة ومساحة الحرية المتاحة بالبلاد، فإن النتائج المحققة لا تشير الى تقدم واسع الخطا على طريق التنمية، وخاصة في ظل ما يخصص من موازنات ضخمة نسبياً للقطاع الصحي، ويُرجِع التقرير ذلك إلى عدم انسيابية خطط التنمية الصحية مع ما يقره مجلس الأمة من تشريعات حيوية للقطاع مثل قانوني التأمين الصحي للكويتيين وتنظيم الخدمات الصحية.

قال التقرير إن معدل انتشار السمنة وزيادة الوزن بين البالغين الكويتيين يقارب حوالي 75% عند النساء و50% عند الرجال خاصة بين فئة المراهقين، ما يثير قلقا بالغا، لاسيما أن هؤلاء يمثلون 37% تقريبا من جملة السكان الكويتيين، وهي نسبة اعلى من نظرائهم الاميركيين في معدلات السمنة، ويعزي هذا الخطر بشكر رئيسي الى العادات الغذائية نظرا للإفراط في تناول الاطعمة المشبعة بالدهون مثل الوجبات السريعة، إضافة إلى الافتقار الى مراقبة النظام الغذائي في المدارس، وانخفاض معدلات الرضاعة الطبيعية ومدتها، فضلا عن عدم مزاولة الكويتيين للنشاط البدني.

وتمثل الامراض ذات الارتباط بالتدخين كأمراض القلب والجهاز التنفسي تحديا كبيرا للنظام الصحي، إذ تشير الاحصاءات الى ان الكويت اصبحت مرتعا لتعاطي التبغ بمعدل 42.3% تقريبا بين الرجال، وحيث ان التدخين هو السبب الرئيسي لامراض يمكن الوقاية منها، وبهذا الشأن شهدت الدول المتقدمة انخفاضا في استخدامه بسبب الحملات المنظمة وتحديد الضرائب وحملات التوعية العامة، ومع ذلك فإن صناعة التبغ تستهدف اسواق الشرق الاوسط، حيث ينظر اليها على أنها اقل سيطرة، ومازالت معرفة المستهلك بمخاطرها محدودة الى حد ما.

تحديات

وأضاف التقرير أن من ابرز التحديات الرئيسية التي يعانيها النظام الصحي في الكويت ايضا مرض السكري، وفي دراسة حديثة وجد ان معدل مرض السكري وما قبل السكري كان يمثل حوالي 32% بين عدد 484 من طلاب مؤسسات التعليم العالي الذين تتراوح اعمارهم بين 17-24، وأفادت دراسة مسحية مقطعية لـ562 موظفا في القطاع العام انتشار المرض بنسبة 21.4% تقريبا، كما اظهرت دراسة أخرى على مرضى في عمر الـ50 عاما ان نحو 50.6% منهم مصابون بمرض السكري، لتحتل الكويت المرتبتين الثانية والثالثة عالميا على صعيد الاصابة بهذا المرض.

واستنادا الى التوزيع العمري للسكان الكويتيين ومؤشرات العرضة للاصابة المبكرة بالامراض المزمنة وملاحظة المضاعفات التي تهدد الحياة كمرض القلب والاوعية الدموية، فانه يتوقع ان يبدأ العمر المتوقع عند الولادة بالانخفاض في الكويت، اضافة الى عبء تكلفة الامراض المزمنة على النظام الصحي، وأخيرا وسط هذه الحقائق المزعجة فإن الكويت مازالت تفتقر إلى أي برامج على المستوى الوطني للوقاية من هذه الامراض الرئيسة المزمنة أو لغربلة الاسباب الرئيسية للوفيات.

تلوث الهواء

وأوضح أنه من بين أكثر الاخطار التي تهدد صحة السكان في الكويت الأخطار البيئية الناجمة عن تلوث الهواء، فمن المعلوم ان تلوث الهواء هو الاكثر اثارة للقلق، ومن بين الدول التي تتوافر عنها بيانات حول مستويات التلوث في الهواء الطلق تحتل الكويت المرتبة العاشرة وتسبق بنغلاديش والمكسيك والصين، إذ ان معدل مستويات الجسيمات التي تؤثر على نوعية الهواء في الكويت قد فاق مؤشرات الجودة التي توليها منظمة الصحة العالمية المزيد من الاهتمام، وقد بات راسخا ان تلوث الهواء في الكويت هو واحد من اهم عوامل الخطر لمرضى القلب وسرطان الرئة.

ويعزى حوالي 41% من تلوث الهواء المقيس في الكويت الى التلوث الطبيعي الناجم عن جزئيات الغبار المنتشرة في المناخ، الا ان مصادر حديثة تشير الى ان جزءا اكبر من هذا التلوث يأتي من صنع الانسان مثل احتراق النفط وصناعة البتروكيماويات وحركة المرور والآثار الطبيعية للنمو السكاني، بمعنى ان عبء التلوث البيئي هو اكبر من التلوث الطبيعي.

ووفقاً لمؤشرات الأداء البيئي لعام 2012 ووفقا للتقرير المنشور بوساطة مركز يال للقوانين والسياسات البيئية، فإن ترتيب مؤشر الكويت البيئي هو 126 من 132 دولة، ما يجعل الكويت من اسوأ عشر دول بيئيا في العالم، حيث يتابع المؤشر الأداء والتقدم في البيئة الصحية والماء وتلوث الهواء وتغير الهواء، وهناك ايضا الكثير من المشكلات المتعلقة بجودة الرعاية الصحية وامكانية الحصول على الخدمات الطبية والممارسات الخاطئة من قبل المريض ومقدم الخدمة وانعدام التركيز على الالوويات مثل الرعاية الوقائية.

ولا يعتبر النظام الصحي الحالي في الكويت مهيئا لمعالجة هذه المشكلات الكبيرة التي تحتاج الى حلول فنية وإجماع سياسي ومحفزات لتغيير سلوكيات الافراد ومقدمي الخدمة معا.

كلفة الصحة

وكشف التقرير أن الكويت ستواجه في السنوات القادمة ارتفاعا هائلا في تكلفة الرعاية الصحية نتيجة للمعدلات القياسية للأمراض المزمنة كالسكري والسمنة والقلب والاوعية الدموية وقصور البرامج والوقائية وتنامي تكلفة الرعاية الصحية، لذا لابد من الاتجاه نحو الأخذ بنظام تمويل صحي جديد قابل للاستمرار وقادر على ضخ الأموال المطلوبة، فنهج السوق الحرة المعتمد على نظام ربحية تمويل الرعاية الصحية هو نهج غير فعال من حيث التكفلة نظرا لارتفاع التكاليف الادارية مع ازدياد الطلب، كما ان مثل هذا النهج لا يستند الى المساواة ولا يناسب بيئة العمل الحالية التي تعاني عدم انتظام الاشراف الرقابي والممارسات النفعية التي يمكن ان تنشأ عن القطاع الطبي الخاص.

معدل العمر

وفيما يتعلق بارتفاع متوسط العمر المتوقع للحياة من حوالي 74 عاما الى 74.6 عاما خلال عامي 2000 و2010، أوضح ان الكويت خلال الفترة قيد الدراسة سجلت أعلى معدل عمر متوقع للحياة مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 69.9 سنة ومتوسط الدول العربية 70.8 سنة، وبذلك احتلت الكويت المرتبة الرابعة عربيا وخليجيا بعد كل من قطر والامارات والبحرين، اما فيما يتعلق بمعدل وفيات الاطفال دون الخامسة فانخفض هذا المعدل خلال الفترة من 2000 إلى 2010 من 11.8 الى 8.6 مولود لكل 1000 مولود حي، وهذا المعدل وان كان الاقل مقارنة بالمتوسط على مستوى الدول العربية البالغ 48.3 والمتوسط العالمي 53.3 فإنه لا يزال الاعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي.

مؤشر الخدمات

وعن مؤشر تطور الخدمات الصحية الحكومية ومدى توافرها للمواطنين تشير البيانات إلى ان هناك تقدما ملحوظا سواء فيما يتعلق بعدد المنشآت الصحية القائمة حاليا او قدرتها الاستيعابية، إذ بلغ عدد المستشفيات العامة والتخصصات في الكويت 15 مستشفى، ولم يشهد اي زيادة منذ عام 2006 حتى عام 2010 على الرغم من زيادة عدد السكان في الكويت من نحو 2.5 مليون نسمة عام 2006 الى ما يقارب 3 ملايين نسمة عام 2010، وارتفع عدد الاسرة في المستشفيات الحكومية من 5149 سريرا عام 2006 الى 6338 سريرا عام 2010، اي بزيادة مقدارها 1189 سريرا وبنسبة 23%، ومع هذه الزيادة العددية في عدد الاسرة فإن ذلك لم يواكب الزيادة السكنية المطردة مما أدى الى انخفاض مؤشر معدل السكان لكل سرير بنسبة 5.1% تقريبا او بمعنى آخر انخفض من سرير لكل 593 مواطنا ومقيما الى سرير واحد لكل 563 مواطنا ومقيما، وهذا بدوره ادى ايضا الى انخفاض معدلات الانشغال للاسرة في المستشفيات وتراجعها بنسبة حوالي 6.5% أي من 69.3% الى 64.8% تقريبا خلال الفترة ذاتها، وهذا أدى ايضا الى ارتفاع متوسط مدة الاقامة في مستشفيات الوزارة من 5.5 إلى 5.9 أيام لذات الفترة.

وزاد عدد المراكز الصحية العامة والمتخصصة خلال الفترة بين عامي 2006 و2010 بمقدار 60 مركزا جديدا بنسبة 17.2% مقارنة بـ349 مركزا عام 2006، إلا أن مؤشر عدد السكان لكل مركز صحي شهد تراجعا خلال تلك الفترة، إذ تراجع من 87 الى 86 مركزا خلال الفترة نتيجة لزيادة معدل عدد السكان.

الأهداف الصحية

إن تحسين مستوى الرعاية الصحية بالكويت يمثل محورا رئيسا وهدفا مقصودا في التنمية البشرية، وذلك عبر تحقيق المزيد من التقدم لبرامج الرعاية الصحية، لاسيما ان هناك اهتماما عالميا متزايدا من قبل حكومات العالم والمؤسسات الدولية المعنية بالقطاع الصحي، وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية وكذلك مؤسسات التمويل الدولية المعنية بقضايا التنمية في العالم مثل البنك الدولي الذي قام بتعبئة 4.38 مليارات دولار خلال عام 2010 لاستثمارات في برامج الصحة والتغذية والسكان بزيادة قدرها 50% على الارتباطات القياسية في السنة السابقة.

وفي هذا الإطار تبنت الكويت بكل جدية العمل نحو تحقيق الغايات الانمائية للألفية التي أقرها المجتمع الدولي عام 2000، وبذلت الدولة جهودا حثيثة وعملا متواصلا لأجهزتها ومؤسساتها المعنية لتحقيق متطلبات هذه الغايات الانمائية للالفية بمختلف القطاعات التنموية الاجتماعية والاقتصادية والانسانية، وذلك من خلال انتهاج عدد من السياسات والاهداف التي اقرت في خطة التنمية المتواصلة.

 ومن الجدير بالذكر أن هناك ثلاث غايات تتعلق بالرعاية الصحية من ضمن ثماني غايات انمائية للالفية وهي: تخفيض معدل وفيات الاطفال والارتقاء بمستوى صحة الأم ومكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والأمراض الاخرى.

وفيات الأطفال

تشير النتائج إلى تحقيق الكويت لمعدلات مرتفعة في جميع هذه الغايات، وذلك قبل حلول مواعيدها المقررة عام 2015، وتم تحقيق احدى هذه الغايات بالفعل ذات العلاقة بالرعاية الصحية للمواطنين الكويتيين، وهو تخفيض معدل وفيات الاطفال وذلك بمقدار الثلثين في الفترة بين عامي 1990 و2008، وقد تم اختيار ثلاثة مؤشرات كمية لقياس التقدم المحرز نحو تحقيق هذه الغاية، وهي معدل وفيات الاطفال دون سن الخامسة ويعرف بأنه عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة لكل ألف مولود حي، ونسبة الأطفال البالغين من العمر سنة واحدة الذين تم تحصينهم ضد الحصبة.

وقد حققت الكويت معدلا للوفيات النفاسية قدره حوالي 7.6% لكل مئة ألف مولود حي في عام 1995 كسلة ارتكازية انخفض بعدها ليصل 3.5% عام 2003 ثم إلى 12.8% تقريبا عام 2008، ومن ثم سجل معدل الوفيات النفاسية خلال الفترة 1995-2003 معدلا للانخفاض السنوي بلغ حوالي 6.7% وهو معدل انخفاض يفوق المطلوب.

أما الهدف الفرعي الخاص بتغطية الخدمات الانجابية للنساء الذي يقاس من خلال اربعة مؤشرات تتعلق بخدمات الرعاية الصحية المتعلقة بعملية الحمل وتنظيمه والتخطيط لحياة الاسرة فان المستوى العام للمعيشة في الكويت وفقا للمعايير الاقتصادية والحياة الاجتماعية للسكان والنظام الصحي المعمول به بالدولة والذي يقدم رعاية متخصصة ونوعية للاسرة الكويتية يمكننا من التنبؤ بتقدم ملحوظ في تحقيق رعاية وخدمات مميزة للمرأة والأسرة بالكويت، خاصة فيما يتعلق بتخطيط شؤون الاسرة الصحية، ومن المتوقع أن تتمكن الكويت من تحقيق الهدف الفرعي لهذه الغاية بغضون عام 2015.

مكافحة نقص المناعة

وحدد التقرير ثلاثة أهداف فرعية لهذه الغاية هي وقف انتشار الفيروس والعمل على انحساره عام 2010 وتوفير علاج للمحتاجين إليه.

 ومن الجدير بالذكر أن الحالة الأولى المسجلة لهذا الفيروس في الكويت كانت في عام 1984 وفي عام 2009 بلغ عدد الحالات 160 بينها 157 لحالات تفوق اعمارهم 15 عاما، ما يعني أن معدل انتشار فيروس نقص المناعة في اوساط الكويتيين الذين تفوق اعمارهم 15 سنة قد بلغ 0.02%، وأن معدل انتشاره في هذه الشريحة العمرية 29 -15 سنة أقل من المعدل العام، وتشير المعلومات الصحية الى ان حوالي 82% من المصابين بالفيروس في عام 2009 يتلقون عناية صحية مباشرة وتحت الاشراف الطبي الكامل.

أما ما يخص وجود الامراض المعدية وانتشارها كالسل والماريا فإن أغلبها في انحسار أو ان الاصابة بها متدنية للغاية في صفوف المواطنين، ومع انتشار خدمات الرعاية الوقائية وتوزيعها في مختلف مناطق الكويت والمتابعة الدورية للحالات المصابة النادرة في بعض اوساط المقيمين التي تتم متابعتها بشكل دوري مما يمكن الاعلان بان الاصابات بهذه الامراض المعدية شبه عديمة.

إرث النظام الصحي

يستعرض هذا القسم من التقرير الأحداث التي شكلت بيئة عمل للقطاع الصحي في دولة الكويت، حيث ان فهم المنطلقات الاساسية التي قامت عليها اسس تقديم الخدمات الصحية في المجتمع الكويتي والموروث الانساني والاجتماعي الذي واكب تقديمها وتتبع الجهود السابقة من قرارات وسياسات تساعد دون شك على اكتشاف اهم الفرص والتحديات التي صابت ذلك، والنجاحات والاخفاقات التي مر بها النظام الصحي.

لقد واجه صانعو السياسات الصحية بدولة الكويت مجموعة من الصعوبات تتعلق بالطريق او بالاسلوب الذي اسست عليه البنية التحتية في المجال الصحي منذ عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي كان التوجه في تلك الفترة نحو ايجاد نظام للمستشفيات يحاكي النظام الصحي الغربي في هذا المجال.

ويشير الى أنه بناء على ذلك فقد تم التركيز على تصميم نظام صحي يعتمد على النموذج العلاجي بشكل كبير مما ادى الى تراجع الاهتمام بنموذج الرعاية الاولية على الرغم من اهميته، كما كانت القدرات الوقائية محدودة وذلك في ظل الاهتمام العالمي بالصحة الوقائية منذ فترة طويلة، ولاسيما منذ اعلان أهمية الرعاية الاولية والوقائية.

ومع ما شهده القطاع الصحي من عملية تطوير في مختلف المجالات الصحية كالتوسع في انشاء المستشفيات العامة في مطلع الثمانينيات والتوسع في المرافق الصحية العامة فان الزيادة السكانية الكبيرة وزيادة معدلات الاعمار أدتا الى ضغوط متزايدة على المستشفيات العامة؛ نتيجة لازدياد اعداد مراجعيها؛ وذلك في ظل محدودية الامكانات المتاحة التي انعكست على جودة الخدمات الصحية ذاتها.

ومن جانب اخر طرحت العديد من الحلول بهدف تعزيز قدرة المستشفيات على تلبية الاحتياجات المتزايدة وتركزت في مجملها على زيادة الكم على حساب جودة الرعاية الصحية، ومن تلك الحلول زيادة السعة السريرية للمستشفيات العامة القائمة حاليا من خلال بناء ملاحق تابعة وزيادة ساعات العمل في عيادات الرعاية الصحية الاولية وقرار انشاء مستشفى الشيخ جابر بهدف تعزيز قدرات مرافق الرعاية الصحية.

المؤشرات الصحية

وأضاف التقرير أنه من المعلوم أن التحسن في المؤشرات الصحية عادة ما يكون انعكاسا للتدخلات البعيدة للنظام الصحي، وتشير المؤشرات الى انخفاض تاريخي ملحوظ من عبء الامراض المعدية الى عبء الامراض غير المعدية منذ بدء تأسيس الخدمات الصحية العامة في الكويت، ويعزى ذلك الى الاهتمام في مجال النظافة وتوافر المياه النظيفة والحصول على التحصينات على نطاق واسع، وانتشار مراكز الخدمات الصحية الاولية وانخفاض معدلات الامراض الوبائية، والوفيات المترتبة على مجالات العدوى، وما نتج عنه من ارتفاع تدريجي في متوسط العمر المتوقع للسكان الكويتيين عند الولادة.

ومع استمرار التحسن في المؤشرات الصحية لدولة الكويت فقد ارتفع متوسط العمر  المتوقع عند الولادة، وذلك على قدم المساواة مع العديد من الدول المتقدمة، وبالمثل انخفضت معدلات وفيات الاطفال عند الولادة والاطفال تحت 5 سنوات، وتم تحقيق نتائج ممتازة للغايات الانمائية للالفية، كما تم ايضاحها سابقا ولكن لا يزال عبء الامراض المزمنة ينخر في صحة السكان، وهو العامل الرئيسي للوفيات في الكويت، حيث تشكل الوفيات الناجمة عن هذه الامراض ما نسبته 46% لامراض القلب والاوعية الدموية، والوفيات الناتجة عن امراض السرطان حوالي 13% والوفيات الناتجة عن حوادث المرور 13% تقريبا.

وأكد أنه من الملاحظ ان اقليم الشرق الاوسط الذي تعتبر الكويت جزءا منه، ويعد من الدول ذات الدخل المرتفع، لديه اعلى معدل وفيات ناجمة عن حوادث المرور مقارنة بالدول ذات الدخل المنخفض؛ مما يؤكد عدم وجود ارتباط بين النمو السريع للبنية التحتية والتقدم في الثقافة المرورية وانظمة السلامة، وارتفاع معدلات الوفيات الناجمة عن حوادث المرور التي تصل الى 29 حالة وفاة لكل مئة الف، اي اكثر من ضعف التقديرات العالمية مما ينعكس سلبا على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للسكان والمجتمع بأسرة.

التحكم والشفافية

وشدد التقرير على ضرورة انشاء اللجنة الوطنية للصحة، بمشاركة جميع اصحاب المصلحة في النظام الصحي، وتحديدا وزارة الصحة، ووزارة المالية والقطاع الصحي الخاص والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع الدولي، وسوف تكون مهمة اللجان وضع استراتيجية وطنية للصحة العامة، ومن ثم تنفيذها مثل: انشاء هيئة لتنظم النظام الصحي، وتحديد مجموعة من القوانين الاساسية للرعاية الصحية بالتعاون مع الوكالات الدولية والمحلية وبرنامج الامم المتحدة الانمائي وجمعية الشفافية الكويتية وغيرها من جهات المراقبة، وذلك من اجل ضمان المساءلة والشفافية في عملية الاصلاح وللوصول الى حالة من الاستقرار والعمل نحو اعداد استراتيجية صحية وطنية لتمويل الرعاية الصحية تختص في اعداد المسوحات الدورية للحسابات الصحية الوطنية وتقييم الاحتياجات وتحديد الاولويات ورصد التقدم المحرز.

 كما أشار إلى انشاء نظام التأمين الصحي الاجتماعي وتشغيله ليحل محل الانظمة القائمة وتقديم حزمة من المنافع الاساسية لجميع المقيمين وشراء الرعاية الصحية من الجهات المزودة الخاصة والعامة ورصد وتقييم عناصر الجودة. وتصيم حزمة منتقاة لمشروعات حيوية للرعاية الصحية الاولية والوقائبة وتبني نظام اللامركزية لادارة مرافق القطاع الصحي واعادة تنظيم المرافق الصحية القائمة حاليا ومنحها الاستقلالية في اتخاذ القرار، وزيادة الموارد البشرية والقدرات الفنية والحوافز للقائمين على برامج الرعاية الصحية الاساسية، وتبني استراتيجية فعالة للتعامل مع الامراض المزمنة وتسريع مكافحة التدخين للوصول الى نسبة اقل من 5% للمواطنين بحلول عام 2040، وذلك من خلال تنفيذ الاتفاقية الاطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ، وتقليل استهلاك الملح الى 5 غرامات لكل شخص سنويا بحلول عام 2025 لخفض الدم عن طريق اعادة صياغة المنتجات الغذائية وتنفيذ حملات اعلامية واسعة النطاق وتشجيع النظام الغذائية الصحية والنشاط البدني وذلك من خلال فرض ضرائب عالية على الاطعمة التي تحتوي على الدهون المشبعة والسكري ووضع علامات على المنتجات الغذائية وتقييد سوق الاطعمة غير الصحية، وجعل النشاط البدني اولوية في المدارس وفي مؤسسات المجتمع وتنفيذ حملات فعالية للحد من السمنة.

 وأكد ضرورة أن تنفيذ برامج الفحص الدوري للامراض المزمنة التي يمكن الوقاية منها، وتوفير الادوية الاساسية لجميع وبخاصة للمرضى الاكثر عرضة لمرض القلب والاوعية الدموية او الذين عانوا حدثا سريريا، والحد من عبء الاصابات الناجمة عن حوادث الطرق، وتعزيز السلامة على الطريق وتطبيق توصيات التقرير العالمي للوقاية من الاصابات الناجمة عن حوادث المرور التي تشمل السيطرة على السرعة وتطبيق قانون حزام الامان وترويج استخدام كرسي المحافظة على الطفل في زيادة القدرة في مجال الصحة العامة والخبرات ذات الصلة، من خلال خلق الحوافز المالية والمهنية،

وزيادة القدارت في مهن الرعاية الصحية، ولا سيما في مجالات الرعاية الصحية الاولية والوقائية، واتاحة الفرصة للتزود بالمعارف والمهارات المتخصصة لجميع العاملين بالقطاعات الصحية وتشجيع التقدم والنمو المهني والحصول على التعليم الالزامي التخصصي والدراسات العليا.

1328 طبيباً و5425 ممرضاً في المنشآت

 تشير بيانات التقرير، في ما يتعلق بتطور المؤشرات المتعلقة بالعنصر البشري القائم على الخدمات الصحية ومن واقع تحليل البيانات، إلى تقدم في أعداد القائمين على الخدمات الصحية بالكويت، وفي جوانب اساسية لمقدمي الرعاية الصحية وتطور في استخدام مزيد من العناصر البشرية المؤهلة لتلبية الاحتياجات الصحية المختلفة. إذ زاد اجمالي عدد العاملين في المنشآت الصحية الحكومية بمقدار 9743 عاملا وبنسبة 28.7% وذلك من 33.990 عاملا عام 2006 الى 43.733 عاملا عام 2010.

وزاد عدد الاطباء بنحو 1328 طبيبا وبنسبة 30.5% اي الى 5680 طبيبا عام 2010 مقارنة بـ 4352 طبيبا عام 2006 وهذا ادى الى تحسن مؤشر معدل السكان لكل طبيب بنسبة 12.5% اي من طبيب واحد لكل 599 مواطنا ومقيما الى طبيب واحد لكل 524 مواطنا ومقيميا.

وزاد عدد اطباء الاسنان بنحو 381 طبيبا وبنسبة 51.3% اي الى 1123 طبيب اسنان عام 2010 مقارنة بـ742 طبيبا عام 2006 مما ادى الى تحسن مؤشر معدل السكان لكل طبيب اسنان بنسبة 22.8% اي من طبيب واحد لكل 4113 مواطنا ومقيما الى طبيب واحد لكل 3176 مواطنا ومقيما.

كما زاد عدد الممرضين بنحو 5425 ممرضا وبنسبة 55% اي الى 15283 ممرضا عام 2010 مقارنة بـ9585 ممرضا عام 2006 مما ادى الى تحسن مؤشر معدل السكان لكل ممرض بنسبة 24.8% اي من ممرض لكل 310 مواطنين ومقيمين الى ممرض لكل 233 مواطنا ومقيما.

وزاد عدد الصيادلة بنحو 230 صيدلانيا وبنسبة 32.1% اي الى 946 صيدلانيا عام 2010 مقارنة بـ716 صيدلانيا عام 2006.

back to top