«اعمل نفسك ميت!»

نشر في 19-08-2014
آخر تحديث 19-08-2014 | 00:01
 خالد الجري من المعروف أن هنالك أسساً واشتراطات علمية يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار أي شخص لشغل وظيفة أو منصب ما، ومن المؤسف أننا إذا نظرنا إلى المسؤولين اليوم نجد الكثيرين منهم لا تنطبق عليهم أي من تلك الأسس والشروط، والدليل على ذلك ما آلت إليه حال البلد في الآونة الأخيرة.

في الماضي، عندما كانت الكويت في صدارة الركب بالنسبة إلى دول الجوار، كان من السهل على المواطن الوصول إلى المسؤولين والتواصل معهم، وكانت أبوابهم مفتوحة للجميع ولا يخشون مواجهة الناس، وذلك نظراً لـمعرفتهم وخبرتهم بأمور وظيفتهم، مما كان يعطيهم الحجة للرد والإقناع واتخاذ القرار.

لكن ما يحدث اليوم هو العكس، حيث بات أغلب المسؤولين يتبعون سياسة الباب المغلق أو بالأصح "اعمل نفسك ميت!" للتهرب من الناس ومن تحمُّل المسؤولية "لعل وعسى تعدي على خير" غير أننا لا نستغرب مثل هذه التصرفات، إذ إنهم لم يصلوا إلى تلك المناصب بمجهوداتهم، الشخصية إنما بطرق ملتوية، أي أن مناصبهم أكبر منهم، لذا لا نستبعد اليوم ضعفهم في اتخاذ القرار.

ومن المعروف أن هنالك أسساً واشتراطات علمية يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار أي شخص لشغل وظيفة أو منصب ما، فإن وجدت هذه الأسس مجتمعة، يكون الاختيار في محله، ومنها أن يتحلى الشخص بقدرات وإمكانات تساعده على أن يؤدي دوره بنجاح، فيكون واثقاً من نفسه، ويؤدي دوره بالشكل والدقة المطلوبَين، ويتمتع إلى جانب ذلك بمواصفات القيادي الناجح وحب التعلُّم، والمقدرة على الفصل بين العمل والحياة الشخصية، والأهم من ذلك كله أن يكون متواضعاً.

ومن المؤسف أننا إذا نظرنا إلى المسؤولين اليوم نجد الكثيرين منهم لا تنطبق عليهم أي من تلك الأسس والشروط، والدليل على ذلك ما آلت إليه حال البلد في الآونة الأخيرة، إذ تترتب على عدم اختيار الشخص المناسب تبعات عديدة، منها فقدان أصحاب الكفاءات وسوء استغلال طاقات العاملين، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار الوقت والمال وانخفاض القدرة الإنتاجية، فتشير الدراسات إلى أن نحو 60% من الموظفين يستقيلون من عملهم، لا بسبب كرههم للعمل أو لتوافر فرص أخرى، بل بسبب مديريهم!

كل التبعات التي سبق ذكرها نشاهدها اليوم على أرض الواقع، لأنها ليست إلا نتيجة لسوء الاختيار من السلطات العليا في البلاد، مع أن العلم وصل إلى مراحل متقدمة تمكّننا من معرفة صفات الشخص المرشح لشغل أي وظيفة أو منصب عن طريق اختبارات التقييم الشخصية بمجرد إخضاعه لتلك الاختبارات، فضلاً عن شهادته العلمية وخبرته العملية، في مسعى للوصول إلى التوليفة المثلى لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بعيداً عن التنجيم والتخمين- وقبل ذلك- بعيداً عن "الواسطة" والمحسوبية.

غير أنه ليس من العدل أن نلقي باللوم على الآخرين في كل الأمور، إذ يجب علينا أن نتحمل جزءاً من المسؤولية عبر ابتعادنا عن استغلال "الواسطة" للحصول على ما ليس لنا فيه حق، على حساب أصحاب الحق، ظالمين في ذلك أنفسنا أولاً وغيرنا ثانياً.

 فواجب علينا أن نضع الله تعالى نصب أعيننا، وأن نتذكر أن الظلم ظلمات يوم القيامة، وألا نكون شركاء في ظلم الكويت التي أخذنا منها الكثير... فمتى نعطيها ونردّ الجميل؟

back to top