افتتاحية : لا تسخِّفوا الاستجواب

نشر في 21-11-2013 | 00:13
آخر تحديث 21-11-2013 | 00:13
No Image Caption
بربكم يا حضرات النواب قولوا لنا: ماذا تريدون؟ بربكم أخبرونا: هل لديكم تصور واضح للعمل البرلماني والسياسي أم أن ما يحصل مجرد خبط عشواء أو تنفيذ لأجندات لا علاقة لها بأصول الممارسة البرلمانية؟

مشهد المجلس منذ بدء الانعقاد مستغرب ومستهجن. استجواب ينطح استجواباً، وتصعيد ينبئ بتأزيم. والمواطن يسأل: هل صار عمل النائب ودوره الرقابي مقتصراً على التهديد بأغلظ أداة، أم أن النظام البرلماني يفترض اتباع أصول تُحتَرم في برلمانات العالم، وهي التدرج في المساءلة وعدم هدر أداة الاستجواب؟

سئمنا من مقولة أن حق النائب في الاستجواب بديهي، وأن الحكومة ستتعامل مع الاستجوابات وفق اللوائح والدستور، وصار من حقنا التساؤل عما إذا كان المهرولون إلى الاستجوابات هدفوا إلى تحقيق المصلحة العامة أم أنهم أرادوا خلط الأوراق؛ فلا هم انخرطوا في العمل البرلماني الفعلي المتمثل في اللجان، ولا بادروا إلى معالجة الخلل التشريعي، ولا شاركوا في جلسات نقاش عامة، ولا أفسحوا المجال للجان التحقيق لتزيل التباسات في ملفات أو تدل إلى مرتكبين أو تبرئ ساحة مفترى عليهم. لذا من حقنا توجيه سؤال مباشر إلى بعض النواب المستجوبين: هل استرخصتم هذا الأداة لدرجة أنكم جندتموها في أجندات لا تخفي رغبتها في دفع المشكلة مع الحكومة إلى درجة حل البرلمان؟

لا نبرئ ساحة الحكومة، ونعلم أوجه تقصيرها وأن وزراءها غير متساوين في الكفاءات، لكن لا أحد يلوم الناس لو عبروا عن يأسهم من عدم وجود حياة سياسية طبيعية يختلف فيها النواب مع الوزراء على مشاريع الإصلاح والأولويات وطرق تطوير البلاد، ولن يلومهم أحد إذا قالوا إن تكرار سيناريوهات التأزيم والحل سيكفّر المواطنين بالديمقراطية ويجعلهم عازفين عن المشاركة في الانتخابات.

مَن يجب أن يلام هم هؤلاء الذين لم يستوعبوا أن الحياة البرلمانية تتضمن المواقف والنقاشات وتوجيه الأسئلة وطرح المسائل على الرأي العام قبل الوصول إلى الاستجواب؛ فهؤلاء يتحملون مسؤولية تجاوز الأدوات الدستورية والإخلال بأصول العمل البرلماني، ويوفرون الذريعة للوزراء لاتهامهم بالشخصانية وتنفيذ أجندات، وهم بالتالي يسخِّفون أداة الاستجواب والحياة السياسية بشكل عام.

الجريدة

back to top