طاعة أولي الأمر

نشر في 17-07-2014
آخر تحديث 17-07-2014 | 00:01
 بدر سلطان العيسى تاريخياً الحكام العرب وطوال التاريخ العربي كانوا يحكمون بالسيف وقطع الرقاب، يستثنى منهم الخلفاء الأربعة "أبوبكر وعمر وعثمان وعلي"، ومع ذلك فقد قتل عمر بن الخطاب وعلي غدراً، أما الخليفة عمر بن عبدالعزيز الذي حكم بالعدل هو الآخر فقتل بالسم، وبقية الحكام العرب منذ ذلك التاريخ كانوا يحكمون بالسيف وقطع الرقاب والتسلط في معظمهم.

تطرق بيان "إحياء التراث" إلى طاعة الله ورسوله وأولي الأمر بطريقة لم توضح مستوى تلك الطاعة وحدودها، وقد يكون الأمر مقصوداً أن يأتي البيان على طاعة ولي الأمر بهذه الصورة المبهمة، الأمر الذي دفعني إلى الرجوع إلى الآيات القرآنية التي تتحدث عن الطاعة في القرآن الكريم، وقد وجدت أن القرآن تطرق إلى الطاعة في ثلاث آيات: الآية الأولى رقم "46" من سورة الأنفال التي تقول "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ".

والآية رقم "54" من سورة النور، التي تقول "قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ"، وفي كلتا الآيتين نفهم أن طاعة الرسول هي من طاعة الله ما دام الرسول حياً يرزق، ولكن بعد ذلك وبعد وفاته تعود الطاعة خالصة لله طاعة كاملة في كل تصرفات الإنسان، كما نلاحظ عدم ذكر طاعة أولي الأمر في هاتين الآيتين.

أما الآية الثالثة رقم "59" من سورة النساء فتقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً".

في هذه الآية نلاحظ أن الطاعة في المرتبة الأولى هي لله سبحانه، وهي طاعة كاملة كما ذكرت، وهي مقصورة أيضاً على الله سبحانه وتعالى وعلى الرسول، وما ترك من توجيهات وتعليمات.

وفي هذه الآية لم يرد أي ذكر لولي الأمر، والذي يفهم منه الحاكم، إنما ذكر أولياء الأمور، فكلمة أولي الأمر جمع ولي الأمر، وأولو الأمر يمكن أن يكونوا هم الآباء والإخوة من يتولون شؤون الآخرين، فالطاعة هنا مرتبطة بمدى إشراف المطاع وقربه من المطيع، أما المطاع فقد يكون حاكماً، وعندما نعود للآية "46" من سورة النساء والآية "54" من سورة النور نجد أنهما حصرتا الطاعة لله ورسوله، ولم تتطرقا إلى ولي الأمر أو الحاكم.

تاريخياً الحكام العرب وطوال التاريخ العربي كانوا يحكمون بالسيف وقطع الرقاب، يستثنى منهم الخلفاء الأربعة "أبوبكر وعمر وعثمان وعلي"، ومع ذلك فقد قتل عمر بن الخطاب وعلي غدراً، أما الخليفة عمر بن عبدالعزيز الذي حكم بالعدل هو الآخر فقتل بالسم، وبقية الحكام العرب منذ ذلك التاريخ كانوا يحكمون بالسيف وقطع الرقاب والتسلط في معظمهم.

الملاحظ أنه خلال ما يزيد على 1400 سنة من ظهور الدين الإسلامي لم يتيسر تطبيق تعاليم الدين الإسلامي، ولم يتمكن الحكام العرب المسلمون خلال هذه الفترة من تطبيق الدين الإسلامي ابتداءً من حكم بني أمية والعباسيين، وما تلا ذلك حتى يومنا هذا، مما يثبت بصورة قاطعة أن الدين الإسلامي لا يمكن أن يكون وسيلة للحكم إنما وسيلة للعبادة.

لقد حاولت الحركات الإسلامية ابتداء من "الإخوان المسلمين" و"انتهاء" بـ"حاشد" و"حدس" و"داعش" تطبيق الدين الإسلامي في الحكم، فاتسمت كل تلك التطبيقات بالعنف والقتل وإهدار حرية الناس وأموالهم، بما فيهم حركة الإخوان المسلمين، فما تفعله في مصر في هذه الأيام دليل قاطع على أن فهمها وفهم الحركات الأخرى للدين الإسلامي غير صحيح، وأن الدين الإسلامي قد لا يصلح كوسيلة للحكم إنما هو دين للعبادة، وتاريخ الـ1400 سنة واضح لا يحتاج إلى إيضاح.

back to top