أفغانستان... أهي تجربة عقيمة ودون جدوى؟

نشر في 16-01-2014
آخر تحديث 16-01-2014 | 00:01
في الأسبوع الماضي أبلغت لجنة حقوق الإنسان في أفغانستان عن حدوث زيادة نسبتها 25 في المئة في حالات العنف ضد النساء بين شهري مارس وسبتمبر وسط ظروف تقترب كثيراً من تلك التي شهدناها في سنوات حركة «طالبان».
 غلوب أند ميل هذه هي السنة التي سوف نعلم فيها ما إذا كانت تجربتنا الطويلة في أفغانستان حققت أي هدف على الإطلاق.

في شهر مارس المقبل سوف تنهي كندا مهمتها التدريبية، وستسحب كل قواتها ما عدا 100 جندي فقط، وذلك قبل وقت قصير من تسليم القوات الدولية مسؤولية أمن البلاد إلى الجيش الوطني الأفغاني، وبالنسبة إلى الـ47 دولة وآلاف الجنود الذين عملوا هناك كان جهداً هائلاً كلف حوالي 3500 قتيل.

ولذلك يستحق أن نطرح السؤال: ماذا فعلنا في أفغانستان؟

نحن طردنا تنظيم "القاعدة"، وقد تم إنجاز هذا الهدف الأساسي القانوني للحرب التي فوضتها الأمم المتحدة قبل وقت طويل من سنة 2006، وانتقلت "القاعدة" إلى باكستان، ثم إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وعند تلك النقطة، بدأت حرب أفغانية أخرى: حرب اعتمدت بصورة نظرية على "مكافحة التمرد" تلك الفكرة التي تقول إن بناء بنى تحتية، ومؤسسات، وحياة أفضل للمواطن الأفغاني العادي سوف تبعده عن الولاء لحركة "طالبان". وكانت هذه الحملة التي تعضدت بقرار الرئيس أوباما بإضافة 30 ألف جندي في سنة 2009 ترمي إلى تحسين حياة النساء والأطفال وحكم القرى والأقاليم، وتفضي إلى استقرار دائم في البلاد، وعلى الرغم من ذلك فقد تزامنت مع زيادة دراماتيكية في الغارات الجوية، وفي الأيام الأخيرة شهدنا إشارات إلى أن هذه الحرب الثانية لم تنجح.

أعلنت الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي أرقاماً تظهر أن حالات حادة من سوء التغذية قد ازدادت بنسبة 50 في المئة أو أكثر منذ سنة 2012، وذكر رئيس جناح سوء التغذية في أحد أكبر المشافي في العاصمة الأفغانية كابول في تصريحات للصحافيين: "في سنة 2001 كان الوضع أكثر سوءاً، لكن هذه الحالة هي أسوأ ما رأيت منذ ذلك الوقت". في الأسبوع الماضي أيضاً أبلغت لجنة حقوق الإنسان في أفغانستان عن حدوث زيادة نسبتها 25 في المئة في حالات العنف ضد النساء بين شهري مارس وسبتمبر وسط ظروف تقترب كثيراً من تلك التي شهدناها في سنوات حركة "طالبان".

ويواكب هذا الاتجاه ثقافة الحصانة من العقاب مع مغادرة القوات الدولية وعمال المساعدة، بحسب ما قالته رئيسة اللجنة سيما سمر في تصريحات أدلت بها لوكالة رويترز "أعطى وجود المجتمع الدولي وفرق إعادة البناء الإقليمية في معظم الأقاليم الناس شعوراً بالثقة... لكن ذلك لم يعد موجوداً لسوء الحظ"... حسب قولها. بكلمات أخرى، فإن الجنود وعمال المساعدة لم يتمكنوا من تحقيق تحسن فعال في فترة أبعد من وجودهم هناك.

وعلى السطح حدث تحسن ملموس في بعض المناطق: وفيات المواليد والمشاركة في الحكومة المحلية، ولكن توجد إشارات إلى أن تلك المكاسب لن تستمر بعد مغادرة الجنود الذين حققوها.

وقد شهد الشهر الحالي إطلاق أفراد من وكالة الاستخبارات الوطنية الأميركية، التحليل السنوي الشامل للظروف السياسية والعسكرية التي استندت إلى  معلومات خبراء من كل الوكالات الاستخباراتية الأميركية الـ16.

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" فإن أي مكاسب لوحظت في أفغانستان منذ سنة 2006 "سوف تزول بحلول سنة 2017"، حتى مع بقاء بعض القوات الأميركية لأن "طالبان وغيرها من الوسطاء سوف يصبحون أكثر تأثيراً مع إنهاء الولايات المتحدة لأطول حرب في التاريخ". وتقول إن أفغانستان قد "تنجرف نحو الفوضى بسرعة إذا لم توقع واشنطن وكابول حلفاً أمنياً يبقي قوة عسكرية هناك بعد سنة 2014"، وهو احتمال يبدو غير مؤكد بصورة متزايدة.

طوال العديد من السنين ضلل أنصار الحرب المتواصلة الرأي العام من خلال مزاعم مضخمة، وفي سنة 2011 تباهى القادة العسكريون بأن متوسط الحياة في أفغانستان تحسن بنحو 20 سنة خلال العقد الماضي. وفي حقيقة الأمر فإن أرقام وكالة الاستخبارات المركزية تظهر أن المعدل هبط من 46.2 سنة في 2001 إلى 45 سنة في 2011. وقد ارتفع متوسط العمر بشكل ما في السنوات الثلاث التالية- ولكن، كما لاحظ بعض المراقبين، ليس أكثر بكثير من مستويات أسوأ سنوات حركة "طالبان".

وفي ما يتعلق بالتنمية البشرية، ارتفعت أفغانستان فوق الأرقام البغيضة لسنوات "طالبان" خلال حملة 2001– 2002 ثم كادت ألا تتزحزح أو تتغير. ومن الوجهة السياسية يبدو أن المستقبل القريب للبلاد سوف يشمل حركة "طالبان" مع كل ما ينطوي على ذلك من تبعات. وأظهر استطلاع حديث واسع النطاق أن الأفغان يفضلون "طالبان" بصورة كبيرة على قوات حلف شمال الأطلسي وحكومتهم المختارة.

وفي تحليل جديد كتبه رئيس سابق لوكالة المخابرات المركزية في أفغانستان ووزارة الدفاع قال إن "مثل هؤلاء القادة الأفغان في المرحلة بعد الانتقالية من المرجح أن يعرضوا الشعب الأفغاني لقسوة واضطهاد يماثلان مستويات ما قبل 2001... وإذا حدث ذلك فإن الولايات المتحدة والدول الحليفة يمكنها اعتبار الـ12 سنة الأخيرة على أنها فشل مكلف".

ويتعين أن تكون تلك نقطة البداية بالنسبة الى مراجعة الذات: هل فشلت هذه التجارب الضخمة في جعل الأمور تسير إلى الأفضل بالنسبة إلى أفغانستان، أم أنها في واقع الحال جعلتها أكثر سوءاً؟

Doug Saunders

back to top