حارب الخرف بألعاب الفيديو!

نشر في 11-05-2013 | 00:01
آخر تحديث 11-05-2013 | 00:01
يقول الباحثون في جامعة آيوا إن ألعاب الفيديو التي تتحدى سرعة التشغيل العقلي ومهاراته يمكن أن تمنع التدهور العقلي بمعدل سبع سنوات. اختبرت الدراسة وضع المسنين الذين يلعبون لعبة اسمها «جولة الطريق» (Road Tour).
قد تبرز طريقة كي يتجنب المسنون شيخوخة العقل الطبيعية وقد تقتصر تلك الطريقة على لعبة فيديو.

إنها النتيجة التي توصلت إليها دراسة في جامعة آيوا، فقد لاحظت تأخر التدهور العقلي بمعدل يصل إلى سبع سنوات في ما يخص مجموعة من المهارات المعرفية إذا لعب الأشخاص في عمر الخمسين وما فوق لعبة تحرّك سرعة ومهارات التشغيل العقلي.

يقول فريدريك والينسكي، أستاذ في كلية الصحة العامة في جامعة آيوا ورئيس الدراسة التي نُشرت في 1 مايو الجاري في مجلة «بلوس وان»: «نعلم أننا نستطيع وقف هذا التدهور وتجديد سرعة التشغيل المعرفي عند الناس. إذا كنا نعلم ذلك، ألا يجب أن نساعد الناس؟ إنه أمر سهل نسبياً، ويمكن أن يحصل كل شخص على لعبة التدريب ويلعبها».

ظهرت الدراسة وسط سيل من أبحاث تحلل السبب الذي يجعل العقل، مع التقدم في السن، يخسر «الوظيفة التنفيذية» التي تُعتبر عموماً وسيلة للتحكم بالنشاطات العقلية الأساسية مثل الذاكرة والانتباه والإدراك وحل المشاكل. تشير الدراسات إلى تراجع الوظيفة التنفيذية حين يبلغ الناس منتصف عمرهم. لكن تذكر دراسات أخرى أن التدهور المعرفي يبدأ في عمر الثامنة والعشرين. في مطلق الأحوال، تتراجع قدراتنا العقلية فعلاً ويحرص خبراء الطب والصحة العامة على فهم سبب حدوث ذلك لأجل كبح تلك الظاهرة الحتمية قدر الإمكان.

كلمات متقاطعة

وزّع والينسكي وزملاؤه 681 مريضاً سليماً من الناحية الطبية في آيوا بين أربع مجموعات، ثم فصلوا كل مجموعة إلى فئة ما بين الخمسين والرابعة والستين عاماً وفئة ما فوق الخامسة والستين. عُرض على إحدى المجموعات كلمات متقاطعة محوسبة بينما حصلت المجموعات الثلاث الأخرى على لعبة فيديو اسمها «جولة الطريق» (تغير اسمها منذ ذلك الحين وأصبح «القرار المزدوج» (Double Decision) وتسوّقها شركة «بوسيت ساينس كورب». باختصار، يتمحور التمرين حول تحديد نوع مركبة (تظهر بسرعة على لوحة معدنية) ثم إعادة تحديد نوع المركبة ومطابقتها مع لافتة طريق تُعرَض ضمن مجموعة دائرية من الاحتمالات التي تشمل رموزاً خاطئة ورمزاً واحداً صحيحاً. يجب أن ينجح اللاعب على الأقل في ثلاث محاولات من أصل أربعة للارتقاء إلى المستوى التالي، ما يسرّع عملية تحديد المركبة ويضيف مصادر إلهاء أخرى، وصولاً إلى المستوى 47.

الهدف طبعاً زيادة السرعة العقلية واليقظة عند المستخدم لتحديد رمز المركبة واختيار لافتة الطريق من مجموعة مصادر إلهاء (هي عبارة عن أرانب!).

يقول والينسكي الذي لا يكسب أي حصة مالية من اللعبة التي تحافظ على مرونة الدماغ: «تبدأ اللعبة بإجراء تقييم لتحديد سرعة التشغيل العقلي الراهن. بغض النظر عن مستواها، يمكن أن يساعدك التدريب على زيادة السرعة بنسبة 70% تقريباً».

تبين أن المجموعات التي تدربت على اللعبة طوال 10 ساعات على الأقل، سواء في المنزل أو في مختبر داخل الجامعة، كسبت أو حافظت على تقدم معرفي طوال ثلاث سنوات على الأقل عند خضوعها للاختبار بعد سنة وفق صيغة طورها الباحثون. حققت مجموعة تدربت على اللعبة لأربع ساعات إضافية نتائج أفضل، فتحسنت قدراتها المعرفية بأربع سنوات بحسب الدراسة.

يوضح والينسكي: «نحن لم نمنع تدهور العقل فحسب بل سرّعنا أداءه أيضاً».

يُعتبر تحسين سرعة التشغيل العقلي عند الناس عاملاً مهماً لمجموعة من الأسباب. تتعلق المنفعة المتعارَف عليها بتوسيع مجال الرؤية عند الناس. يوضح والينسكي: «مع التقدم في السن، ينهار مجال الرؤية. يصبح البصر أشبه بالرؤية في النفق. إنها ظاهرة طبيعية مع التقدم في السن. هذا ما يفسر سبب وقوع معظم الحوادث على تقاطع الطرق لأن الأكبر سناً ينظرون أمامهم بشكل مستقيم ولا يدركون ما يحصل على جوانب الطريق».

أدركت «معاهد الصحة الوطنية» هذا الأمر فأمرت في أواخر التسعينيات بإجراء أكبر دراسة عن التدريب المعرفي وقد حملت اسم ACTIVE. أظهرت تلك التجربة الوطنية والمتعددة المواقع التي شارك فيها والينسكي أن ذاكرة المسنين وحسّهم المنطقي وسرعة تجاوبهم البصري قد تتحسن بفضل بعض العمليات، ما يبطئ شيخوخة العقول. لكن بقيت حدود تلك الدراسة صغيرة: من بين تلك الحدود، لم تحصل الجماعة المرجعية على أي تدريب وكان الهدف الأساسي يقضي بتقييم الآثار على مجال الرؤية عند المسنين.

أضاف فريق والينسكي جماعة مرجعية ناشطة، وهي تلك التي تحلّ الكلمات المتقاطعة. وجد الباحثون أن الأشخاص الذين خاضوا لعبة «جولة الطريق» سجلوا بدورهم نتائج أفضل من مجموعة الكلمات المتقاطعة في الاختبارات التي تشمل وظيفة تنفيذية تتجاوز مجال الرؤية مثل التركيز والحنكة مع الانتقال من مهمة عقلية إلى أخرى، فضلاً عن سرعة تحليل المعلومات الجديدة. تراوح التقدم بين سنة ونصف السنة وسبع سنوات من التحسن المعرفي وفق نتائج الدراسة.

يقول والينسكي: «استعملوا هذه الطريقة وإلا ستواجهون مشكلة التدهور العقلي. ظاهرة التراجع المعرفي المرتبط بالسن حقيقية وهي تحدث طوال الوقت وتبدأ في مرحلة مبكرة ثم تستمر بوتيرة ثابتة. في هذا المجال، سجل التدريب الذي صمّمه علماء الأعصاب منافع ملحوظة تنعكس على الحياة اليومية».

back to top