حوار الطرشان: الحجم الطبيعي

نشر في 14-09-2013
آخر تحديث 14-09-2013 | 00:01
 فيصل الرسمان في غابة الخيال والواقع نادى "الأسد" في الحيوانات الخاضعة لجبروته، الراجية لحمايته، الذليلة لقوته، عن حاجته الملحة إلى حارس تكون مهمته مراقبة الصيد الذي يمر من أمام عرينه، بينما يكون مستغرقاً في نومه، على أن يكون المقابل نزراً يسيراً من فتات يرميه عليه من لحم الغنيمة.

وبعد وقت قصير من الإعلان مثُل "الثعلب" في حضرة ملك الغاب مبدياً استعداده التام للقيام بهذه المهمة التي لا يصلح لها غيره على حد زعم الأخير.

قال له الأسد أنت تعلم كما يعلم غيرك أنني أنام معظم ساعات النهار، الأمر الذي يحرمني في كثير من الأحيان مراقبة ما يمر من أمام عريني من الغنائم، لذا أود أن أوضح لك شرطاً يجعل قلبك يرقص بين حنايا ضلوعك، والشرط هو ألا توقظني من النوم إلا عندما ترى الغنيمة التي تليق بمقامي.

قال الثعلب ستجدني عبداً لا يعصى من أمر سيده شيء.

دخل الأسد إلى عرينه لينام بينما الثعلب يرقب باهتمام، وبينما هو كذلك وإذا بالأرانب تلاعب بعضها بعضاً بالقرب من المكان، أسرع الثعلب إلى الملك صارخاً الصيد الصيد يا ملك الغاب، فنهض الأسد وكأنه لم ينم قط، قائلاً بحزم أين الصيد؟

قال الثعلب بكثير من الزهو انظر يا سيدي للأرانب إنها تتلاعب أمامك، فضربه الأسد بأخمص يده ضربةً جعلت الارتجاج يستقر في جمجمته، قائلاً له في الوقت ذاته لا توقظني حتى ترى "قطيع الثيران"، رجع الأسد تاركاً حارسه يعاني الدوار الذي خلفه الارتجاج، جلس الأخير على الأرض واضعاً كلتا يديه على رأسه من شدة الألم، وفي هذه الأثناء تبين قطيع الثيران أمامه فهاله المنظر، فأخذ يزحف إلى سيده -لأنه مازال فاقداً للتوازن- صارخاً الصيد الصيد يا سيدي، نهض الملك وإذا بغنيمته التي يبحث عنها شاخصة أمامه، فوثب على أكبر الثيران فيها فأرداه قتيلاً، فأكل ورمى على حارسه ما رمى من قطع اللحم، وبعد أن استرد الثعلب بعضاً من عافيته بعد هذه الوجبة الغنية والشهية، قال لسيده لقد طرأت لي قاهرة اضطرتني إلى ترك العمل، لذا أستميحك العذر أن تأذن لي بالمغادرة، نصحه الأسد بالبقاء ولكن دون فائدة، فلما وجده مصراً أذن له.

ترك الثعلب وظيفته التي كان يقتات منها، ليبحث عن حارس تكون مهمته مراقبة الصيد الذي يمر أمام "جحره"، فوقع اختياره على "الفأر" -يبدو أن الارتجاج مازال مقيماً في رأسه- قائلاً له ستكون مهمتك أيها الفأر مراقبة الصيد، بشرط ألا توقظني من نومي إلا عندما ترى الغنيمة التي تليق بمقامي، قال الفأر ستجدني عبداً لا يعصى من أمر سيده شيء، ولكن بالمناسبة أخبرني أي نوع من الصيد تريد، قال الثعلب مثلي لا يليق به من الغنائم سوى "الثور"، فهز الفأر رأسه مستغرباً ومندهشاً من هذا المخبول الذي يحاول صيد الأسود، خلد الثعلب إلى جحره، بينما الفأر يرقب الحيوانات التي تمر من أمامه، وبعد برهة ليست بطويلة مر قطيع الثيران أمام الجحر فصاح الفأر يا سيدي الصيد الصيد، فنهض الثعلب قائلاً، نعم مثل تلك الغنيمة تليق بمقامي، أبشر أيها الفأر ستأكل من لحمها، فوثب الثعلب وثبة استقر بها على قرون أحد الثيران الضخمة، فأخذ جسمه يتدلى عليها بعد أن فارق الحياة.

خلاصة القول

ما أكثر الثعالب التي أعماها الغرور حتى خيل لها أنها بحجم الأسود، وما أكثر الأقزام الذين استعاروا أقداماً خشبية ستروها تحت ثيابهم لتكون قاماتهم مساوية لقامات من هم أطول منهم... والسلام.

back to top