إيران تحظى برئيس جديد... فهل ينجح في تبديل الأوضاع؟

نشر في 02-08-2013
آخر تحديث 02-08-2013 | 00:01
بينما يستعد روحاني لتسلم منصبه، فإن الأفضل التريث ومراقبة الصلاحيات التي ستُعطى له في المسألة النووية والرأسمال السياسي الذي يبدو مستعداً لاستثماره كي يفي بوعود حملته.
 سي إف آر سيتسلم الرئيس الإيراني السابع زمام السلطة في الرابع من أغسطس، لكن حسن روحاني سيشغل سدة الرئاسة في مرحلة تواجه فيها الجمهورية الإسلامية عزلة دولية واستياءً داخلياً يعتمل تحت الرماد، إذ سبق أن بدل هذا الرئيس المنتخب لهجة النظام، واعداً بالاعتدال ونظرة جديدة إلى مشاكل إيران الكثيرة.

نتيجة لذلك، قد تبدو الرغبة في التقرب من سياسي إيراني يتحدث بلغة الاعتدال والعملانية لا تقاوم، ولكن بينما يستعد روحاني لتسلم منصبه، فقد يكون من الأفضل التريث ومراقبة الصلاحيات التي ستُعطى له في المسألة النووية والرأسمال السياسي الذي يبدو مستعداً لاستثماره كي يفي بوعود حملته.

حنكة سياسية

يُعتبر روحاني من رجال النظام الأبرز منذ ولادة الجمهورية الإسلامية عام 1979، وتعكس قدرته على عبور مياه الثيوقراطية الغادرة بنجاح حنكة سياسية لا مثيل لها، فقد أمضى ولايته كسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي في حل الخلافات، وتقديم الخدمات، والتقرب من الشخصيات الوطنية.

تكمن المفارقة في أن المسائل النووية الإيرانية، التي ساهمت في انتخابه رئيساً أخيراً، كانت في الواقع سبباً في سقوطه قبل نحو عقد. ففي عام 2004، لام القائد الأعلى آية الله علي خامنئي بشدة روحاني، المفاوض النووي الإيراني، على تعليق الأمة طوعاً برنامجها النووي. نتيجة لذلك، نُحي روحاني من منصبه النافذ ذاك. ويبدو الكره بين هذين الرجلين واضحاً وقوياً، فقد أمضيا السنوات القليلة الماضية في انتقاد أحدهما الآخر بشكل مبطن. لكن تولي روحاني منصب الرئيس، مع أن فرص نجاحه كانت ضئيلة، لا يعفيه من مهمة طمأنة المجتمع الدولي الكثير الشكوك. فخلال عهد أوباما بأكمله، رفضت إيران كل الجهود الجدية للتحاور، وتخلفت عن وعودها بالتعاون، وانتقدت تدابير مجلس الأمن في الأمم المتحدة، معتبرة إياها غير شرعية وغير قانونية، وهذا إن تحدثنا عن المسألة النووية فحسب. فلا تزال الجمهورية الإسلامية داعماً عنيداً لحكومة الأسد في سورية، فضلاً عن عدد من المجموعات الإرهابية التي تتآمر ضد الأنظمة العربية الحالية.

ونظراً إلى سجلها الحافل بالتمرد والخداع، على طهران أن تبرهن صدق أهدافها.

الوفاء بالوعود

من الطرق المتوافرة لتحديد نطاق صلاحيات روحاني مطالبته بالوفاء بوعوده، فتدعي إيران باستمرار أن برنامجها النووي متأصل في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ولا هدف له غير إنتاج الطاقة. كذلك يسارع مسؤولو الحكومة إلى الإشارة إلى أن هذه المعاهدة تمنح كل دولها الأعضاء حق السعي إلى أهداف نووية سلمية، لكنهم يتناسون عمداً ذكر أن عدداً من قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية دان إيران، وأن هذه الوكالة تعبر عن عدم رضاها على التجاوب والتعاون الإيرانيين. إذن، تصر الجمهورية الإسلامية كعادتها على حقوقها، متجاهلة في الوقت عينه واجباتها.

يقع على كاهل روحاني عبء دحض كل ذلك، فخلال أول مؤتمر صحافي له بعد انتخابه، تناول روحاني المسألة النووية وشدّد على أن "إيران ستكون أكثر شفافية وستبرهن أن كل نشاطاتها لا تخرج عن إطار القواعد الدولية". ولكن طوال سنوات، رفضت إيران منح الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذناً بدخول منشآتها الأساسية والتحدث إلى كبار علمائها. كذلك أبت الاعتراف بأي نشاطات نووية عسكرية سابقة، ولكن في عهد الشفافية الجديد هذا، قد يعرب روحاني عن استعداده للتفاوض مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن خطط محددة ومنح المحققين الإذن الذي لطالما سعوا إليه بدون جدوى. وإن نجح روحاني في تخطي هذا الامتحان، يكن عندئذٍ الشخصية التي تستطيع القوى الكبرى على الأرجح دعمها.

الملف النووي

لا يُعتبر تاريخ روحاني بحد ذاته خالياً من الشوائب، فقد أقر هو بنفسه أنه استخدم الوقت خلال تعليق برنامج إيران النووي ليحقق تقدماً باستغلال غموض الاتفاق. وفي أكتوبر عام 2009، حين وافقت إيران في الظاهر على تدابير بناء الثقة بنقل جزء من اليورانيوم المخصب لتُعاد معالجته في الخارج، انضم روحاني إلى جوقة المسؤولين المنددين بهذه الخطوة.

ذكر روحاني آنذاك: "ما زلت لا أعلم سبب الخطأ الذي اقترفناه، وماهية هذا الخطأ، ولمَ طُرح هذا الاقتراح". كان روحاني بين المسؤولين الأوائل الذي دعوا إيران إلى رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20%، ما يقربها إلى إمكان تطوير سلاح نووي.

إنعاش الإقتصاد

أظهر روحاني جانبا حذرا ومتعاطفا بانتقاده المستمر للرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد. كذلك يبدو التزام الرئيس الجديد بإعادة تأهيل علاقات إيران الدولية المتوترة وإنعاش اقتصادها صادقا، ولكن نظراً إلى تاريخ الدولة التي يرأسها، من الضروري ألا يكتفي بالكلام ويأخذ خطوات ملموسة، ولا شك أن التوافق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يشكل خطوة أولى مهمة لقائد دعا كل القوى لاحترام كامل بنود المعاهدات الدولية.

راي تاكيه | Ray Takeyh

back to top