وجهة نظر: فقاعة تضخم أسعار العقار في الكويت!

نشر في 06-04-2013
آخر تحديث 06-04-2013 | 00:01
 د. عباس المجرن «المرض الهولندي»، مصطلح اقتصادي يشير الى الآثار السلبية التي تصيب اقتصاداً ما بسبب حصوله على كمية كبيرة من العملات الأجنبية، نظير قيامه بتصدير موارد أو ثروات طبيعية غنية مكتشفة حديثا مثل النفط أو الغاز الطبيعي.

ومن بين هذه الآثار السلبية تراجع قدرة الاقتصاد المحلي على تصدير السلع والخدمات وزيادة وارداته بسبب ارتفاع قيمة العملة الوطنية. كما أن من أعراضه تدهور معدلات الانتاج الحقيقي، وتزايد المضاربة في الأصول العقارية والمالية وغيرها من السلع المحلية التي لا تدخل في التجارة الدولية.

وقد أصيب الاقتصاد الكويتي، منذ بدء تدفق الثروة النفطية، ولايزال بأعراض هذا المرض، ولذا لا تجد المدخرات المحلية فرصا استثمارية حقيقية كثيرة أو مجزية مما يبقيها أسيرة عمليات المضاربة في الأصول العقارية والمالية حيث تواصل «الأموال الساخنة» المحلية انتقالها الدؤوب بين سوقي العقار والأسهم اللذين يشكل كل منهما البديل الطبيعي للآخر.      

وتشجع المضاربة في هذين السوقين على خلق فقاعات سعرية متبادلة بينهما لا تلبث الواحدة منهما أن تنفجر بكل ما يتبع ذلك من تداعيات سلبية على وحدات النشاط في هذين القطاعين وعلى جمهور المتداولين فيهما. وتتضافر عوامل عدة مع المضاربة الحادة في سوق العقار على حفز الارتفاع غير الطبيعي في معدلات أسعار العقارات المتداولة. ومن بين هذه العوامل نقص المعروض من الوحدات العقارية الملائمة عن الطلب بسبب محدودية الرقعة الحضرية المتاحة للاستغلال، وهيمنة الدولة على خدمات الرعاية السكنية التي تعجز عن توفير وحدات سكنية مناسبة للعدد المتزايد من مستحقي هذه الرعاية، والذي تجاوز عدد المنتظرين لها نحو 100 ألف أسرة، إضافة الى غياب السياسات والتشريعات القادرة على الحد من المضاربة والتشوهات في هذا السوق، وايجاد دور فعال وتنافسي صحي للقطاع الخاص لاسيما في جانب العرض منه.

3.4 مليارات دينار!

لقد تأخرت عملية اصلاح السوق العقاري في الكويت بكافة مكوناته (السكني والتجاري والاستثماري) كثيرا عن مواعيد استحقاقاتها، ولكن أن تبدأ متأخرا خير من أن لا تبدأ. وأمام متخذ القرار حزمة من المقترحات والتوصيات التي طرحت على مدى السنوات الماضية لمعالجة مشكلات هذا القطاع الحيوي والهام سواء لعموم المواطنين أو المستثمرين، وتمثل هذه المقترحات والتوصيات رؤى اتحاد ملاك العقارات الكويتية، ورؤى اتحاد سماسرة العقار، ورؤى مستقلة لشركات عقارية، ورؤى لممولي النشاط العقاري، وتوصيات مؤتمرات ودراسات متخصصة، كما تمثل رؤى ومطالبات من جانب عموم وحدات الطلب على العقار أفرادا ومؤسسات.

ولسنا بحاجة الى دراسات اضافية، فمن المؤكد من استعراض ما يدلي به المتخصصون في هذا القطاع، أن وحدات العرض تعاني عدم جاذبية ما تعرضه من عقارات، وأن وحدات الطلب تعاني وصول أسعار العقارات، بل وحتى ايجاراتها، الى مستويات تفوق قدرتها الشرائية، رغم ارتفاع هذه القدرة نسبيا في الكويت. ان ارتفاع قيمة تداولات السوق العقاري في عام 2012، الى نحو 3.4 مليارات دينار كويتي وهي أعلى قيمة بعد عام 2007، الذي اتسم بمضاربات استثنائية سبقت الأزمة المالية، وارتفاع معدلات أسعار العقارات الى مستويات قياسية، وارتفاع معدلات التمويل المقدم لقطاع العقار، ليس دليل تعافٍ، بل هو ظاهرة تضخمية مرضية، ولا يعدو أن يكون سوى عرض من أعراض المرض الهولندي، وهو بذلك يتطلب وقفة جادة للمعالجة، وليس التهليل له طربا كما فعل ويفعل بعض المستفيدين من هذا التضخم.

* (أستاذ الاقتصاد – جامعة الكويت)

back to top