العبدلله باق بيننا

نشر في 10-06-2013
آخر تحديث 10-06-2013 | 00:01
 سعود راشد العنزي في غياب سليمان الفهد تُطوى صفحة مشرقة للمبدع والمفكر والمحب لكل شيء يشير إلى التقدم والانفتاح، إنه غياب لمن كانت الثقافة همّه اليومي وزاده الذي لا يصبر على فراقه، ومن إذا غاب مسافراً بين العواصم التي يعشق يجد من الأصحاب ما لا يكفي الوقت مهما اتسع للقائهم، لكنّ أبا نواف يرضيهم جميعاً ويرضي من ترك من أصحابه في بلده.

 فهو يتنقل بين المكتبات أينما حلّ، وفي ذهنه مجموعة من الكتب التي قرر شراءها لأنه يعرف لمن سيوزعها عند عودته، وفي كثير من الأحيان يخصّك باتصال فيه سؤال محدد: هل لديك الكتاب الفلاني؟ أو هل قرأت لفلان؟ ثم ما تلبث بعد فترة إلا وكيس عامر بالكتب الورقية أو المسجلة صوتياً والأغاني الشعبية ينتظرك في بيتك.

قلبه اتسع لعدد غير محدود من الأصدقاء والأحبة، ولم يغفل عن أحد منهم فترة طويلة رغم توعكه مرات عديدة، فكان يحرص على السؤال علينا عندما يفترض فينا نحن أن نسأل عنه.

أتذكر جيداً سعيه الحثيث إلى تعلم استخدام الكمبيوتر رغم شعور من كانوا في سنه باستحالة ذلك، وتعلم بالفعل حتى بات "يزعب" من معلومات "عمنا" غوغل كما كان يسميه، وتعلّم كيفية استثمار الهواتف الذكية ليبقى على تواصل مع أحبته أينما كان.

عندما زرت القدس قبل شهر ونيف، وعلى مدخل بيت المقدس، وإذا برجل شبيه به بشكل يصعب تصديقه، وتصوّرت مع الرجل قائلاً له إن السبب يعود إلى الشبه بينه وبين صديق عزيز، وأرسلت الصورة إلى أبي نواف فكان رده: "شلون وصّلتني القدس؟". وبعد يومين وإذا به يرسل صورته الأكثر قرباً من صورة ذلك الرجل على الهاتف.

عرفت العبدلله في مراحل عديدة من حياتي وحياته، لكن أكثرها قرباً كانت فترة العمل على ملف الأسرى والمفقودين سواء في الجمعية الكويتية للدفاع عن ضحايا الحرب، أو رابطة أهالي الأسرى، أو الهيئة الشعبية للتضامن مع الأسرى والمفقودين.

 ولم يكتف أبو نواف بوجوده وعمله شبه اليومي، بل تبرع بمكتب لجمعية ضحايا الحرب بعد أن صادرت الحكومة مدرسة أزدة بنت الحارث في ميدان حولي التي كانت مقراً للجمعية والرابطة والهيئة.

عزاؤنا في ما أبقاه لنا العبدلله من مخزون فكري وأدبي، وفي ذكراه العطرة في قلوب محبيه، وفي أسرته الرائعة التي ندعو لها بالصبر والسلوان، فمثل أبي نواف لا يذهب إلا جسداً بينما تبقى أعماله خالدة.

back to top