وجهة نظر: لا لتعديل قانون الـ «بي أو تي»!

نشر في 20-04-2013
آخر تحديث 20-04-2013 | 00:01
 د. عباس المجرن الحلقة النقاشية التي نظمها اتحاد المصارف بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي يوم الاثنين الماضي بعنوان "رؤية تنموية وتشريعية لنظام بي او تي BOT" تناولت موضوعاً شديد الأهمية للاقتصاد الوطني، وأتت في توقيت مناسب، اذ تزامنت مع المحاولات التشريعية الجارية للتخلص من تبعات القانون رقم 7 لسنة 2008 بشأن عمليات البناء والتشغيل والتحويل (بي أو تي).

لقد أثمرت تجربة الكويت مع مشروعات نظام الـ"بي أو تي" في الفترة ما بين عامي 1994 و2006 نحو 100 مشروع، تطلب عدداً لا بأس به منها استثمارات وقدرات تمويلية كبيرة نسبياً، وكانت تجربة ناجحة بشتى المقاييس، على الرغم من الملاحظات السلبية والمخالفات الإدارية والمالية التي أوردها تقرير ديوان المحاسبة في العام 2006 في بعض هذه المشروعات. ومن يرجع إلى ذلك التقرير سيجد أن ضعف الرقابة الحكومية على تنفيذ المشروعات كان سببا رئيسيا وراء تلك المخالفات.

لقد عطل القانون رقم 7 لسنة 2008 فرص حصول المستثمر على أراضي الدولة اللازمة لتنفيذ المشروعات، وقضى على مبدأ تحفيز وتشجيع المبادرة، وكرس سياسة تطويل دورة ترخيص المشاريع سواء من حيث الدراسة أو إجراءات اللجنة العليا أو اللجنة الفنية أو تقييم الأرض أو حق الانتفاع بغية تحديد آلية طرح المشروع أو الشكل القانوني للشركة. كما ذهب هذا القانون، سيئ الذكر، إلى حد الغلو في حماية أراضي الدولة على نحو ضاعف من معدل مخاطرة الاستثمار في مشاريع الـ "بي أو تي".

وكان من بين ما اشترطه القانون 7 لسنة 2008، عدم تجديد العقد بعد انقضاء 25 عاما، مما يضطر المستثمر إلى خفض النفقات الاستثمارية، أو فرض رسوم عالية على خدمات المشروع والإضرار بمصلحة المستهلك والدولة في نهاية المطاف.

قانون جديد في روحه وأهدافه

ليس من الحصافة أن نفكر في تعديل بعض مواد هذا القانون الذي قال عنه وزير المالية أنه "مليء بالعصي وليس به من جزر"، والذي أثبت على مدى 5 سنوات فشله الذريع في توفير البيئة التشريعية المناسبة للاستثمار، بل ينبغي التخلص منه كلية، واستبداله بقانون عصري جديد يختلف عنه في روحه وأهدافه ونصوصه.

وهذا ما دعوت إليه في مداخلتي في الحلقة النقاشية المشار اليها أعلاه، ومع التقدير لكل الآراء والأفكار والاجتهادات التي عرضها الأخوة المشاركون في الحلقة، إلا أني أذهب الى تفضيل عدم تقييد المدى الزمني لحق الانتفاع بمشروعات الـ"بي أو تي"، وترك سقفه مفتوحا الى مدى 99 سنة، كما هو معمول به في عدد من البلدان المتقدمة، بل وكما طبق على مشروعات في قلب العاصمة السعودية الرياض.

المفاضلة بين المشروعات

كما أقترح عدم تحديد ذات المدة الزمنية للانتفاع لكل المشاريع، بل المفاضلة بينها وفق طبيعة المشروع، بحيث تستأثر المشاريع التنموية الحيوية الهامة مثل الجامعات والمستشفيات وغيرها بمدد انتفاع أطول مما تحصل عليه مشاريع أخرى أقل أهمية، وأن يحصل المبادر على حصة في المشروع تتناسب ودرجة الابتكار والجهد المبذول في تطوير المبادرة، وليس كما ذهب القانون الحالي في حصر هذه الحصة بنسبة 10 في المئة فحسب!

وأذهب الى أن القانون الجديد ينبغي أن ينظر الى مشروعات الـ"بي أو تي" بوصفها مشروعات تنموية ذات آثار ومنافع اقتصادية واجتماعية عامة، ومن ثم ينبغي أن تحظى بكافة التسهيلات والضمانات التي تحظى بها مشاريع القطاع العام. كما أرى أن ينص القانون على حق المستثمر في تجديد الانتفاع بعد انقضاء مدته في حال أثبت كفاءة عالية في ادارة وتشغيل المشروع وتوفير خدماته بأسعار مناسبة.

*أستاذ الاقتصاد – جامعة الكويت

back to top