الشيخ صبحي الطفيلي صوت حر ورؤية نافذة

نشر في 09-03-2013
آخر تحديث 09-03-2013 | 00:01
 يحيى علامو في زحمة الأحداث المؤلمة وانتشار الفتن الكبيرة تخفت الأصوات الحرّة وينطفئ بريقها، وقليلة التي تظهر وتصدح بالحق وترى الأمور بمنظاري العقل والحكمة بعيداً عن الأهواء والإغواء والخشية من المؤثرات الخارجية، وإن كانت عقائدية التوجه.

 وفي المقال السابق عن الثورة "الإيرانية واستنفاد الصلاحية" تناولنا فيه خطورة المراجع الدينية الخارجية على بعض المكونات الوطنية نتيجة الارتباط بها على حساب المصلحة الوطنية العليا، مما جعل منها خاصرة رخوة في الجسد الوطني تهدد أمنه واستقراره، وهذه الرؤية لا تعني بالضرورة عدم وجود أصوات حرّة تحارب هذا الخلل البنيوي مهما كانت مبرراته الدينية لأن العبث بأمن الأوطان هو عبث بالحياة ومستقبل الأجيال، وخاصة عندما تحمل هذه المرجعيات مشاريع "فتنوية" تهدد كيان الدول فيصبح التصدي لها ضرورة وطنية.

الشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني واحد من الأصوات الشيعية الحرّة، والذي ما انفك يصدح بآرائه الجريئة عن خطورة ارتباط مشروع المقاومة بأجندات خارجية لا تخدم أهدافه الوطنية، وفي خضم الأحداث التي تشهدها لبنان وسورية والمنطقة عموما أطل علينا "فضيلة الشيخ" عبر شاشة "إم تي في" اللبنانية ليتحفنا بحوار شيق واضعاً فيه النقاط على الحروف ومصوباً باتجاه الجروح النازفة التي إن لم تضمد فستفتك بالجسد كله، وتناول بحديثه أولاً الثورة السورية مبيناً أنها حالة صراع بين حاكم ظالم وشعب مقهور مستشهدا بما عاناه اللبنانيون من ظلم هذا النظام إبان وجوده في لبنان بقوله "نحن أكثر الناس نعرفه"، ومعقباً على قول حسن نصرالله بأن تدخله في سورية كان بهدف حماية الشيعة فيها فأجابه الشيخ "اترك الشيعة في سورية بحالهم فهم أدرى بوطنهم منك، والثورة كفيلة بحمايتهم ولكن تدخلك قد أضر بهم وبشيعة لبنان، وقتلك للسوريين سيورط الطائفة وسنتلقى فيما بعد القذائف التي ترسلها لهم"، متهماً إياه بخدمة إسرائيل بمجرد دخوله إلى سورية لمناصرة النظام هناك.

أما عن المقاومة التي لم تعد كذلك لأنها انحرفت عن مشروعها، معتبراً أن جبهة الجنوب لم تعد قائمة، والسلاح لم يعد مقدساً لأنه بات موجهاً إلى صدور السوريين المسلمين، وتساءل أي شهادة يطلبها المقاتل من حزب الله وهو يقتل الأطفال ويدمر البيوت، أليس هؤلاء مسلمين؟ ويضيف وأي مظلومية نرفعها ونحن نمارس الظلم بأبشع صوره على إخوتنا السوريين الذين وقفوا معنا بالمحن، مؤكداً أن إسرائيل فرحة بما يحدث، وهي حريصة على استمرار هذه الحالة لتدمير المقاومة.. محملاً إيران والنظام السوري مسؤولية الدم في سورية.

أما عن أميركا فهي حسب رأيه ضالعة في الدم السوري أيضا لأنها لا تريد الحسم، بل طلبت من حلفائها التريث بالموضوع السوري، وهي بالطبع لا تريد إسقاط النظام حتى يتم التدمير شبه الكلي لسورية، وإشاراتها غير المشجعة للمعارضة السورية تهدف من ورائها إلى إكمال هذا التدمير.

 هذه بالإجمال خلاصة ما صرح به وما عناه هذا الشيخ الجليل في أخطر محنة تمر بها المنطقة، وقد تأكل الأخضر واليابس فيها إن طال أمدها.

لا ننكر أن رئيس الحزب حسن نصرالله قد فهم واستوعب فلسفة العدو الصهيوني وآلية تفكيره، واستطاع مقارعته وتسجيل النقاط عليه، ولكن غابت عنه فلسفة الشعب السوري وفهم مرتكزات ثقافته رغم قربه الشديد منه.

ولهذا انجرف وبإصرار منه على مساندة "حاكم ظالم" ظناً منه أنه ركيزة مشروع المقاومة ناسياً أن الشعب هو الطاقة والمصدر، وهو الرصيد الفعلي بل الحاضن الرؤوم لأي مشروع مقاوم، مما أوقعه في أخطاء قاتلة، ليكتب بيده النهاية غير السعيدة والمؤلمة لمشروع ظنناه يوما أنه "مقاومة"، فحصد الفشل الوطني والأخلاقي ناهيك عن الانكشاف القومي حتى بات ترميم المشروع صعباً جداً إن لم يكن مستحيلا لعدم توافر مبرر الاستمرار.

back to top