«من لا يقرأ التاريخ لا يتعلم الأخطاء» (2-2)

نشر في 23-02-2013
آخر تحديث 23-02-2013 | 00:01
 د. وليد خالد الفلاح مما لا شك فيه أن الموديل البريطاني لتقديم الرعاية الطبية، الممول من الضرائب ويدار من الحكومة المركزية، يختلف كثيرا عن أنظمة صحية أخرى تم تطبيقها في دول مختلفة بعد الحرب. حق الاستفادة من الخدمات المقدمة لكل أفراد الشعب هو خطوة إيجابية مهمة جدا وكذلك إزالة مأساة "الخوف من المرض" أمر لا يمكن الاستهانة به، وهذه النقاط المهمة جعلت النظام الجيد يحظى بشعبية واسعة وقبول كبير مما جعل السياسيين حريصين على المحافظة على النظام وعدم تغييره بشكل جذري، ولكن الاعتماد على تمويل النظام من الضرائب جعل الخدمات الصحية قضية سياسية حساسة بشكل أكثر من دول أخرى تطبق نظام التأمين الصحي. ولذلك كانت المحاولات الحثيثة من قبل حكومات متعاقبة لإعادة هيكلة الخدمات أو وضع مؤشرات قياسية مركزية لتقييم أداء المؤسسات الطبية الوطنية المختلفة، حيث إن التكلفة المالية للنظام تتزايد بشكل كبير.

منذ البداية كانت هناك عيوب في النظام الجديد وأهم هذه العيوب هو ما يسمى "النقص الديمقراطي"، حيث إن القرارات تأتي من الحكومة المركزية وليست من الحكومات المحلية، وكذلك الهدف الأساسي للنظام هو "التعامل مع المرض" وليس المحافظة على الصحة. على مر السنين كانت هناك محاولات جادة من الحزب الحاكم لتطوير النظام وآخرها مشروع قانون الرعاية الصحية والاجتماعية لسنة ٢٠١١ الذي قدمته حكومة السيد ديفيد كاميرون للبرلمان، حيث إن القانون الحالي المعمول به هو قانون الخدمات الصحية الوطنية لسنة ٢٠٠٦.

 ومن أهم المحاولات السابقة كان المشروع الطموح في عام ٢٠٠٢ من حكومة رئيس الوزراء الأسبق السيد توني بلير لوضع نظام وطني وشامل لتكنولوجيا المعلومات في الخدمات الصحية البريطانية. هذا المشروع الطموح بلغت تكلفته المالية ١١.٤ مليار جنيه إسترليني لكنّ تقريرا حديثا للجنة برلمانية من أحزاب مختلفة تم تكليفها بدراسة المشروع وتقييمه أفادت بأن المشروع يفوق قدرة وزارة الصحة البريطانية على تنفيذه، كما أن نظام تكنولوجيا المعلومات المزمع تطبيقه كان القرار فيه من الوزارة وليس من الجهات الصحية المحلية التي هي أدرى باحتياجاتها. التوجه الجديد هو إلغاء المشروع السابق الذي يعتمد على "نظام واحد يناسب الجميع" واستبداله بمشروع جديد يعتمد على إعطاء القرار للجهات والمؤسسات الصحية المحلية لاختيار النظام التكنولوجي الذي يتناسب مع احتياجاتها، ويساهم في تقديم خدمات صحية حديثة. الخدمات الصحية بطبيعتها سريعة التغير ولدينا تجارب عديدة ودروس قيمة من دول متقدمة يمكننا الاستفادة منها في تطوير منظومة الخدمات الصحية في دولة الكويت.

back to top