الاستفادة من تجارب الآخرين!

نشر في 02-02-2013
آخر تحديث 02-02-2013 | 00:01
 د. وليد خالد الفلاح تشير أحدث دراسة علمية نشرت حديثاً في مجلة "أمراض الأطفال" في بريطانيا إلى أن منع التدخين يقلل من نسبة دخول الأطفال المصابين بمرض الربو إلى المستشفيات، حيث تبين أن نسبة الأطفال المصابين بمرض الربو الذين يحتاجون إلى دخول المستشفى لتعرضهم لنوبة حادة من المرض قد هبطت بشكل كبير منذ تطبيق قانون حظر التدخين في الأماكن العامة، وتخصيص مواقع خالية من التدخين في إنكلترا. وأفادت الدراسة بأن نسبة دخول هؤلاء الأطفال إلى المستشفيات قد نقصت ١٢ في المئة، بعد أول سنة من تطبيق قانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة، كما تبين أن هناك نسبة متزايدة من الأهالي تحرص على بقاء بيوتها خالية من التدخين.

قام الباحثون من كلية "الإمبيريال" في لندن بدراسة البيانات المعتمدة من وزارة الصحة البريطانية منذ شهر أبريل عام ٢٠٠٢، حيث تبين لهم أن نسبة دخول الأطفال المصابين بمرض الربو إلى المستشفيات كانت تزداد ٢ في المئة كل عام قبل تطبيق قانون منع التدخين في عام ٢٠٠٧. وبعد تطبيق القانون مدة عام واحد نقصت هذه النسبة ١٢ في المئة وتبعها نقص بنسبة ٣ في المئة كل عام في العامين التاليين. ويقدر هذا النقص في الأعوام الثلاثة بعدد ٦٨٠٠ حالة كانت سابقاً تحتاج إلى دخول المستشفيات.

قبل تطبيق قانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة كانت هناك مخاوف من بعض الخبراء أن هذا القانون سيؤدي إلى زيادة أعداد المدخنين داخل البيوت، لكن الدراسة أثبتت أن الأغلبية من الأهالي تحرص على إبقاء بيوتها خالية من التدخين، لإدراكها خطورة الآثار الضارة لما يسمى "التدخين السلبي" على صحة الأطفال وغير المدخنين.

هذه الدراسة تؤكد نتائج دراسات سابقة أجريت في أميركا الشمالية واسكوتلندا، وكشفت أيضاً تدنياً لنسبة الأطفال المصابين بمرض الربو الذين يحتاجون إلى دخول المستشفى، لتعرضهم لنوبة حادة من المرض. وقد رحبت جمعية الربو الخيرية في المملكة المتحدة بنتائج هذه الدراسة ودعت إلى بذل المزيد من الجهود الحثيثة لإقناع اليافعين والشباب بعدم التدخين لمخاطره المعروفة على صحتهم، كما وجهت الجمعية دعوتها المتكررة إلى الحكومة البريطانية لتبني مقترح الجمعية لبيع السجائر في علب خالية من اسم الشركة المنتجة وماركة السجائر المباعة.

روى لي أخيراً أحد الزملاء الأطباء المتخصصين في الأمراض التنفسية أن نسبة الإصابة بمرض الربو بين الأطفال في دولة الكويت تزداد، وأن نسبة النوبات الحادة من هذا المرض التي تستدعي دخول الطفل المستشفى لتلقي العلاج المناسب أيضاً في ازدياد.

ومن هذا المنطلق أصبح لزاماً أن تحذو دولة الكويت حذو الدول المتقدمة في التعامل الجاد والحازم لمكافحة التدخين، حيث إن أخطاره على الصحة أصبحت معروفة للجميع. إن الدول المتطورة هي تلك الدول التي تسعى دائماً إلى الاستفادة من تجارب الآخرين، ولديها القدرة على التنفيذ. وهناك دول أخرى تعيش كأنها في عزلة عما يدور من حولها في بقية الدول وتمر عليها السنون والأحداث وهي على ما كانت عليه في السابق، ولا تملك إلا ترديد الشعارات وتكرار العبارات. هذه الدول هي سجينة الماضي ولا تتفاعل مع الحاضر وتستفيد من دروسه للتخطيط السليم للمستقبل... إنها بحق دول تعيش خارج دائرة الزمان!

back to top