أيقونة التمرد 4 : تحية كاريوكا... آخر العنقود

نشر في 23-07-2012
آخر تحديث 23-07-2012 | 00:01
مرت لحظات من الصمت لم تنطق فيها بديعة مصابني بكلمة واحدة. تنظر إلى بدوية، ثم تحول نظرها إلى إيزاك ديكسون مدرب الرقص، وأخيراً نطقت، فابتلعت بدوية ريقها:

= أنا ماكنتش أعرف إنك هايلة أوي كدا يا بدوية.

* أنا بتعلم منك يا ملكة.

= وكمان بتعرفي تتكلمي كويس أوي... إلا صحيح أنت اسمك بدوية إيه؟

* بدوية محمد كريم.

= هو اسم بدوية حلو... بس مش اسم يليق على أرتيست. عايزين نختارلك اسم كدا يليق بك والناس تحفظه بسرعة.

دخل أحد المطربين الشباب الذين يعملون في «صالة بديعة» وألقى بالتحية على بديعة مصابني:

- السلام والتحية على صاحبة الطلعة البهية ملكة الاستعراض في الشرق.

= أهلا يا حبيبي... شرفت يا نور العين.

- أنا قلت أمسي قبل ما أطلع على المسرح علشان تبقى ليلة نجف.

= اتفضل يا حبيبي... اتفضل.

نظرت بديعة إلى تحية وابتسمت:

= والله اسم حلو.

* اسم أيه؟

= أيه رأيك في اسم «تحية»؟

* حلو... بس مين تحية؟

= إنتِ... إنتِ من النهاردة هيبقى اسمك تحية... تحية محمد كريم.

لم تكتف بديعة بضم بدوية إلى فرقتها، ووضعها في برنامج التياترو جنباً إلى جنب مع كبار الفنانين لديها فيه، ومنحها اسماً فنياً جديداً لتعرف به في الوسط الفني وبين الجمهور، بل اهتمت بها كما أوصتها سعاد محاسن وربما أكثر.

على رغم أن «تياترو» بديعة يعج بالراقصات اللاتي سبقن تحية الى العمل فيه، إلا أن اسم تحية محمد بات يأتي مباشرة بعد الراقصة الأولى حكمت فهمي. لم تكن برامج تياترو بديعة مقتصرة على الراقصات بل كانت الفقرات فيه متنوعة. اسمها يكتب منفرداً قبل الجميع، ثم أسماء العاملين لديها في التياترو. كان الأخير يجمع أكبر عدد من الفنانين، بين الرقص والغناء وفن المونولوغ، لكلٍ جمهور خاص يتابعه ويحبه. فكما كانت تحية محمد في المرتبة الثانية بعد حكمت فهمي، كان إسماعيل ياسين ومحمود شكوكو في المرتبة الثانية بعد المونولوجيست سيد سليمان. وكانت المونولوجات تنتقد الأوضاع الاجتماعية، وبعضها وطني يسخر من الأوضاع القائمة ويطالب بالإصلاح، في ظلّ تدهور الأحوال الاقتصادية والسياسية، وهيمنة الإنكليز على مقدرات البلد.

صداقة حكمت فهمي

لم يكن وجود تحية كراقصة يثير غيرة حكمت فهمي أو حقدها، فقد استطاعت أن تصنع لنفسها وجوداً مهمًا كراقصة. جمعت حولها شخصيات مهمة عدة من السياسيين ورجال المال. ثمة من يداوم على الحضور في «كازينو بديعة» يومياً، ما جعلها لا تخشى منافسة راقصة شابة جديدة انضمت إلى فرقتها، بل هي من سعت إلى التعرف إليها:

= ونجمتنا الجديدة بقى اسمها إيه؟

* اسمي بدو... اسمي تحية... تحية محمد كريم.

= اسمك حلو زيك يا تحية... أنت من هنا من مصر.

* لا أنا من الإسماعيلية... وأمي من المطرية جنب المنزلة.

= يااه... دا أحنا طلعنا جيران على كدا... أنا من دمياط... وأنا بقول الحلاوة دي كلها منين.

* مش أحلى منك يا ست حكمت.

= إيه ست حكمت دي... إحنا زمايل... ومن النهاردة هنبقى أصحاب... إنت تحية وأنا حكمت... إيه رأيك تيجي معايا النهاردة؟

* فين؟

= عندي تصوير فيلم سينما في الأستوديو.

* إنت بتعملي سيما؟

= أيوه عملت قبل كدا فيلم من أربع سنين اسمه «رمال في جهنم» بعيد عنك... هاهاهاها... والفيلم دا اسمه «الزواج» عارفه مين اللي بيخرجه فاطمة رشدي وأنا البطلة.

* فاطمة رشدي وإنت... لا خلاص لازم آجي اتفرج. أنا بحب السيما أوي.

دخلت تحية بلاتوه التصوير لتجد عالماً مختلفاً عن التياتروهات والكازينوهات، فقد دخلت البلاتوه وهي تحب السينما عن بعد، وخرجت منه وهي أكثر حباً لهذا العالم الغريب عليها. تمنت أن تدخله، فعلى رغم عشقها للرقص، إلا أنها شعرت بأن حباً دفيناً في داخلها للسينما، ولكن أين السبيل؟

من المؤكد أن الرقص كان البوابة التي عبرت منها حكمت فهمي إلى السينما، فلا بد من أن تثبت قدراتها كراقصة ويتردد اسمها على الألسن، لتكون جديرة بالوقوف أمام كاميرات السينما.

على رغم الزخم الفني في «كازينو بديعة» والعدد الكبير من الراقصات والمطربين والمونولوجيست، سرعان ما أصبح لتحية محمد حضور وجمهور ينتظر طلتها على خشبة المسرح. مع ذلك لم تكن تحية راضية عن نفسها. فهي لا تعرف كيف تعطي كل ما لديها من إحساس وقد شعر مدرب الرقص إيزاك بالأمر خصوصاً في التدريبات اليومية الصباحية، فحاول أن يعرف سر هذا الفتور الذي ينتاب راقصته الجديدة:

= تحية... أنا ليه يشوف أنت مش مبسوط؟ دايماً في حزن في عينيك.

* أبدا يا إيزاك... مفيش حاجة.

= لا تحية أنا مش كوروديا... أنا يعرف أنت من عينك. كمان أنا يشوف أنت يرقص وخلاص... مفيش مزاج.

* أقولك الحق يا إيزاك؟

= أكيد...

* أنا حاسه إنك بتدربني على نفس رقصات حكمت فهمي.

= أنت مش تطول تحية ترقص زي حكمت فهمي.

* أنا مش عايزة أطول حكمت فهمي يا إيزاك... أنا عايزة أطول تحية محمد.

= أنا مش يفهم أنت يقصد أيه.

* أقصد إني لما أطلع على المرسح الناس تشوف تحية... مش تشوف صورة من حكمت فهمي. إذا كانت الأصل موجودة الناس هاتعمل بيا أيه؟

= أنا فهمت... أنت حساس كتير تحية وهايكون لك شأن كبير.

* مش مهم كبير صغير... المهم أكون أنا مش حد تاني. عايزة أكون مميزة حتى لو كنت التانية أو حتى التالتة ولا الرابعة.

= مفهوم مفهوم تحية. بس دا يحتاج بيزات كتير... فلوس علشان أنت يعمل دا.

* عارفه إيزاك... عارفه.

لم يكن أمام تحية سوى الرضا بالأمر الواقع، ولو بشكل موقت، خصوصاً أنها لا تزال في بداية المشوار، وليس من المعقول واللائق أن تعلن التمرد على من أكرمت وفادتها واعتبرتها ابنة لها، حتى ولو كان التمرد جزءاً أصيلاً في شخصيتها. فراحت تنتظم في التدريبات اليومية، وتجتهد إلى حد كبير كي تكون مميزة، وإن كانت تشبه الأخريات، حتى بداية عام 1934، عندما طلبت بديعة مصابني منها أن تمر عليها في حجرة مكتبها بالكازينو بعد انتهاء فقرتها.

بدوية في السينما

شعرت تحية بقلق، لم تستطع أن تركز في فقرتها، بل تعمدت أن تطيل وقتها أكثر من الوقت المحدد لها يومياً، حتى أشار لها أنطوان عيسي، ابن شقيقة بديعة الذي تولى مسؤولية إدارة الكازينو ليحمل عن خالته عبء هذه المهمة، أن تنهي فقرتها وتنزل من على خشبة المسرح:

= إيه يا تحية؟ فيه إيه؟ أنت كررت الرقصة بتاعتك كذا مرة... لدرجة أنك أخدتِ وقت الفقرة اللي بعدك كلها. إنت كنت سرحانة ولا أيه؟

* بصراحة آه.

= أيوه كدا اعترفي.

* اعترف بأيه؟

= ماهو باين في عنيكي.

* هو إيه دا؟

= شكلك كدا فيه حب جديد.

* ولا قديم وحياتك... إنت باين عليك فايق يا سي أنطوان.

= أمال مالك ياتوحه... فيه حد مزعلك؟

* الست بديعة.

= مش ممكن دا أنا نفسي شكيت أنك بنتها مش جوجو... دي بتعاملك معاملة أحسن مننا كلنا. تزعلك إزاي؟

* أنا ماقلتش زعلتني... بس بعتت لي حد يقوللي أبقى أعدي عليها في أوضتها بعد ما أخلص. وبعدين وهي معدية لمحتها بتبص عليّ وشكلها كان متضايق. خايفة لأكون أنا اللي زعلتها في حاجة.

= خضتيني يا توحة... تعالي تعالي... يا خبر بفلوس... بعد خطوتين يبقى ببلاش.

بدلت تحية ملابسها، واتجهت إلى غرفة بديعة. وقفت مترددة خائفة، ثم طرقت الباب ودخلت. وجدت بديعة جالسةً خلف مكتب حجرتها، وأمامها رجل يبدو من ملامحه أنه غير مصري. تفحصها بعينيه من أسفل إلى أعلى وابتسم لها، فأشارت لها بديعة أن ترحب به:

= أهلا يا توحة تعالي... سلمي على الأستاذ توجو مزراحي.

* أهلا يا أستاذ.

ـ أهلا أهلا... إزيك يا توحة.

= عارفه الأستاذ توجو يا تحية؟

* لا محصليش الشرف.

= الأستاذ توجو مخرج سينماتوجراف أد الدنيا.

* اتشرفنا يا أستاذ.

= الأستاذ توجو جاي النهاردة علشان عايزك تشتغلي معاه في السيما.

* إيه؟ أنا... أنا أشتغل في السيما؟

= طبعا إنت مش شوية... إنت بتشتغلي في كازينو بديعة... وزي اللي قبلك ما خرجوا من كازينو بديعة ع السيما إنت كمان هتشتغلي في السيما.

* معقولة... أنا؟ في السيما؟

ـ شوفي يا تحية... ولا تحبي أقولك يا توحة زي الملكة ما بتقولك؟

* قول اللي يعجبك يا أستاذ.

ـ الفيلم اسمه «الدكتور فرحات» تأليفي وإخراجي... هو دور مش كبير أوي بس هيبقى بداية كويسة لك في السينما.

* مش مهم يا أستاذ... اللي تشوفه.

ـ الفيلم بطولة فوزي الجزايرلي وأخته إحسان... عارفاهم؟

* طبعاً... طبعاً

ـ ومعاكم أمينة محمد، خالة أمينة رزق، وزوز لبيب، وأحمد الحداد ومنيرة محمد... وناس تانية كتير.

راح توجو مزراحي يشرح طبيعة الدور الذي ستجسده تحية في فيلم «الدكتور فرحات» غير أنها لم تكن تسمع أي كلمة ينطق بها لأن خيالها سرح إلى عالم السينما والأضواء والكاميرات، العالم الذي طالما حلمت به. حان الوقت ليتحول الحلم إلى حقيقة وواقع. ما هي إلا خطوة وتدخل بقدميها هذا العالم، ليس من خلال الدور الذي تتمناه طبعاً، لكن ليس الأمر مهما الآن... فالمهم أن تدخل عالم السينما.

منذ اليوم الأول أثبتت تحية أنها خلقت للسينما، كأنها وقفت أمام الكاميرات في عشرات الأفلام سابقاً، لم تهب الكاميرا، جريئة كانت تنفذ تعليمات المخرج بحرفية، على رغم أن شعارها التمرد على كل شيء، غير خاضعة للإدارة والانقياد من الآخرين، غير أنها تريد أن تثبت قدميها في هذا العالم، فجاء وجودها في الفيلم، وليس دورها، مفاجأة للجميع عند عرضه في فبراير 1935.

تحية كاريوكا

انتظرت تحية بعد فيلم «الدكتور فرحات» أن تنهال عليها العروض السينمائية، غير أن ذلك لم يحدث، وأبت نفسها وكبرياؤها أن تطلب ذلك أو أن تطرق أبواب المخرجين والمنتجين مثلما يفعل البعض، كل ما حدث أنه رفع أجرها في كازينو بديعة ليصل راتبها الشهري إلى 40 جنيهاً، فلم تجد أمامها سوى التركيز في عملها في الرقص. كانت غير راضية عما تقدمه من رقصات تشبه العروض في «الكازينو». فوجئت بمدرب الرقص إيزاك ديكسون يدخل عليها في كازينو بديعة، وهو مقطوع النفس، كأنه كان يجري:

= تحية... كويس إني لاقيتك. أنا عاوزك ضروري. مفاجأة مفاجأة.

* أهدأ يا إيزاك. خد نفسك... خد نفسك.

= مش قادر أصبر. لقيتها تحية لقيتها.

* مين دي اللي لقيتها؟

= الرقصة اللي أنت عايزاها... الرقصة اللي هتعمل اسم تحية محمد من جديد... رقصة جديدة مفيش حد في الشرق كله يعرفها. هتبقى بتاعتك أنت تحية... هتبقى باسمك.

* بجد إيزاك؟ بجد؟ جبتها منين ولا جاتلك إزاي؟

= أنا لسه جاي دلوقت من السينما... كنت بشوف فيلم أميركي اسمه «فلاينج داون تو ريو(FLYING DOWN TO RIO) بتاع جبنجر روجرز وفريد أستر وجينا ريموند وراؤول رولين.

* والرقصة دي شفتها في الفيلم؟

= بالظبط كدا... رقصة اسمها «كاريوكا» بس هتبقى قنبلة تحية... قنبلة. نبدأ التدريب عليها من بكرة... لا من النهاردة... بس المهم لازم يكون عندك بدلة رقص جديدة... تصميمها عندي هنا في دماغي.

* أيوا إيزاك... بس أنا معنديش فلوس أديك وكمان معنديش فلوس أشتري البدلة دي.

= شوفي تحية... أنت أرتيست حقيقي ودماغك شغال طول الوقت... وبتدور إزاي يطور نفسه... أنت مش خسارة فيك أي شيء. أنا أدربك على الرقصة وميمي تفصل لك البدلة... بعدين لما يكون فيه فلوس أنت تدفع.

نجح الإسباني العجوز إيزاك ديسكون في استلهام رقصة «الكاريوكا» المستوحاة من التراث الشعبي البرازيلي والتي كانت قد عرضت في الفيلم الأميركي في دور السينما المصرية... وما إن ظهرت تحية في هذه الرقصة حتى ألهبت أيدي جمهور «كازينو بديعة» من التصفيق وأغلق الستار، وفوجئت بالجمهور يهتف: كاريوكا... كاريوكا... كاريوكا.

ركضت تحية إلى حجرتها ودموعها لا تتوقف من الفرح، فقد وجدت ما كانت تبحث عنه منذ وطأت قدماها «كازينو بديعة» وجدت نفسها وتميزها، ليس لتكون الأولى، بل لتكون نفسها. وقفت أمام المرآة تراقب دموع الفرح، وتهنئ نفسها بالعثور على «نفسها». وإذ ببديعة تفتح عليها الحجرة من دون أن تطرق الباب، نظرت إليها، ارتمت في أحضانها، ربتت على كتفها:

= مش وقته... بعدين نقعد نعيط ونفرح سوا. المهم دلوقت الجمهور هيكسر الصالة... عمال يهتف ويقول «كاريوكا» عايزك تاني... يلا يا «كاريوكا»... اطلعي لجمهورك.

عادت تحية إلى المسرح. في تلك الليلة قدمت الرقصة ثلاث مرات. كان الجمهور في كل مرة يطلبها باسم «كاريوكا» لتنال اسمها بذلك من أفواه المعجبين بفنها... بعد أن أصرت على أن تكون لها رقصتها الخاصة دون سائر الراقصات في كازينو بديعة مصابني، كان لها ما أرادت بفضل العجوز الإسباني، لتفوز بالتميز، وباسم جديد من صنعتها هي وبقدراتها الخاصة... وكان ذلك أول اعتراف رسمي باستقلالها وتحررها قبل بداية رحلتها الأهم، التي لم تغب يوماً عن تفكيرها، وهي تحرير الرقص المصري من الأجنبيات لتكون بذلك أول راقصة مصرية تحمل اسم إحدى الرقصات «تحية كاريوكا».

(البقية في الحلقة المقبلة)

معاملة خاصة

حرصاً من بديعة على الراقصات اللاتي يعملن لديها في التياترو، استأجرت حجرات ثابتة لهن في أحد الفنادق الصغيرة التي تسمى «البانسيونات» في منطقة العتبة، القريبة من ميدان «إبراهيم باشا» (ميدان الأوبرا) فما أن ينتهي عملهن يومياً حتى يقوم أحد العاملين في التياترو، وقد خصصته بديعة لذلك، باصطحابهن إلى «البانسيون» ويتأكد أن كلاً منهن دخلت حجرتها، ثم يقوم بالرحلة نفسها في الصباح لإعادتهن إلى التياترو.

في المساء استدعى مدير التياترو تحية ليصحبها مع بقية الراقصات إلى «البانسيون» فرفضت بديعة، ونظرت إليها تحية وهي في دهشة من أمرها:

= لا سيب تحية يا مصطفى مش هاتروح وياهم.

* ليه يا ست الكل... أمال هانسيبها تسكن لوحدها؟

= لا مش هاتسكن لوحدها. خدهم أنت بس وروح يلا. وأنت تعالي معايا يا توحة.

* هاروح فين دلوقت يا ست بديعة... أحنا بعد نص الليل؟

= يا بت أنت زي «جوجو» بنتي مش هاسيبك لوحدك... أنت تعيشي معايا في بيتي. نيجي سوا أنا وأنت وجوجو... ونروح سوا.

* أنا مش عارفة أقولك إيه... أنت... أنت أجمل وأحن أم في الدنيا.

= أيوه بس أنا مش كبيرة كدا مايغركيش إن جوجو كبيرة. أنا مخلفاها وأنا عندي أتناشر سنة... لكن أنت آخر العنقود... آخر عنقود الرقص.

انتظمت تحية في التدريبات مع إيزاك مدرب الرقص، فأظهرت براعة فائقة في التعلم وحفظ كل ما يقدمه لها من حركات جديدة لم تعهدها، حتى إنها خلال أيام كانت جاهزة تماماً، بدرجة أذهلت بديعة مصابني، بل إنها أذهلت إيزاك نفسه، فكان لا بد من الإعلان عن وجود راقصة جديدة في تياترو بديعة، فاستقبلها الجمهور استقبالاً طمأن بديعة على حسن اختيارها وتحمسها لتحية التي شعرت أنها وضعت قدميها على بداية الطريق، وإن كان هناك ما أحزنها:

= إيه إللي مزعلك يا توحة؟

* مفيش حاجة يا ست بديعة.

= لا لا دا فيه حاجة مهمة خلت القمر زعلان.

* أصل... أصل.

= أصل إيه ما تقولي؟

* أصل زعلت لما شوفت أسامي كل الناس إللي بيشتغلوا في التياترو مكتوبة في الإعلان إللي بره إلا أنا.

= مش صحيح... دا أنت اسمك موجود بعد اسم حكمت فهمي.

* لا مش موجود... أنا بصيت وأنا داخلة ملقتش اسم بدوية.

= ومين قال إننا كاتبين بدوية؟ أنت يظهر عليك نسيتي ولسه مش متعودة على تحية محمد.

* يوه يقطعني نسيت والنبي... حقك عليا يا ست الكل.

back to top