أيقونة التمرد : تحية كاريوكا... شاطئ الأسرار 1

نشر في 20-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 20-07-2012 | 00:01
رغم أن «آه يا بلد آه» هو فيلم تحية كاريوكا الرابع في 1986، من بين سبعة أفلام قدمتها خلال هذا العام، والثامن بعد المئة من بين 117 فيلماً على مدار تاريخها السينمائي الذي بدأ منذ عام 1935، فإنه يمثل محطة سينمائية مهمة بالنسبة إليها لما يحمله من قيمة، ليست فنية فحسب، بل والأهم قيمة إنسانية، لما حققه من تماس مباشر مع تحية الفنانة والإنسانة أيضاً.

شعرت تحية كاريوكا بحجم المشاعر والأحاسيس التي تغلف دورها في «آه يا بلد آه»، والتي قد تنكأ جرحاً عميقاً في داخلها، ومع ذلك وافقت، بل وأصرت عليه، على رغم أن عدد مشاهده تعد على أصابع اليد الواحدة، وراحت تترقب اليوم الذي ستؤدي فيه هذه المشاهد، منذ أن أرسل لها المخرج حسين كمال السيناريو، الذي كتبه سعد الدين وهبة، للقيام بدور «السنيورة» أمام فريد شوقي وحسين فهمي وليلى علوي.

خلاصة التجربة

في موقع التصوير داخل استوديو مصر، راح العمال يجهزون كل شيء لعدد من المشاهد الداخلية التي ستصوَّر في ذلك اليوم. عمال الديكور، أجهزة الصوت، عمال الإضاءة والفنيون يضبطون الإضاءة مع مدير التصوير كمال كريم... كأنهم في خلية نحل. الجميع في حالة انتباه انتظاراً لإشارة البدء من قائد العمل. المخرج حسين كمال، الذي أتى إلى التصوير متأخراً عن موعده على غير العادة، ظهر مقطب الجبين، تبدو عليه علامات القلق والتوتر واضحة. كان صامتاً لا يشيع أجواء من البهجة والسعادة حوله كما تعود منه جميع العاملين معه، ما لفت أنظار كل الموجودين في الأستوديو، وعلى رأسهم مدير التصوير كمال كريم الذي كان قد وصل حد التفاهم بينهما إلى مجرد «نظرة العين».

لم يعتد الفنيون هذه الأجواء في بلاتوه حسين كمال، فشعر كمال كريم بأن ثمة أمراً ما يشغله، خصوصاً عندما بدأ التوتر والقلق ينتقلان إلى كل الموجودين في «البلاتوه»، فاقترب منه:

= إيه يا أستاذ. مالك شكلك متغير؟ مش عوايدك.

* معلش يا كريم متوتر شويه.

= أيوا باين عليك لدرجة أن كل البلاتوه حس بك واتنقل له توترك.

* أيوه يا حبيبي... حاول تفك الجو شويه.

= أيوه إيه السبب؟

* المشاهد اللي هنصورها النهارده عاملة لي توتر وقلق غير طبيعي.

= ليه؟ بالعكس دا من أجمل مشاهد الفيلم... واحنا الحمد لله محضرين لها كويس أوي.

* عارف يا كريم. حاسس إن المشاهد دي بالذات اللي مدتها سبع تمن دقايق على الشاشة. بتلخص حاجات كتير أوي في تاريخ فريد شوقي وتحية كاريوكا. البني آدمين قبل الفنانين وحبيب قلبي سعد وهبة كاتبها بحرفيه عاليه أوي... قايل حاجات كتير لدرجة وأنا قاعد بتخيل المشاهد هتتعمل إزاي.. تخيل حسيت بإيه؟

= حسيت بإيه؟

* حسيت كأني بجيب فريد شوقي وتحية كاريوكا وبعريهم قدام الكاميرا... بجردهم من كل هدومهم... ومن ساعتها وأنا متوتر وقلقان جدا هما هيعملوا المشاهد دي إزاي؟

= ياه.. إحساس غريب أوي؟

* ومش ممكن أتصور أن حد غير فريد وتحية كان ممكن يعملوا الدور دا.. ويقولوا الكلام اللي مكتوب في الحوار دا... بالمناسبة قوللي هما وصلوا.

= أيوه الاتنين وصلوا من بدري وكل واحد في أوضته معاه الماكيير بتاعه... وبلغوني من شويه أنهم جاهزين.

«السنيورة»

خرج فريد شوقي وتحية كاريوكا من حجرتيهما، بعد أن سلم كل منهما وجهه ورأسه لخبير الماكياج لأكثر من ثلاث ساعات، فبدت ملامحهما مختلفة غير مألوفة، خصوصاً وهي المرة الأولى التي يتخلى فيها شوقي عن الشعر المستعار منذ أن ظهر من دونه في الأربعينيات كوجه جديد، فيما أخفت كاريوكا شعرها الحقيقي بشعر مستعار لتخفي آثار الزمن، واتخذ كل منهما مكانه أمام الكاميرا، وصاح حسين كمال: «حركة... دور».

ملهى ليلي يحتفل رواده بليلة رأس السنه الميلادية، فيما تقف بينهم «السنيورة» (اسم الشخصية التي تجسدها تحية كاريوكا في الفيلم). يدخل «أيوب» (فريد شوقي) الذي استعد لحضور حفلة ليلة رأس السنه الميلادية، في أحد الملاهي الليلية، فاستخدم «قلم أسود» لصبغ الشعر الأبيض في رأسه. يدخل الملهى لتفاجأ به «السنيورة»، يضيق كل منهما عينيه ليتمكن من التعرف إلى الآخر:

* مين... أيوب!! تصدق ماعرفتكش. تعال... تعال.

= السنيورة... إيه الحلاوة دي كلها.

* ما تكسفنيش أمال... دول شوية بوية.

= اوعي تقولي كدا... البويه هي القطرة اللي بنحطها في عنين العمي علشان يشوفونا... دا انت الشباب بينط من عنيكي يا قمر.

* شباب!! شباب إيه يا أيوب ما راح.

= ماراحش دا انت فيكي شباب لو اتوزع على نسوان البر كله... يعيشوا شباب ويموتوا شباب.

* مش أوي كدا.

= الليله راس السنة.

* هابي نيو يير.

= هابي نيو يير... النهارده سنة جديدة. اسمعي أنا حطيت السنين اللي فاتت كلها في صندوق. وقفلت عليها ورميت المفتاح في البحر... احنا ولاد النهارده. لا وولاد بكره كمان.

* سنة جديدة إيه. اللي تعرفه أحسن من اللي ماتعرفوش.

= إلا في الزمن.

* كل سنة بنقول السنة الجاية أحسن... بتيجي ألعن من اللي فاتت.

= اللي جاي أحسن وبكره تشوفي.

* بكره!! عارف انا بحب الشمبانيا ليه... علشان لما بنملى الكاس بيبقى مليان... وبعد شويه بينقص ويفضل شويه في القعر... زي الزمن.

= سنيورة... يو دانس وز مي؟

قام أيوب يراقص السنيورة، يشاهد فتاة ليل يتفق معها على تمضية بقية السهرة معها. في المشهد التالي يخرج أيوب ليذهب إلى الفتاة... يفاجأ بهطول المطر الذي يذيب صبغة القلم الأسود التي وضعها على ما تبقى من شعره... فتتساقط قطراتها على وجهه وقميصه.

في المشهد التالي، يصل أيوب إلى الفندق حيث تنتظره الفتاة. تراه، فتصاب بنوبة هيستيرية من الضحك. ينظر أيوب إلى نفسه في المرآة، فيرى ما فعلته الأمطار في صبغة شعره. يكتشف حقيقة عمره... يخرج هارباً على وعد منه للفتاة بالعودة.

في المشهد الرابع، يعود أيوب إلى الملهى وقد انفض كل زبائنه، تجلس «السنيورة» تضع يدها على خدها كأنها كانت في انتظار عودته. يدخل أيوب يجر قدميه، ينتقل من منطقة مظلمة بدا فيها كأنه شبح آت من الماضي، تتضح ملامحه... تلتفت «السنيورة» إليه وتبتسم:

* حمد لله على السلامة.

= انت لسه فاتحه لغاية دلوقت؟

* مستنياك.

= كنت عارفه اني راجع تاني؟

* هتروح فين من أيامك... تعال تعال اغسل وشك يا أيوب.

= طول عمرك حنينه يا سنيورة.

يصيح حسين كمال «كات»، ويبدأ التحضير لبقية المشهد بعد أن يكون أيوب غسل وجهه وقد جلسا يتناولان العشاء ويشربان:

= عارفه يا سنيورة أنا لو في أيديا مليون جنيه اعمل بيهم إيه؟

* تعمل إيه؟

= كنت اشتري بيهم ويسكي وأملا البانيو وأقعد أشرب وأشرب وأبلبط... أشرب وأبلبط... هاهاهاها... وإنت لو إدوكي مليون جنيه تعملي بيهم إيه؟

تنظر «السنيورة» وقد تغيرت ملامح وجهها من السعادة إلى الضيق والحزن:

* ولا ألف مليون جنيه يرجعولي اللي راح.

= سيبك... أنا الملك... وأنت الملكة.

تتناول السنيورة «طربوشا» من بقايا الاحتفال وتضعه فوق رأس أيوب، فيتناول أيوب «طربوشا» آخر يحاول أن يضعه على رأس السنيورة، فيسقط عن رأسها الشعر المستعار، وهنا صاح المخرج حسين كمال:

ـ ستوب.

* ليه يا حسين فيه إيه؟ ما الدنيا ماشيه كويسه.

ـ البروكة وقعت من على راسك يا حبيبة قلبي!

* وإيه يعني يا جدع ما تقع. وبعدين أنا اللي مش مثبتاها كويس علشان تقع... لأني عايزاها تقع في المشهد دا. ويبان شعري الحقيقي شكله إيه... «السنيورة» لازم تبقى كدا لأن المفروض إن سعد وهبة كاتب المشهد دا ويقصد بيه أن السنيورة وأيوب بيتعروا وبيقولوا كل اللي جواهم علشان يطهروا نفسهم. زي ما المطر نزل وسيح الألوان اللي ملون بيها أيوب راسه علشان يداري الصلعه... لازم بروكة السنيورة تقع هي كمان. والحوار هيكمل اللحظة دي كأنهم اتغسلوا... أنا فهمت كدا.

ـ مدام تحية... أنا لو قعدت عشرين سنة أفكر إزاي بحركة بسيطة زي حركة البروكة، أكمل لحظة التطهير دي. مش هاقدر أفكر في اللي انت عملتيه دا.. ولا أجرؤ أطلبه منك.

* تجرؤ إيه يا بني. دا شغل... والمفروض انك تعمل اللي لازم يتعمل.

استكمل حسين كمال تصوير بقية المشهد، وتمت إعادته مع تثبيت حركة سقوط الشعر المستعار من فوق رأس «السنيورة»، ثم تبع الحركة استكمال بقية الحوار في المشهد، حيث يجري أيوب ويمسك بكشاف إضاءة ويسلطه على «السنيورة»:

= ودلوقت الملكة لازم ترقص للملك. قومي ارقصي... ارقصي... قومي ارقصي.

تتحرك «السنيورة» بصعوبة وقد تحولت ملامح وجهها المرحة، إلى علامات ضيق وحزن... تحاول أن تهز جسدها الممتلئ فلا تستطيع:

* ماقدرش... ماقدرش.

= خلاص نغني... نغني... يا عزيز يا عزيز كوبة تاخد الإنجليز.

* ياعزيز عيني أنا بدي أروح بلدي.

= الجلاء التام أو الموت الزؤام..

* سالمة يا سلامة... رحنا وجينا بالسلامة.

= يحيا سعد... يحيا سعد.

* وقولوا لعين الشمس ما تحماشي.

= يعيش ملك مصر والسودان

* ملك البلاد يازين... يا فاروق يا نور العين. يا أبو وردة ع الخدين. يا ملكنا وتعيش لينا.

= بالاتحاد والنظام والعمل. ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعمار.

* الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر فوق كيد المعتدي.

= تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس شركة مساهمة مصرية.

* قلنا هانبني وآدي احنا بنينا السعد العالي. يا استعمار بنيناه بايدينا السد العالي.

= الجمهورية العربية المتحدة.

* وحدة ما يغلبها غلاب... وحدة من الباب للباب

في المشهد لخصت السنيورة، ومعها أيوب، تاريخ مصر النضالي في العصر الحديث، منذ ثورة 1919 حتى حرب أكتوبر. انتهى المشهد، صفق لهما جميع من في الأستوديو بحرارة بالغة، وعلى رأسهم المخرج حسين كمال، ومدير التصوير كمال كريم.

شبح الزمن

مالت تحية كاريوكا وتناولت «الشعر المستعار» بيدها، غير أنها لم تضعه على رأسها. ظلت ممسكة به في يدها وراحت تجر رجليها إلى غرفتها في موقع التصوير... أسرعت الخطى لأن دموعها كانت أسرع، ولم تشأ أن يرى أحد دموعها لأنها قوية، واعتاد الجميع أن يراها قوية مهما مرت عليها أحداث أو ظروف صعبة. لا بد من أن تكون أمام كل من حولها قوية متماسكة.

في غرفتها اختلت بنفسها، سمحت لدموعها بأن تسيل... نظرت في المرآة، كأنها تنبهت فجأة إلى مرور كل هذه السنوات، منذ عشرينيات القرن إلى اللحظة.

لم تكن دموعها تسيل ندماً أو خوفاً من الزمن، ولا لأنها لم تتعرف في المرآة إلى تحية، بل جاءت دموعها لتذكرها بأنها لا تزال تحيا، لا تزال قادرة على العطاء، لا تزال غير مستسلمة، لا تزال تحية كاريوكا التي عاشت حياة مليئة بالحياة والفن والسياسة... حياة خلدت «الأيقونة» التي ترمز لكل ما هو صادق وعفوي وشامخ.

على رغم هذه السنوات كافة ظلت تحية الفنانة هي تحية الإنسانة... أخذت من النهر عذوبته ومن البحر عنفوانه وثورته حين غضبه، تحب بعنف وتواجه بعنف وتمنح بسخاء! تتعايش مع الشخصيات ولا تمثلها، لذا يصدقها الناس أمام الكاميرا وبعيداً عنها... لأنها لا تلون وجهها كما لا تلون نفسها وإحساسها، تحدت القهر وكانت رمزاً لمجتمع كامل مارس سلطة القهر على نسائه وقسوته على رجاله، غير أنها وثقت من نفسها ومن قدراتها، فانتزعت الإعجاب من النخبة قبل الجمهور العريض. اتفق الجميع على شخصيتها، على شموخها وعبقريتها، على فنها الصادق ووطنيتها المخلصة... اتفق الجميع على أن تكون «الأيقونة» التي تشهد على جزء عزيز من تاريخ مصر المعاصر.

اكتشفت تحية أن الزمن ترك آثاره الواضحة عليها، استطاع أن يغير من ملامح وجهها، ويشيب شعر رأسها، وبدا التغير واضحاً على جسدها الذي ترهل، غير أنه لم يستطع أن يغير من روحها أو نفسها... فلاتزال كما هي تحية، أو إن صح التعبير «بدوية»... ابنة «الإسماعيلية».

فجأة تحولت المرآة أمامها إلى شاشة عرض سينمائي، لم تعد ترى فيها صورتها، بل رأت أمواجاً هادئة، تسلم الموجة نفسها إلى الأخرى، عند «شط القنال»، قناة السويس التي ترى تحية في نفسها صورة منها، فقد صنعها المصريون، وصارت جزءاً عزيزاً منهم... مكانها عند الرأس، تطل شامخة معتدة بنفسها، شاهدة على التاريخ تماماً كما تحية.

«ابنة القناة»

ما إن تم حفر القناة ودبت الحياة في الشريان، حتى بدأت الحياة تنمو على الضفتين، الشرقية والغربية للقناة، وبدأت الهجرات في تزايد نحو المدينة الجديدة التي أطلقوا عليها «الإسماعيلية» تيمناً بالخديو إسماعيل، الذي افتتحت القناة في عهده. كان من بين الذين نزحوا في البدايات «أبو العلا النيداني» الذي أتى من مديرية الشرقية بحثاً عن سعة الرزق في المدينة الجديدة، فاستقر به الحال واتسعت تجارته ونمت عائلته، ليترك من بعده حياة وتجارة مستقرتين لأبنائه، لتكون المدينة الجديدة وطناً جديداً لهم، تحديداً في شارع الثلاثيني بحي العرب بمدينة الإسماعيلية، ذلك الشارع الذي يمتد بعرض 30 مترا، ليس ليفصل بين منطقتي «العرب والأفرنج» في المدينة فحسب، بل الأهم أنه يفصل بين طبقتين، هما العرب أو المصريون أولاد البلد الذين جاؤوا من بعض مدن مصر لتعمير المدينة الجديدة، والأجانب الذين أطلق عليهم أهالي المدينة «الأفرنج» وهم طبقة الأجانب من الفرنسيين والإنكليز واليونانيين والإيطاليين، الذين يعملون في هيئة قناة السويس، ويقوم معظم سكان حي العرب بخدمتهم وتلبية احتياجاتهم.

لم يرث محمد علي ابن كريم أبو العلا النيداني حب والده لتجارته، بقدر ما ورث عنه حب النساء وكثرة الزيجات. فقد عشق البحر والتنقل بين موانيه ليمضي وقته بعيداً عن الأهل والوطن، فاستغل ذلك في اتساع نشاطه وتجارته. غير أنه ما إن حل محل والده وأصبح المسؤول عن التجارة والمحلات حتى راح يبدل النساء كما يبدل ملابسه، خصوصلً بعدما نقل تجارته إلى البحر، فلا يحط بميناء داخل مصر أو خارجها حتى يختار زوجة من هذا الميناء أو ذاك، لدرجة أنه طلق زوجته السادسة ضمن زيجاته المتعددة، التي كانت من أصل يوناني، بعدها قرر أداء فريضة الحج، ليبقى على ذمته ثلاث نساء فقط. غير أنه وبمجرد عودته من الأراضي الحجازية، قام بزيارة صديق له في بلدة «المطرية» بالقرب من «بحيرة المنزلة» التابعة لمحافظة الدقهلية.

انتهت الزيارة، غير أن علاقته بالمدينة لم تنته، فقد وقعت عيناه على فتاة جميلة سرعان ما وقع أسير جمالها:

* اسمك إيه يا عروسة؟

= ليه... وانت مين علشان تسألني عن اسمي؟

* أنا محمد علي أبو العلا النيداني.

= انا مسألتكش عن اسمك... أنا بقولك تطلع مين علشان تسألني عن اسمي.

* أنا اللي وقعت أسير عنيكي السود دول.

= لا اسمع... أنا أجننك... أنا اعفرتك... أنت ما تعرفنيش.

* يا سلام. هو دا... ما هو أنا عايز اتعرف.

= انت فاكرني إيه... انا بنت عيلة... أنا بنت فاميليا.

* وأنا مش عايز أكتر من اسم الفاميليا... لأني طالب الحلال.

تقدم محمد علي كريم لخطبة «فاطمة الزهراء» ليكون ترتيبها السابعة بين زيجاته، ولم يكن أمام أسرة الفتاة البسيطة، إلا الموافقة على زواج ابنتهم من هذا التاجر الثري لتنتقل إلى العيش معه في الإسماعيلية.

بقدر رضا فاطمة الزهراء بزواجها من رجل يكبرها بما يزيد على 20 عاماً، بقدر صدمتها أن وجدت له أبناء ذكوراً وإناثاً من زيجاته السابقة يقتربون منها في العمر، لكنها وجدت نفسها أمام الأمر الواقع، خصوصاً بعدما وصلت إلى مسامعها مغامراته وحبه للنساء وكثرة الزواج. لكنها قبل أن تفكر في الفرار من قبضته بطلب الطلاق، قبل أن يأتي عليها الدور ويلقي بها كما سبق وألقى بغيرها، شعرت بجنين يتحرك في أحشائها:

* يعني انت مستعجلة أوي على الخِلفة.

= هو بأيدي... دي حاجة بتاعة ربنا يا حاج محمد.

* ويا ترى بقى عايزه ولد ولا بنت؟

= انت نفسك في إيه؟

* إن كان عليّ... أنا عندي الولاد والبنات.

= علشان كدا مش عايز خِلفة.

* مش القصد... غايته... أهو كله بتاع ربنا. بس أنا حاسس أنه ولد... لاني حلمت بشيخ العرب «السيد البدوي» جاني في المنام وادانى لفة علشان كدا حاسس أنك هاتجيبي ولد... ولو حصل نسميه «البدوي».

= طب ولو جت بنت؟

* بنت!! ومالو... لو جت بنت تبقى بدوية... وأهو كله من ريحة شيخ العرب... مدد.

(البقية في الحلقة المقبلة)

back to top